|
رداً على مانشر.. سورية في رحلات روسية خلال القرن التاسع عشر ثقافة نشرت جريدتكم في عددها 13898 تاريخ 22 نيسان 2009 كلاماً بتوقيع الصحفي ديب علي حسن يتهم فيه الهيئة العامة السورية للكتاب بتحويل ما تنشره إلى: «كتب في نبش الضغائن والأحقاد» لكي «نستعيد صفحات لا نعتز بها، ولا ندري من كان وراء وقوعها». هذه تهمة تلقى جزافاً من غير تحديد تتطلبه خطورتها.. وكنت أتمنى أن تكون تهمة من هذا الوزن محددة ودقيقة، تضع النقاط على الحروف وذلك ليستطيع المتهمون، أو من لديهم رأي آخر أن يعبروا عن رأيهم ويحاججوا فيه، سعياً إلى الاقتراب من الوضوح، أو من الحقيقة النسبية، ولو قليلاً اللهم إلا إذا كان الصحفي يدعي امتلاك «الحقيقة المطلقة» وحده، كما يظهر من كلامه.. وتخصيصاً يقول الصحفي عن كتاب ترجمناه تحت عنوان «سورية في رحلات روسية خلال القرن التاسع عشر»، إنه وثيقة في الحقد على العرب وفي الإساءة إليهم، وثيقة في إثارة الفتن. إن ما ذكرناه في مقدمتنا للكتاب من إدانة لكل كلمة تمس بأحد، ويتجاهله المقال حين يقول: (أهو تكفير من نوع آخر؟! هل شققت قلبي) هو الرد المفحم على ما يرمينا به من اتهامات عديمة الأساس، نقول في مقدمتنا: ولما كنا نرى أن أحد الأهداف الرئيسة لنقل كتابات الأجانب عن بلادنا هو معرفة نظرة الآخر إلينا في زمن معين، ومعرفة ذلك الآخر وطريقة تفكيره أيضاً، بما لتلك النظرة وما عليها وليس الاستماع إلى أنشودة مديح وتملق، فقد قررنا الإبقاء على جمل وعبارات ومعلومات جارحة بما فيها من حقد وجهل وتجن، لأن حذفها - في تقديرنا - لن يكون إلا تضليلاً للقارئ وتجميلاً للنصوص يعادل خيانة الأمانة. يتألف الكتاب من مقدمة لنا، وفصل يقدم عرضاً مكثفاً لتاريخ سورية: (التي نقلت ثقافتها إلى اليونان وآسيا الصغرى، واخترعت أول أبجدية في العالم أواخر الألف الثاني ق.م (ص 13 -14)، وعن تدمر أكبر دولة عربية آرامية في سورية في العصر الروماني (ص19)، وست مقالات يتحدث مؤلفوها بمحبة وإكبار عن سورية وجغرافيتها وطبيعتها، وعن شعبها ولغته العربية، وواقع حياته آنذاك (القرن التاسع عشر) وتقاليده وطباعه وما يشكل شخصيته جماعة وأفراداً وعما يعانيه هذا الشعب من ويلات الحكم العثماني، ومن أطماع الغرب (فرنسا وإنكلترا) ودسائسه سعياً إلى تحقيق سياسة «فرق تسد» ووراثة «الرجل المريض» كما يعرف كل من يتمتع بأقل قدر من الذاكرة منذ مقاعد المدارس الابتدائية وهذه السياسة لا تزال في جوهرها ماثلة في منطقتنا أمام كل ذي بصر وبصيرة حتى اليوم (أقله في فلسطين ولبنان والعراق) تساهم في صنع تلك الصفحات التي يقول السيد ديب علي حسن (بلغة الجمع) إننا: لا نعتز بها ولا ندري من كان وراء وقوعها. على أن هؤلاء الرحالة الروس يشاركوننا بالواضح الثابت عدم الاعتزاز بتلك الصفحات ولكنهم - خلافاً عنه - يعرفون مثلنا اليوم من كان وراء وقوعها ولا يزال حيث يكتبون: «إن الدول الأوروبية الغربية الكبرى الراعية لسورية قد اختارتها لتكون ميداناً لحرب سياسية أبدية، بينما لا تبدي هذه الدول من الاهتمام بخير شعب سورية أكثر مما يبديه اليابانيون من الاهتمام بتجارة الولايات المتحدة الأميركية، فإنها تركز كل اهتمامها حصراً على ما يمكن أن تجنيه من منافع خاصة يجلبها لها ولاء الطوائف السياسي وتساهل الحكومة المحلية الاضطراري، ثم إن هؤلاء الأوروبيين المتنورين المحبين للإنسان يجعلون- وهم يتنافسون فيما بينهم - من السكان المحليين المتخلفين أداة طيعة لتحقيق مآربهم ومكائدهم، إذ يضعون هذه الطائفة أو تلك تحت حمايتهم الخاصة، ولا يكفون أبداً عن تقويض ما بين هذه الطوائف من سلم ووفاق، ولا عن تأجيج لهيب العداوة المتبادلة فيما بينها، ولا يفكرون إلا بالسيطرة على البلاد واحتلال موقع الصدارة في نظر الناس والسلطات (46) ويمكن كذلك أن نعد المبشرين الأميركيين سبباً من الأسباب الرئيسية للعداوة (ص70) واقرأ أيضاً الصفحات 64 - 82 على الأقل). وعن العرب يقول: إن أهالي البلد الواحد أخوة في الوطن، بغض النظر عن اختلاف أصولهم وأديانهم، فالعرب السوريون يمثلون قدوة تحتذى من حيث ما بينهم من تشابه مدهش في التقاليد والعادات وقوة القدرات الذهنية والعواطف الحسية، وكذلك من حيث خصوصياتهم البديعة في مجال المعتقدات الشعبية والخرافات الموروثة وفي وجهة الرغبات والأهواء (74) إن السوريين شجعان كلهم، ولكنهم متواضعون، متسامحون، لبقون، ومهذبون، والعربي يتفادى النزاع دائماً ولكنه لا يغفر الضيم ولو لم يكن مقصوداً وهو لا يسخر من الضعيف ولكن قوة العدو لا تخيفه أيضاً (75) ذلكم بعضاً من ملاحظات تصف شخصية طوائف مختلفة يتألف منها شعب واحد. فهل حقاً أن من يقول هذا الكلام أو يترجمه يدعو إلى إثارة الفتن بين العرب؟1 د. نوفل نيوف المكتب الصحفي لوزارة الثقافة
|