هو حال من أصبحت حياتهم سلعا في مهب التداول خلال رحلات الهجرة ذهاباً واياباً بعد أن فرضت عليهم من حيث لا يدرون، ما جعل في غفواتهم على أرصفة الطرقات لحظات هدوء ونعيم، يبحثون خلالها عبر أحلامهم عما يعيد لهم فرحتهم بالعودة الى وطنهم الذي غادروه عنوة بفعل جرائم الارهابيين المدعومين من غرب يتاجر الان في قضيتهم .
ففي رحلة الذهاب المآساوية كانت المشاهد تحكي ما تم من مؤامرات ومراهنات خبيثة اقدم عليها المتآمرون عبر اللعب في قضيتهم الانسانية، من خلال مهاترات الاعراب السياسية الذين لطالما ذرفوا دموع التماسيح عل حالهم، فكانت مساعيهم على حجم عقولهم الارهابية انطلاقاً من الهرولة في صحرائهم القاحلة والجافة لمحاولة لفت النظر إلى «إنسانيتهم» الميتة منذ ولادتها، والتي أصبحت في صدارة الانتقادات الموجهة لهم لتعاميهم المقصود عن تلك المأساة.. وليس انتهاء بالدخول في مقامرات اللهو على احوالهم الحزينة والاصطياد في الماء العكر.
وفي السياق ذاته كانت قضاياهم قد فتحت شهية الإعلام الغربي والعربي فجأة للتلاعب بمأساة إنسانية نتجت بالدرجة الأولى عن استفحال الإرهاب واتساع نطاقه، بعد أن بدأت الشهية السياسية لدى متزعمي وساسة العديد من الدول الغربية والعالمية والعربية تستخدم أزمة هؤلاء اللاجئين لاستكمال أوراق ناقصة تخدم أهدافا ابتزازية ومساومات رخيصة.
الى ذلك بدأت بعض الدول ولا سيما المجاورة لسورية كالاردن وتركيا وغيرها بالوقوف على ابواب الدول والجمعيات الاممية وتسول المساعدات تحت مزاعم ضغوط اللاجئين انطلاقاً من مبدأ استراتيجيّة البقاء المكلفة فقد تمكن الاردن من تحقيق المكاسب بفضل مساعدات مالية ضخمة من الدول الغربية، والتي تدفقت بسبب الدور الجيو-سياسي للأردن كحليف للولايات المتحدة.ومن منطلق ادخال قضية اللاجئين الانسانية في لعبة الضغوطات على الدولة السورية لتغيير مواقفها والاستسلام تدخلت دول خليجية بضخ الأموال في بدايات «الربيع العربي»، والعمل على تعويم الازمة من منطلقات إنسانية مزيفة في حين بقي السبب الاهم يكمن في منع عودة اللاجئين الى بلادهم للوصول الى تلك الغايات الخبيثة.
تلك الاعمال والتصرفات لم تكن حديثة بل كان يحضر لها مسبقاً والدليل على ذلك إنشاء مخيمات اللاجئين «الركبان - الزعتري - غازي عنتاب» وغيرها وتحضيرها في الاردن وتركيا قبل بداية الازمة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الغايات المبيتة مسبقاً لما يجري في سورية.
في حين تهدد تركيا بين الحين والاخر الدول الاوروبية والاتحاد الاوروبي بقتح الابواب والحدود وتسهيل التنقلات امام المهجرين للدخول الى اوروبا في حال لم تقدم المعونات للحكومة التركية وهذا غيض من فيض تلك الاجراءات التركية.
وقد عادت تركيا الى ذات النغمة من أجل ايقاف العمل العسكري في ادلب لتتمكن من حماية ارهابييها عبر دفع الغرب للضغط من اجل ايقاف العمل العسكري السوري في ادلب، فقد هددت السلطات التركية الاتحاد الأوروبي بفتح الطريق من تركيا إليه أمام اللاجئين السوريين حال عدم تدخل دول أوروبا لوقف هجوم الجيش السوري على محافظة إدلب.
تلك الاكاذيب ظهرت من خلال الوضع المزري لمخيمات اللاجئين حيث اضطر الناس للتسول أو العمل في وظائف ذات أجرة زهيدة وغير آمنة في المدن الداخلية، وقيام الجهات المسؤولة عن تلك المخيمات بطلب من الحكومات بالتشنيع بالحالات الانسانية والابتزاز اللااخلاقي وغير القانوني بحق هؤلاء اللاجئين.
انقلاب الموازين ورحلة العودة
وبعد مرور السنين غيرت طبيعة التوازنات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه خلال الفترة القليلة الماضية على الارض كل المعادلات ومراهنات دول الغرب الاستعماري التي حاولت تنفيذ أجندات تخريبية في سورية.
فقد بدأ مشهد التعافي يتعدد في مراحله ويعاود اصداراته في مراحل الحسم العسكري لإتمام مهام التحرير على امتداد الجغرافية السورية بعد قضائه على الارهاب الوهابي والاخواني في معظم المناطق، وبالتالي إعادة المهجرين داخلياً وخارجياً، وتذليل جميع العقبات أمام قطارات العودة.
الدولة السورية ومعها الحلفاء بذلوا جهودا سياسية ودبلوماسية وعسكرية للوقوف على تلك القضية الانسانية وسعوا الى إعادة اللاجئين من اقطاب الارض الى مناطقهم بعد أن قام الجيش العربي السوري بتحريرها، وبعد ان عمدت الدولة السورية الى تسهيل كافة إجراءات العودة الكريمة. وبالفعل بدأت قطارات العودة حيث سجلت أعداد كبيرة من العائدين من لبنان والاردن ودول الغرب وتركيا، وقد بين آخر تقرير ناجم عن الامم المتحدة برغبة الالاف بالعودة الى سورية خاصة من لبنان حيث أقرت ممثلة الشؤون العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار بأن 88 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة الى بلدهم.
وفي ذات الاسلوب الذي اتبعه الغرب وأميركا في السابق يسعى هؤلاء المارقون الى عرقلة كافة الاجراءات ووضع العصي في عجلات العودة عبر اتخاذ اجراءات من شأنها منع عودتهم الى ديارهم، إضافة الى تسييس عودتهم.
وأكدت موسكو مراراً أن عدداً من الدول تقوم بتسييس وعرقلة عودة اللاجئين السوريين عبر تقديم حجج مختلفة، موجهة أصابع الاتهام للولايات المتحدة والامم المتحدة بتعطيل عودة اللاجئين برفضها المساعدة في إعادة إعمار سورية.