, وبحضور وزير الإعلام د. محسن بلال وعدد من المهتمين والفنانين, الذين كانت لهم الحصة الكبيرة من الحوار ربما لأن أهل الكار هم أدرى بهمومه ومشكلاته, أما نحن الصحفيين فآراؤنا تبقى مؤجلة لتقرأ لاحقاً بهدوء وروية.
محاور عدة تضمنتها الندوة وقضايا كثيرة طرحت على بساط البحث, كان بعضها على قدر كبير من الأهمية وفي مقدمتها, مسألة الرقابة التي احتلت الصدارة في الحوار, أولعلها كانت المحور الرئيس له, فالكثير من الفنانين والكتاب والمخرجين والمنتجين يرون مقص الرقيب سكيناً على أعناقهم, وأنا من المناصرين للرقابة إذ ليس من المعقول أن يترك لكتاب أو مخرجي الدراما الحبل على الغارب ليقدموا ما يحلو لهم دون أيّ ضوابط, لكن هذا لايمنع أن تترك لهم هوامش حرية للغوص في قضايا مسكوت عنها تمس بنية المجتمع العربي وسلوكياته وأخلاقه. وماطلبه الفنانون من دمج للجنتي مراقبة النصوص و المشاهدة مطلب حق, على الأقل نضمن عدم عرض المسلسل على شاشة أخرى في ظل الانفلات الفضائي الذي نشهده, وفي السياق نفسه طلبت الفنانة مي سكاف في مداخلتها عدم العودة إلى الوراء من خلال مقص الرقيب, وإظهار مجتمعنا بأنه يخطئ, وأن فيه قاضياً فاسداً وشرطياً مرتشياً, كما أنها كانت محقة في أننا لانستطيع أن نقول درامانا بخير مادام لايعمل فيها سوى عشرين فناناً فيما ألف منهم لايزالون يلهثون وراء لقمة العيش.
وهي ليست بخير أيضاً طالما تعاني أزمة تسويق وتوزيع, والحل برأي رئيس لجنة صناعة السينما عماد الرفاعي, بإقامة مهرجان للدراما يكون سوقاً لبيع الأعمال التي تصور في سورية تحريضاً للإنتاج.
وفي الموضوع عينه كان للفنانة سوزان نجم الدين وجهة نظر مختلفة, فهي ترى أننا نعاني من مشكلة التسويق بسبب عدم اكتفائنا ذاتياً كما هو الحال في مصر والخليج, وهذا لايتحقق إلا من خلال الترويج الإعلاني الذي تصرف عليه ملايين الدولارات, وهو الفن الذي لم نتمكن من إتقانه بعد.
وتوقفت الفنانة سوزان نجم الدين عند مسألة مهمة, هي ملكية حماية العمل الوطني, فمسلسل الهاربة الذي سبق وجسدت بطولته, عرض هذا العام في مصر بالاسم والفكرة ذاتها. أما أهم معوقات العمل برأي نقيب الفنانين, الفنان أسعد عيد, التعرفة التي لم تتغير منذ عشرين عاماً, إذ إن التعرفة الجديدة لم تطبق حتى الآن, الأمر الذي يجعل النقابة غير قادرة على استقطاب الكفاءات التي وجدت ملاذاً لها في جهات أخرى, وهو ما يؤثر سلباً على شركات القطاع الخاص , وعلى سوية الدراما المحلية بشكل عام, إضافة إلى العقول المالية القديمة وضيق المساحة في القوانين التي لم تتجدد وحتى الآن في مديرية الانتاج لتتناسب والتطور الذي وصلنا إليه فمازلنا نتعامل بآلية الخمسينيات والميزانية اليوم لاتكفي لإنتاج مسلسل أو اثنين من الإنتاج المحلي.
وكان للإعلام مداخلة يتيمة قدمها الزميل حسن م. يوسف الذي اعتبر أن الدراما ليست علماً وصناعة فقط, وإنما فن وتجارة, وعليه فنحن أمام تحد وجودي حقيقي, تحدي الكوادر والفنانين والفنيين لأننا بدأنا نفقد شيئاً فشيئاً القدرة على الإدهاش, ففي السابق كنا نسوق وجهة نظرنا, أما اليوم فنحن نسوق وجهة نظر الآخرين,وتبقى النقطة الأهم التي طرحها د. محسن بلال وزير الإعلام والمتعلقة بضرورة الانفتاح على الآخر وغزو الدراما الدولية عبر البوابة الاسبانية التي بادرت للقيام بأعمال مشتركة فيما بيننا.
إذاً المشكلة تكمن في كيف نصنع دراما تبتعد عن التجاري ولايكون هاجسها الترفيه على حساب المضمون والقيم والقوانين وتعميم ثقافات مهترئة في ظل تنافس محموم بين شركات الإنتاج, وكل ما سبق يحتاج إلى الأخذ بالآراء والطروحات وترجمتها فوراً إلى واقع ملموس.