فكل ما يفعله الآن في الوقت الأخير المتبقي من عمر إرهابه على الأرض السورية هو محاولة ترميم وجه الخسارة بتصريحات غبية والانسحاب التدريجي من خطوط الميدان الذي فُرض عليه بقوة الإنجاز السوري، ومحاولة مداواة تقرحات الهزيمة على الجسد الإرهابي وابتلاع غصة تهاوي مشروعاته الاحتلالية التي منّى نفسه بها بعد أن ركب موجة الإرهاب سبيلاً لتحقيق وهم إحياء العثمانية البائدة.
حال أردوغان اليوم كمبتلع سكين الهزيمة السياسية والعسكرية على حدي الخيبة، فلا السياسة التي كان يستند على جدرانها كلما انهارت تحصينات إرهابه في الميدان بات جدارها يسند ترنحه وخداعه، ولا الميدان سيمنحه فرصة الاصطياد الانتهازي عبر تسخين جبهة الشمال بخروقات إرهابييه مجدداً للاتفاق الأخير المبرم مع موسكو.
وبنظرة تحليلية لما تبقى من أوراق يمكن أن يلعب بها أردوغان لعبة مساوماته الدنيئة، نجد أن كل أوراق خبثه احترقت بين يديه، فقد أصبحت فعالية رصيده الإرهابي صفراً لا مكان لها في معادلة الإنجاز السوري في ساحات المعارك، ولو أعاد شحنه بكل أنواع التسعير العدواني، والابتزاز الوقح لأوروبا بقضية اللاجئين لن يجعله يطول سراب المنطقة الآمنة التي يلهث لتحصيلها، وبالتالي سيخرج المعتدي التركي من سورية مرغماً خالي الوفاض إلا من خسارة ساحقة وبقايا إرهابيين ستلفظهم الجغرافيا السورية وتردهم إلى أحضان مشغل إرهابهم التركي.
واشنطن بدورها تدرك عمق الهوة الفاصلة بين البلطجي التركي وأوهامه الاحتلالية؛ وتعرف أن أردوغان بعدوانه الغاشم على الاراضي السورية ينزلق بقوة إلى منحدرات الهزيمة، وأن تضخم أوهامه قزمها الميدان السوري مراراً ويفعل الآن، وتعي جيداً أن الدولة السورية لن تقبل بمساومات رخيصة أو طروحات ملغومة تستهدف وحدة جغرافيتها، لكنها أي واشنطن بكل ما تمتلك من خبث وغطرسة تناور على حساب شركاء إرهابها كونهم ليسوا أكثر من أدوات وظيفية بلعبة مصالحها، دافعة إياهم إلى محرقة نفاد صلاحيتهم.
الوضع في إدلب حالياً رهن التزام رئيس النظام التركي الذي لا نظنه سيتوب عن آثام إرهابه كون سوس الأطماع ينخر عظامه، على كل الأحوال أي استغلال انتهازي أو نقض لبنود الاتفاق فإن الخيار العسكري حاضر لم يغب ولم يلغ من أجندات التحرير السورية وإن أُجلَ لأسباب تكتيكية فرضتها إرهاصات المرحلة.