تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فرنسا تتسلل من «الرقة» إلى الملف السوري وبيان أكاذيبها محاصصة خاطئة

الثورة
دراسات
الثلاثاء 23-10-2018
عبد الحليم سعود

تعود مدينة الرقة إلى واجهة الأحداث مجدداً ذلك، بعد بيان تضليلي من العيار المخجل لوزارة الخارجية الفرنسية تدعي فيه باريس أنها كانت من المساهمين في هذا «الإنجاز» التاريخي أي تحرير المدينة «الرقة» إلى جانب مليشيات «قسد» الإرهابية،

وكأن العالم أصيب بالزهايمر وفقدَ ذاكرته نهائياً، ونسي خلال أقل من عام أن المدينة التي تناوب على تدميرها وخرابها ثنائي الارهاب الدولي بشقيه داعش والتحالف الأميركي الفرنسي، ما زالت تحتفظ بأبنيتها المدمرة وشوارعها الخالية من أي أثر للحياة وجثث مدنييها الأبرياء تحت الأنقاض بكل الأدلة والقرائن التي تؤكد وحشية كل طرف وتقدم صورة حقيقية عن التحرير المزيف.‏‏

لم تجد فرنسا ذات الماضي الاستعماري البغيض والحاضر القذر في سورية سوى مدينة شاركت في تدميرها وتشريد وإبادة أبنائها في أبشع المجازر المرتكبة ضد الإنسانية، كي تعلن عن نفسها كأحد اللاعبين الأساسيين على مسرح الأحداث في سورية، علّها تضمن ولو حصة صغيرة من «كعكة النفوذ» التي تلوح بها واشنطن في بازاراتها الدولية والإقليمية الرخيصة، غير أنها جاءت متأخرة كثيراً، إذ لم يعد أمامها وأمام حليفها الأميركي الذي خسر معظم أوراقه في سورية نتيجة تسارع الأحداث والتطورات التي تصب في مصلحة سورية وحلفائها سوى البحث عن طريقة مناسبة للانسحاب والخروج بأقل الأضرار حفاظاً على ما تبقى من مياه في الوجوه، أو انتظار الأسوأ.‏‏

منذ بداية الأحداث في سورية أقحمت فرنسا نفسها ضمن محور أعداء سورية، وأعلنت نفسها جزءاً من الساعين لتغيير خريطة المنطقة وفق الرؤية الأميركية، ولكنها حاولت عبثاً إقناع العالم أنها «صديقة» للشعب السوري، من خلال مواظبتها على تنظيم ورعاية وعقد ما يسمى مؤتمر «أصدقاء الشعب السوي» الذي تحول مع مرور الأيام والسنوات إلى كيان فارغ لا روح فيه بعد أن غادرته معظم الدول التي تم تضليلها بالعنوان الآنف الذكر، حيث تكفل مسرح الأحداث في سورية بفرز الأصدقاء الذي وقفوا معها في محنتها عن الأعداء الذين تآمروا عليها، حيث كانت باريس في طليعة هؤلاء الأعداء الذين راهنوا على الارهاب للحصول على موطئ قدم في سورية.‏‏

وطوال السنوات السبع الماضية تشعب الدور الفرنسي القذر في سورية إلى عدة أدوار، منها إيواء ما يسمى «المعارضة « ورموزها المؤمنة بالخيار العسكري والداعية للتدخل الخارجي وتقديم الدعم المالي والسياسي لها، حيث تم افتتاح «سفارة» لما يسمى «الائتلاف السوري المعارض» وهو مجموعة من العملاء والمرتزقة والمتآمرين، وبينما اضطلعت الاستخبارات الفرنسية بمهمة تجنيد الإرهابيين والمرتزقة والقتلة المأجورين لديها في صفوف داعش وبقية التنظيمات الارهابية المسلحة، وإرسالهم في سورية لتنفيذ الأجندة الفرنسية المعلنة وهي إسقاط الدولة السورية، اضطلع المستوى السياسي والدبلوماسي بمهمة التضليل والافتراء والتحريض على سورية في المنابر الدولية وخاصة مجلس الأمن، إضافة إلى اضطلاع الإعلام الفرنسي بمحاولة تشويه سمعة الحكومة والقيادة والجيش في سورية من أجل فرض الحصار والعقوبات وتبرير الجرائم الارهابية التي يتعرض لها الشعب السوري، وكذلك التدخل العسكري الفرنسي فيما بعد بحجة محاربة الإرهاب الذي ساهمت فرنسا والغرب برعايته ودعمه وتسليحه، ومن ثم العدوان على سورية هذا العام من ضمن عدوان ثلاثي أميركي بريطاني فرنسي بذريعة هجوم كيميائي مفبرك كانت الاستخبارات الفرنسية جزءاً من فبركته والإعداد له فيما الإعلام الفرنسي جزء من الترويج له واستثماره.‏‏

ورغم ادعاء فرنسا بأنها تنتهج سياسة محايدة، وتكرار القول أنها بعيدة عن سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، إلا أن تصرفاتها في سورية تحديدا تؤكد أنها ما تزال الأداة الأكثر قرباً والتزاماً بما تطلبه إدارة ترامب حاليا، وقد كشف عملية «تحرير الرقة» المزعومة عن تماهي الطرفين في نشر الفوضى وتوسيع رقعة الدمار طمعا بحصة أكبر في كعكة ما يسمى إعادة الاعمار في سورية.‏‏

الكثير من الأعمال والتصريحات التي صدرت عن فرنسا، تؤكد حرص الحكومة الفرنسية على الدوران في الفلك الاميركي، وتنفيذ المخطط الاميركي في شرق الفرات، وما تدمير مدينة الرقة سوى برهان ساطع عن النيات الخبيثة التي تضمرها باريس لسورية، في حين أن ما يصدر أحياناً من تصريحات فرنسية متناقضة مع السياسة الاميركية، فهي مجرد تضليل للرأي العام الفرنسي لا أكثر، وتغطية على الدور الشيطاني الذي تضطلع به.‏‏

فالجميع بات يدرك أن فرنسا دفعت بطواقمها الاستخبارية ووحداتها العسكرية بأسلحة متطورة إلى سورية، وهي تزود العصابات الارهابية بالسلاح، وكذلك بالمواد الكيماوية التي يستخدمها الإرهابيون في مسرحياتهم لاستدعاء التدخل الفرنسي والأميركي.‏‏

لقد حاولت فرنسا استعادة دورها الاستعماري التقليديّ في الشرق الأوسط عبر بوابة سورية، وكان تنظيم داعش الذي حظي برعاية أميركية غربية أشبه بحصان طروادة الذي أمّن مثل هذه العودة ولكن تحت جناح واشنطن، ولكن مع تقهقر التنظيم وخسارته الأغلبيّة الساحقة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سورية، صار من الصعب على باريس وغيرها التمسك بهذه الذريعة التي فقدت رصيدها، وإن كانت بعض جيوب التنظيم في شرق الفرات متروكة أصلاً من أجل التذرع بها مجدداً للبقاء لأطول فترة ممكنة، في حين تبقى مسرحيات الكيماوي التي تعرض من حين لآخر بوساطة الجماعات الارهابية ومجموعة الخوذ البيضاء تشكل لفرنسا ومعها واشنطن والغرب عموماً مبرراً مستمراً للتدخل والعدوان، تحاول روسيا باستمرار سحبه من بين أيديهم لإبعاد أشباحهم السوداء عن الحل في سورية.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية