والحادثة الشهيرة التي جعلته يلوذ بالشعر، معتزلاً العمل السياسي.. تتلخّص بمحاولته الدفاع عن عمال قاموا بتحطيم آليات.
كان كتب خطاباً بلغة متقنة يعارض فيه مرسوم مجلس العموم البريطاني القاضي بإعدام العمال.. ألقاه على مسامع أعضاء مجلس اللوردات الذين أُعجبوا ببلاغته لكنهم أسكتوه و اعتبروه غير ناضج على المستوى السياسي.
ردة فعله الأولى تمثلت بهجرانه المجلس و لجوئه إلى الشعر سبيلاً و أداةً في التعبير عن أفكاره.
وبعد فترة وجيزة تبدّت ردة فعله الأقوى بإصداره للنشيدين الأول والثاني من كتابه (أسفار تشايلد هارولد) الذي نفدت طبعته الأولى خلال ثلاثة أيام، وهو ما أقنعه بصوابية اختياره الشعر طريقاً أمضى من طريق السياسة.
اُمتدحت الأشعار وكانت سبباً في شهرة فتحت الكثير من الأبواب أمام بايرون.. أحدها كان باب المغامرات العشقية.. التي أقبل عليها بنهم أيروتيكي لايُنكر عنه.
تتعدّد صفات شخصية مثل اللورد بايرون.. الشاعر الانكليزي الأبرز الذي أصاب شهرةً و هو على قيد الحياة.
ولعل أهم الصفات، دونجوانية كانت قرينة واضحة لشخصيته الشعرية الرومانسية.. وحبّه الواضح ليس فقط لمغامراته مع النساء إنما لمغامرات الرحلات والتنقلات في كثير من بلدان أوروبا الشرقية.
مابين (1809 - 1811 م) توجّه إلى ألبانيا واليونان.. و هناك كان يكتب بدافع الإلهام الذي أوحت به طبيعة الأماكن التي زار. خلال هذه الرحلة كتب النشيدين الأول و الثاني من مؤلّفه (تشايلد هارولد) اللذين أصدرهما بعد عودته إلى بلاده و خيبة أمله من مجلس اللوردات.. وهو المؤلَف الذي يعتبر بمثابة سيرة للشاعر.
ثم سافر إلى تركيا، و كانت حصيلة هذه السفرة ملحمته (دون جوان).
عُرف عن بايرون حبّه الكبير لنابليون.. كان يتمنّى أن ينتصر على كل ملوك أوروبا. عند موته، قال (لقد كانت الإطاحة به سهماً أصاب رأسي، فمنذ موته أصبحنا عبيداً للأغبياء).
دونجوانية بايرونية..
في رحلته إلى اليونان أقام بايرون عند الأرملة ماكري، التي كان لديها ثلاث بنات، أصغرهن (تيريزا) ولها من العمر اثنتا عشرة سنة، و هي التي كانت صاحبة تحية: يا حياة حياتي إني أحبك.
إليها كتب إحدى قصائده (يا عذراء أثينا، هل سنفترق ؟ أعيدي إلي قلبي).
ومن اللواتي عاش معهن مغامرة عشقية، كانت الليدي كارولين لامب المتزوجة من وليم لامب المشغول دائماً بأعماله. تعرّف إلى اللورد بايرون وقبل به مرافقاً لزوجته أو عشيقاً.. و هو ما كان شائعاً في ايطاليا ذاك الزمان.
ثم كان أن قابل بحدود عام 1812 م فتاة تدعى أنابيلا ميلبانك، ستصبح فيما بعد زوجته، في منزل عمتها الليدي ميلبورن.
لم توافق أنابيلا على الزواج من بايرون في بادئ الأمر.. فكان أن وجد متعته متنقلاً بعلاقاته الأيروتيكية ما بين كونتيسة أوكسفورد، و الليدي فرانس.. إلى أن تزوّج و أنابيلا.. التي أنجبت له طفلةً أحبّها بايرون، وفي تلك الفترة قال لأحد أصدقائه (أن زوجتي كاملة.. إنها الكمال نفسه.. إنها أفضل مخلوق يتنفس لكن نفسي ترفض الزواج).
عاد الشاعر إلى حياة اللاانضباط و سرت في البلاد شائعة عن علاقة غير شرعية أقامها مع أخته أوغستا ليف، على إثرها افترق عن زوجته.. و خرج من البلاد نهائياً عام 1816 م.. متوجّهاً إلى بلجيكا.. و بعدها ذهب إلى ألمانيا ليستكمل النشيد الثالث من (أسفار شايلد هارولد).. ثم إلى ايطاليا مطلقاً العنان لحياة المجون واللهو.. و كانت محطته الأخيرة في اليونان حيث شارك إلى جانب اليونانيين في حربهم ضد الأتراك.. وهناك أصيب بالحمى و توفي عام 1824 م.
واللورد بايرون من أهم الشعراء الرومانسيين الإنكليز.. ولد في لندن – كانون الثاني عام 1788 م.. عاش عيشة مترفة.. ورث لقب اللورد في سن صغيرة من أحد عموم والده.
ربته والدته في اسكتلندا بعد وفاة والده.. ثم انتقل إلى انكلترا لمتابعة دراسته في كامبردج.