وعادت التصورات تظهر لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إذ ذهب أستاذ أوباما في كولومبيا زبغينو برجنسكي إلى وجوب الاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة وغزة، وتجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة لهم مع دفع تعويضات لهم ولتلك الدول، وتقوم قوات الأطلسي بحفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة.
أما تشارلز فريمان الذي عارض اللوبي الصهيوني تعيينه رئيساً لمجلس الاستخبارات الوطني فيرى أن الأردن هو البلد الطبيعي للفلسطينيين وهو حل اقتصادي لايستتبع دفع تعويضات.
وثمة رأي ثالث يرى أنه لزام على 5 ملايين يهودي و9 ملايين فلسطيني أن يتعايشوا في فلسطين على مبدأ رجل واحد وصوت واحد، مذكراً بماجرى لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ومعتبراً أن ثمة أكثر من مانديلا آخر في فلسطين، ولكن ينقص الطرف الإسرائيلي واحداً مثل كليرك كوتيه رئيس نظام الفصل العنصري الأخير في جنوب إفريقيا.
وفي ظل هذه التوجهات يجزم أغلب المحللين أن لا حرب في المنطقة ولا حتى على إيران، والولايات المتحدة لن تبارك أي حرب إسرائيلية عليها لأن الظروف لاتسمح البتة، ثم إنها تعرف أن البرنامج النووي الإيراني هو برنامج سلمي، وفكرة عسكرته إنما هي اميركية الصنع، والحملة الإسرائيلية المسعورة على البرنامج النووي الإيراني هي دون شكل مثال صارخ على رياء إسرائيل وعربدتها.
فهل ستوافق إسرائيل على اتجاه الإدارة الأميركية بخفض التوتر في الشرق الأوسط؟ الأمر منوط بأفعال إسرائيل وليس بأقوالها، فهي مازالت تتمادى في مشروعها الصهيوني وقد أعدت العدة له منذ إدخالها السلاح النووي إلى الشرق الأوسط على مرأى من الغرب منذ عام 1968 وباعتراف السي آي إيه، وأحد تقنييها الذي سجنته 18 عاماً لإفشائه أسرارها النووية، ففد صرح مردخاي فعنونو أن إسرائيل تمتلك 300 رأس نووي مع أنظمة إطلاق، ومن السذاجة القول إنها ستوجه مثلاً إلى عواصم غربية، بل إلى عواصم إسلامية، واليوم مع مجيء حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل ستتبدى أفعال إسرائيل بأوضح صور العنصرية، فوزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان الذي كان بودي غارد سابقاً في ملهى في روسيا، وهو الصهيوني المتطرف، سيظهر على الساحة الدولية بلطجياً أكثر من كونه دبلوماسياً فهو صاحب فكرة ترحيل عرب 1948، وفكرة الفصل العنصري الكلي بين الفلسطينيين واليهود، ومعروف أن الترحيل في القانون الدولي هو شكل من أشكال التطهير العرقي، ويبرر لنفسه دون تبكيت ضمير بالقول: إن الممارسات العنصرية وأفعال التطهير العرقي التى حدثت في العالم من شأنها أن تبرأ إسرائيل وتجنبها التعرض للدروس في الأخلاق و في هذا الكلام اعتراف كامل أن إسرائيل ستتمادى في الممارسات العنصرية وأفعال التطهير العرقي، والمجتمع الإسرائيلي في أغلبيته ليس أقل عنصرية، حتى إن شعار »الموت للعرب« لم يعد حكراً على اليمين المتطرف، بل عمّ في ملاعب كرة القدم الإسرائيلية، وكل ذلك تشجيعاً لحكومة اليمين لإبعاد السكان الفلسطينيين من عرب 48 وجعل إسرائيل دولة يهودية صرفة وكذلك إخلاء القدس من العرب لجعلها عاصمة موحدة لإسرائيل.
وليبرمان من بين غلاة الصهاينة، الذي اقترح أن على إسرائيل أن تلقي قنبلة نووية على غزة خلال حرب الرصاص المسكوب المجزرة.
وهو نفسه الذي هدد يوماً بقصف سد أسوان في مصر وبإعادة إيران إلى العصر الوسيط، ويمكن بهذا الصدد التأكيد على أن الترسانة النووية الإسرائيلية ليست لحماية تل أبيب، بل لبسط الهيمنة العسكرية في الشرق الأوسط واستعباد ملايين العرب والمسلمين، والتاريخ يسجل تدخلات إسرائيل ومؤامراتها في أكثر من بلد، في السودان وموريتانيا، والعراق، وتقوم إسرائيل بعمليات سرية في بلدان عربية وإسلامية آخرها في السودان إضافة إلى الاغتيالات التي تقتل فيها شخصيات عربية وعلماء وكل ما من شأنه أن يهدد قوة إسرائيل التي تجهزها الصهيونية من أجل الهيمنة والتفوق الإقليمي والتمدد على حساب العرب والمسلمين.
إسرائيل دولة لاحدود لها مكرسة في دستور مكتوب ولافي عرف دستوري، وبحسب يسرائيل شاحاك مؤلف كتاب التاريخ اليهودي وثلاثة آلاف عام من التراث، فإن حدودها في عرف بعض الحاخامين هي: سيناء جنوباً، وأجزاء من الشمال المصري حتى القاهرة شرقاً، والأردن كاملاً، وجزء واسع من السعودية والكويت وجنوب العراق، وسورية ولبنان شمالاً، وجزء من تركيا حتى بحيرة فان وقبرص غرباً، ورغم أن ثمة عرفاً دستورياً في البلدان التي لاتأخذ بالدستور المكتوب مثل بريطانيا، لكن في إسرائيل أفعالاً، وأبحاثاً وآراء رجال دين، وأحاديث لهو تتناول هذه الحدود، وهناك من يوردها في أكثر من أطلس وفي كتب ومقالات، وفي الدعاية التي تغذيها الحكومات وبعض الهيئات ويقول شاحاك..: إن ثمة شخصيات دينية في إسرائيل تعتقد أن هذه البلدان ستلحق بإسرائيل عاجلاً أم آجلاً بأمر إلهي .
حكام إسرائيل الجدد يعلنون أنهم لن يتخلوا عن الجولان العربي المحتل ويعلنون عدم العودة إلى خط عام 1967 في الأراضي العربية، ويقولون: إن لامسيرة سلام قبل تسوية ملف إيران النووي، والإدارة الأميركية الجديدة ستجد تسويغاً لرفض اليمين الإسرائيلي كما فعلت الإدارات السابقة، مايجعل إسرائيل تستمرىء سياسات التمييز والعزل بدءاً من جدار الفصل العنصري و قضم الأراضي في القدس المحتلة والاستمرار بمحاصرة غزة، مع كل مايرافق ذلك من مجازر بحق المدنيين العزل، وما تفعله يدلل على أن العقلية التي حكمت إسرائيل دوماً هي عقلية مجرمة تشكل تهديداً وجودياً حقيقياً لكل البلدان العربية والمسلمة في الشرق الأوسط وأبعد منه.
إسرائيل تهدد نووياً العالم العربي برمته، ويزداد خطر التهديد عندما يقود حكومتها فاشيون عنصريون والعرب لاتنقصهم الإمكانات ليكونوا أقوياء لردع أعدائهم!!.