تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أطفــال غــزة .. وتداعيـــات ما بعـــد العــدوان الإســرائيلي

مجتمع
الاثنين 11-8-2014
 فردوس دياب

في مقاربة أولية للتأثيرات النفسية والتداعيات الصحية التي خلفها العداون الاسرائيلي على أطفال غزة الذين قضى منهم جراء العدوان وبحسب الإحصائيات الأولية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية 430 طفلاً وأصيب أكثر من 3000 ،يمكن لنا أن نتلمس جيداً حجم المأساة الكبيرة التي أصابت الطفل الفلسطيني عموماً والطفل الغزاوي خصوصاً .

غير أن حجم المأساة عند الأطفال الفلسطينيين يمكن ملامستها عن قرب إذا علمنا أن أكثر من 400 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة قد أصيبوا بالصدمة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا بحد ذاته يشكل مأساة إنسانية كبيرة وانتهاكاً سافراً للطفولة، ودون الغوص كثيراً في تداعيات هذا الأمر فإنه يكفي القول :إن هؤلاء الأطفال وبحسب خبراء التحليل النفسي سيعيشون حالة من الاكتئاب والخوف في مرحلة ما بعد العدوان قد تمتد طويلا و ربما تستمر ارتداداتها النفسية والجسدية على الاطفال حتى سن المراهقة والشباب لتظهر على شكل تخبط واضح في السلوك والتصرفات قد تنعكس أحلاماً وكوابيس مخيفة .‏‏

وعلى هذا الأساس فإن إسرائيل بعدوانها على غزة وقتلها مئات الأطفال الفلسطينيين استهدفت جيلاً بأكمله من خلال خلق حالة من الرعب والخوف بداخله على اعتبار أن هذا الجيل سيكون يوما ما العدو الأبرز لإسرائيل التي تسعى إلى ضربه في عمق شخصيته ونفسيته التي تحرص اسرائيل على بعثرتها وتشتيتها وحرفها عن قضية الشعب الفلسطيني الأساسية وهذا هو التحدي الإسرائيلي الأبرز .‏‏

وفي هذا السياق فقد أظهرت بعض الدراسات السابقة التي قامت بها مؤسسات متخصصة في مجال الصحة النفسية في قطاع غزة أن 97% من الأطفال لديهم أعراض التوتر النفسي والاكتئاب وأعراض ما بعد الصدمة، هذا بالإضافة إلى ازدياد حالات القلق والخوف والأرق والتوتر والتبول الليلي اللاإرادي لدى الأطفال جراء الاعتداءات الارهابية والاجرامية الاسرائيلية المتكررة.‏‏

كما بينت تلك الدراسات أن الأطفال الفلسطينيين يعانون في كافة مجالات ومناحي الحياة حيث غاب التركيز لديهم في المدارس وأصبح سلوكهم عدوانياً في ظل الواقع المريرالذي يتعرضون له بصورة يومية بسبب الانتهاكات والممارسات الصهيونية .‏‏

وحذرت الدراسات من أزمة نفسية خطيرة قد تواجه الطفولة في فلسطين من جراء الإرهاب الإسرائيلي، بعد أن سجلت الاحصائيات الرسمية الفلسطينية ارتفاعاً في مستوى أعراض ما بعد الصدمة حيث بلغت عند الأطفال الإناث 60% وعند الأطفال الذكور 50%.‏‏

وأكدت تلك الدراسات أن سبب ارتفاع تلك الأرقام يعود إلى وجود الأطفال الفلسطينيين في قلب الحدث المتمثل بالعدوان الإسرائيلي وحضورهم المباشر لكل تفاصيله وأشكاله فعلى سبيل المثال نجد أن حوالي 95 % من الأطفال الفلسطينيين شهدوا جنازات أحد من أهليهم أو من أقاربهم أو من جيرانهم و نحو 84 % منهم شهدوا بشكل مباشر صور ومظاهر الإرهاب والعدوان الإسرائيلي وحوالي 66% منهم رأى مصابا أو شهيدا، وهذه الزيادة في الأرقام أدت إلى زيادة في معدل أعراض الاضطراب النفسي لدى الأطفال حيث عانى أكثر من 7 % منهم من مستويات شديدة من أعراض الاضطراب النفسي والتي تطلبت التدخل السيكولوجي (العلاج النفسي).‏‏

المرأة أيضا كانت ضمن أولويات الأهداف على الأجندة الإسرائيلية كونها تشكل الحاضنة والمصدر الأساسي للإنسان الفلسطيني وتربيته وتوجيهه حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل 243 امرأة فلسطينية جراء العدوان على غزة حتى الان وإصابة أكثر من ألفي امرأة وهذه الأرقام الكبيرة والمهولة هي برسم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق المرأة وحياتها وهي فرصة لتعرية تلك المنظمات الدولية التابعة والأداة الطيعة لدول الغرب الاستعماري و على رأسها إسرائيل والولايات المتحدة .‏‏

ولعل الغاية الرئيسية من استهداف إسرائيل للمرأة تتقاطع في أهدافها مع الغاية من استهداف الأطفال لتلتقي عند كسر الإرادة الفلسطينية التي تشكل المرأة الفلسطينية سواء كانت أماً أو زوجة أو أختاً أو ابنة، المصدر الأساسي للصمود والإرادة الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى تحطيم نفسية المرأة وإيصالها إلى مرحلة من اليأس والإحباط يمكن أن تؤدي بها إلى الاستسلام وهذا ما تحلم به إسرائيل حيث كشفت التجارب السابقة لإسرائيل في حروبها ومجازرها ضد الشعب الفلسطيني صلابة وصمود المرأة الفلسطينية التي شكلت خلال العقود الماضية الحامل الأبرز للإرادة والصمود والتضحية الفلسطينية .‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية