تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كل خميس... هـــذا أنـــــت.. !؟

ثقافـــــــة
الخميس 12-1-2012
حكيم مرزوقي

العشّاق والمهزومون..

 يعدّون  النمل والنجوم  ، يتعمّدون الخطأ في العدّ كي يعيدوا الكرّة، إلاّ أنت.... تعدّ الشموس وتفاجئ الفجر بوجودك كل يوم.‏

غريب أمرك يا سيد (أنا)....هل أنت من يمين اليسار أم من يسار اليمين؟‏

دعك من الاتجاهات، فلو كنت صينيّا لكتبت من الأعلى إلى الأسفل وتدحرجت حروفك صهيلا كحصان امرئ القيس... ولو كنت أميّا لقالك الصمت والحبر القصيّ عن أحراش القصب.‏

ما اعتنقت فكرة إلاّ وناقضتها، ماهاجك فرح إلا وكدّرته، ما انتابك حزن إلاّ وأضحكته، ما خانك بشر إلاّ وسامحته، ما قرأك كتاب إلاّ وجهلك.... كيف توزّع صكوك الغفران على غير المؤمنين!؟.‏

قدرهم اليقين، بارداً وثابتاً وشاهداً على نومهم مثل رخام القبور ، أمّا يقينك فشكّ: بدؤه بدء الدهور، يوقظ الجذوات مثل حب أساف لنائلة في أساطير العرب ونيران الأكاسرة في بلاد فارس.‏

غريب أمرك أيها الذي لايستغرب أمرا، كيف تقول لي بأنّك تشبهني ثمّ توقظني من نومي –عفوا من صحوي-على حين كابوس، تحرمني منّي وتبكي على حساب مخزوني الاحتياطيّ من الدمع.‏

كيف ترمي سلام الرجال على قاتلك وأنشوطةّ الحبل في عنق منقذك... من أين أتيت بهذا الضياع أيها التائه فيك.‏

من أين داهمك  الغبار وأنت الملثّم بالحرير ومن أين جاءك الإلهام  وأنت المحاصر بالشياطين، ممّن تخاف أيها المسيّج بالحب واللاّمبالاة.‏

الآن عرفت أنّ الحنين  نأخذه ولايأخذنا وأنّ الكتابة تكتبنا بقلم  يشبه عصا المكفوف ولكنّ قي طرفه ممحاة....وليس لنا فيه مآرب أخرى.‏

الآن عرفت لماذا تنبّأ المتنبّي بشعريّة المرض وتغزّل بزائرته في الظلام وتفهّمت قول أحدهم مبتسما وراضيا  على فراش العلّة: (أخاف أن تعاودني صحتي فأمرض).‏

أنت، أيتها التي تحبني بلا سبب - وقد تكرهني بلا سبب - اعذريني  على لزوم ما لايلزم وامشي معي قليلاً كي تسير وتتحرّك  الأفلاك الواقفة منذ أن عرفتك.‏

أنت، أيها الذي سرق جهدي وجيّره باسمه، اعلم أنّي أؤمن بالزكاة والعطاء ما دمت حيّا، وأنّ الكتابة في أزمنة الفراغ مجرّد تسلية.... وأنّي كنت في طفولتي (صبيّ ساحر) يتقن ألاعيب الخفّة ثمّ تخلّى عن كل  ذلك لمجرّد أنّه لم يعد يدهش نفسه.‏

يكفيك خجل الكارهين مع أنفسهم  وحسبك غيرة الشامتين.. وحسرة المتصيّدين في السماوات الضيقة  أيها الصقر الجريح.‏

من أنت أيها الذي يستيقظ على حزنه عند  كل سيجارة ويصحو من فرحه بعد كل ابتسامة ثم يرتدّ جنينا كلمح البصر بعد كل جمال مخيف.‏

من أنت أيها المتكوّم حول نفسك كـ (هاء)، من أنت أيها الباحث عنك في شفاه الأقلام والنمّامين.‏

قد لاتحدّث عنك حتى أراملك، فمن أنت حتى تسألني: (من أنت).‏

hakemmarzoky@yahoo.fr

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية