واحتواءها وتقديم الإغراءات لها ,لكنها فشلت , لأن هذه الثورة لها عقيدة راسخة وأهداف واضحة وهي جاءت رداً على الظلم والاستغلال والاستعباد وتستند إلى القيم الإسلامية الحقيقية , ولقد قطع الاستعمار الغربي الأمل باستقطابها بعد أن أسقطت العلم الصهيوني عن السفارة الإسرائيلية واستبدلته بالعلم الفلسطيني وبعد أن أعلن قائد الثورة أن أميركا هي الشيطان الأكبر , وأنه سيدعم القوى المقاومة للاستعمار وخاصة الشعب الفلسطيني , منذ ذلك الحين بدأت الاستخبارات الامبريالية الغربية والصهيونية العالمية تدبر المؤامرات والخطط للنيل من الثورة ومحاولة إجهاضها ومحاصرتها سياسياً واقتصاديا وعسكرياً وشن الحملات الإعلامية لتشويه الثورة وأهدافها ومحاولة إثارة الفتن في الداخل ومع دول الجوار تحت ذرائع واهية وكاذبة. فكما نعلم حرّكت أتباعها في الداخل تحت لافتة الإصلاح والإصلاحيين , إلى جانب العصابات المسلحة التي أخذت تفجر وتقتل القيادات والعلماء لكنها فشلت نتيجة التلاحم بين الثورة والشعب وحكمة القيادة الإيرانية وتنبهها لما يحاك ضدها , ثم فتحوا ما يسمى ملف إيران النووي , بحجة سعيها لامتلاك أسلحة نووية , وهذا ضمن الخطة الامبريالية لمنع أي دولة في بلدان العالم النامي من امتلاك التكنولوجيا المتطورة وخاصة الدول المعادية للاستعمار والصهيونية في المنطقة وهي بهذا تضرب عصفورين بحجر واحد , فهي تبقي هذه الدول ضعيفة , تابعة , مهددة بأمنها القومي من جهة , وتمنع عنها إمكانية تحقيق التنمية الحقيقية لأن امتلاك الطاقة النووية يفتح المجال للتقدم العلمي في المجالات المختلفة الاقتصادية والطبية والعلمية والتقنية وغيرها .
واستمرت المواجهة تزداد سخونة تارة وتبرد تارة أخرى بحسب الأوضاع الدولية وخاصة مع احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الغربيين , حيث تركز الجهد الأمريكي على تدمير العراق والقضاء على نظامه وعلمائه وجيشه وقوته العلمية الناهضة لكن المقاومة العراقية أسقطت الاحتلال وكلفته ثمناً باهضاً ما دفعه ليخرج ذليلاً من العراق مخلفاً وراءه جرائم لن ينساها الشعب العراقي مدى الدهر . ومع استمرار القادة الأمريكيين وحلفائهم الصهاينة في ركوب رأسهم لتحقيق ما يسمى الشرق الأوسط الجديد على الطريقة الأمريكية , ولم يقتنعوا بعد باستحالة تحقيقه وان معادلات جديدة قد قامت على الأرض وهي ذات وزن كبير وتمثل سداً منيعاً في وجه هذا المشروع , وأصبحت قوة ضاربة لا تستطيع أدواتهم المقطوعة الجذور مجابهتها , لأنها تستند إلى قلة وعي شعوب هذه المنطقة بالدور الخبيث الذي تمارسه القوى الاستعمارية وأدواتها العفنة , هذا الوعي الشعبي المستند على المقاومة الباسلة القوية التي أضحت حقيقة راسخة وحققت إنجازات وانتصارات كبيرة على الأرض في لبنان والعراق وفلسطين وأصبح لها قاعدة تصونها وتحميها في سورية وإيران بحيث يمكننا القول إن هناك محور المقاومة الذي يمتد من بيروت لطهران والذي ستكون العراق إحدى ركائزه في المستقبل هذا الأمر أطار النوم من عيون الطامعين في المنطقة كما دب الهلع في أصحاب العروش والكروش الحارسة للمصالح الغربية والسارقة لثروات شعوب المنطقة ما دعاهم ليرفعوا من درجة المواجهة التي بلغت أعلى حرارة لها في المواجهة مع النظام المقاوم في سورية وإيران من خلال فتح ملفات التآمر دفعة واحدة , فحركوا مستوطناتهم في سورية بحجة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , مع تهمة امتلاك سورية لأسلحة الدمار الشامل وأسلحة نووية وهي الكذبة نفسها التي أطلقوها على ليبيا والعراق وعلى إيران , وحاولوا اللعب على كل الحبال لكن قيادة القوى المقاومة في إيران وسورية ولبنان أفشلتهم وقطعت كل الحبال التي لعبوا عليها فانتقلوا إلى استخدام أقذر أسلحتهم وهي سلاح الفتنة والطائفية واللعب على الصراعات العرقية فاتهموا إيران بمحاولة السيطرة على دول الخليج العربي وأنها تسعى لإقامة محور شيعي في المنطقة وفي سبيل ذلك استنفروا أدواتهم في المنطقة واستطاعوا استثمار الطموح التركي للعودة للعب دور السلطنة في المنطقة من منطلق ديني فادخلوها في الصراع مع سورية لتدمير النظام المقاوم فيها مستغلة أقذر الأساليب بدعمها المجرمين والقتلة لضرب القدرات الوطنية السورية العلمية والعسكرية والطاقات والاقتصادية وغيرها وفي سبيل محاصرة إيران وروسيا تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز قواعدها العسكرية في المنطقة المزروعة في دويلات الخليج العربي والتي ستعززها بالدرع الصاروخية في تركيا والتي تهدد الأمن القومي الإيراني والروسي ودول المنطقة كلها ويعزز القوة الإسرائيلية حيث إن نشر الرادارات في تركيا سوف يرصد الساحة الإيرانية بشكل دقيق ويمكنها من اعتراض الصواريخ الإيرانية التي تبلغ مداها 2000كم, لكون هذه الرادارات ترصد الصواريخ على بعد 4000كم ,وهذا ما دفع إيران إلى اعتبار أن نشر الدرع الصاروخية على الأراضي التركية يمثل مؤامرة أمريكية لحماية «إسرائيل» من أي هجوم مضاد إذا شنت «إسرائيل» هجوماً على منشآت إيران النووية كما يمثل تواطؤا بين تركيا والغرب و:إسرائيل» لمحاصرة بعض دول المنطقة وتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي ,
إن المنطقة مقبلة على كل الاحتمالات , وخاصة في ظل قيادة أمريكية مستلبة للصهاينة , وفي ظل قيادات عربية مرتهنة , وفي ظل عودة النزعة الاستعمارية لتركيا , وفي ظل واقع عربي ممزق وقوة صهيونية متصاعدة . كل ذلك إلى جانب تماسك وتنامي قوى المقاومة وازدياد الوعي الشعبي بأهميتها واتساع نطاقها وفشل كل المراهنين على تفتيتها وهي اليوم تملك قوة رادعة تستطيع إذا ما تهور أصحاب الرؤوس الحامية في الكيان الصهيوني وواشنطن الإقدام على أي عمل عسكري ستجعل منه حماقة ومقبرة تضع الكيان الصهيوني وقواعد أميركا وأنظمتها العميلة في موضع الشك في الاستمرار على خريطة المنطقة فالأذى لن يحيق بالقوى المعتدى عليها فقط بل سيعم كل دول المنطقة بل العالم بأسره وقد يقود إلى كارثة مدمرة للبشرية يمكن معرفة بدايتها ولا يمكن التنبؤ بنتائجها , فهل يبادر عقلاء البشرية والقوى الحريصة على السلم العالمي والعدل إلى لجم هذه القوى المتوحشة التي باتت تهدد البشرية بالفناء؟ .