تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الصور التلفزيونية..تحكم المشاهد

فضائيات
الأربعاء 22/10/2008
هفاف ميهوب

مما لاشك فيه أن الصورة في عصر الفضائيات باتت كسلطة تحكم المشاهد الذي رأى فيها فسحة من الحرية تمنحه الحق بأن يحكم نفسه بنفسه من خلال انتقاء مايريد مشاهدته من برامج وحده القادر على جعلها تساهم في بنائه أو هدمه..

لكن ومهما كانت الأهداف التي تسعى إليها الفضائيات من خلال سلطة الصورة فإن ما نرجوه ألا تكون سلطة هيمنة وترويع وإنما سلطة فكر ترفع من قيمة الإنسان وتساهم في بنائه في زمن بات كل شيء فيه يمارس سلطة الهدم والخبرات والموت على قارعة اللاإنسانية, إننا وإن اعتبرنا الصورة سلطة مؤثرة فلأن لها الدور الأكبر في تثقيف وتوعية وترفيه المشاهد الذي قد لايجد مبتغاه في وسيلة إعلامية أخرى.‏

فمن منا لايستطيع أن ينكر ماللتلفزيون من أهمية في توحيد شعور الأمة, وتحديداً (السياسي) ذلك من خلال توعيتها لما يجري في كل أنحاء العالم ولاسيما ما تقوم به بعض السياسات الحاكمة بأمر الشيطان والمتربعة على عروش من دم الأبرياء تروي به شغفها إعجاباً بشهريار ألف ليلة وليلة..‏

وإذا انتقلنا إلى عقلية(العموم) لنرى الآثارالتي خلفتها الصورة لديها نجد أن الثقافة الشعبية المعاصرة احتلت حيزاً شاسعاً من عقلية المشاهد لتحل محل الكثير من الثقافات الشعبية القديمة والموروثة طبعاً كان ذلك لخدمة أغراضها سواء كانت تثقيفية أو ترفيهية.‏

إنها حقائق, هي بديهيات خططت لها أذهان واضعي البرامج الدرامية في التلفزيونات العربية وخصوصاً في شهر رمضان حيث القدرة على التأثير وممارسة سلطة الصورة أشد من أي وقت آخر ذلك بسبب التزام المشاهد بشاشة يعتبرها الوحيدة القادرة على ترفيهه وتقديم صورة العالم وعاداته وأحداثه...خلال ساعات مكثفة من البث الذي يرافقه في الليل والنهار..‏

من هنا فإن الصورة التلفزيونية سواء كانت في سياق الدراما أو الحكايا المعروفة قصة قصيرة أو سياق آخر تاريخي أو ديني أسطوري - خيالي- تراثي- أشد خطورة على وعي وحرية المشاهد طبعاً من خلال ما تمليه الشروط الاجتماعية الثقافية السائدة وما تختاره من توجه يستقطبه عموم المشاهدين وفي كافة أنحاء العالم..‏

بكل الأحوال, وإن اعتبرنا الصورة هي السلطة الأقوى فعلينا أن ندرك أن المسؤولية الأهم تقع على عاتق القائمين على وضع أسس وبنية وكيفية تنفيذ هذه السلطة, ومن أجل أن تخدم أهدافها بشكل لايستلب المشاهد فيحوله إلى إنسان سلبي يعيش في صراع بينه وبين تحكم الصورة به وبين رغبته بالحرية في التحكم من خلال تحكمه هو أيضاً بجهاز (الريمونت كونترول) فالدراما التلفزيونية القادرة على إيصال أهدافها إلى المشاهد بشكل منطقي وسليم, هي التي تعكس صورة واقعية لأحداث مجتمعة لتنطلق بعدها لمعالجة هذه الأحداث بطريقة تؤثر إيحابياً على المشاهد طبعاً مع معالجة سلبيات المجتمع بشكل مقنع ينبذها كي لا يقوم بعض أصحاب النفوس الضعيفة بالتقليد الأعمى الذي يشكل نقطة ضعف في أي عمل درامي.‏

المواضيع الأسطورية والخيالية من أهم وأوائل الآداب العربية التي من حق المشاهد أن يطلع عليها ولكن بشكل يقرأ حقيقة التاريخ لايشوهه بإضافات واجتهادات لا أساس لها من الصحة, ولا معنى سوى تقديم فانتازيا تغري عقل المشاهد فتغرقه بالوهم وتغمس أحلامه ببرك الدم..‏

أخيراً وللمؤسسات التي تفرض سلطة انتاجها على المشاهد نتمنى ألا يكون ولايبقى الهدف المادي هو الأساس لنضعه جانباً ولنفكر كيف نحرر الإنسان العربي من سلطة الوهم من خلال صورة تلفزيونية تعكس جدواه بجدواها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية