في الرواية يستعيد كابوته صورا متفرقة من حياته ولاسيما طفولته ويفاعته الباكرة ذلك لأنه اضطر أن يعيش بعيدا عن جو الأسرة بسبب انفصال والديه كما الصبي كولن فينويك بطل قيثارة العشب ونلمس تفنن كابوته في الوصف الحسي للطبيعة والنفسي لأبطاله وشخوصه وإظهار أنماط نفسية شديدة الغرابة وشبه منقطعة عن العالم عند شخصيات مثل الأختين تالبو وسواهما.
ولا يكفي المترجم أن ينقل نصه للغته بأمانة ودقة بل عليه أن يعيش أجواء العمل المكتوب ويفهم الروح والبيئة التي كتب من وحيهما وهذا ما فعلته سعيد بالضبط حتى جعلتنا نتساءل إن كانت الرواية مترجمة أم مكتوبة باللغة الأصلية فجاءت بعبارات قدمت فحوى المعنى وتراقصت برشاقة.
ومما يسجل لكابوته في هذه الرواية براعته في جعل الفتى كولن شبه صامت فلا نراه يتكلم إلا قليلا رغم أنه الراوي ولكن كابوته دفع به إلى الوراء بعيدا عن الحوار وجعل منه ناطقا باسم الجميع ومتحدثا عنهم وواصفا حتى دواخلهم.
وتنقلنا الرواية إلى بلدة صغيرة واقعة في الريف الأمريكي الجنوبي التي عاش سكانها مغامرات عديدة وكان لكل منهم همه الخاص وتجارب سوداء مر بها لكنه أراد أن يخفيها عن الآخرين غير أنهم تلاقوا عند عرزال أشجار الزنزرخت حيث اختبأ الصبي كولن مع دولي وكارين قبل أن ينضم إليهما القاضي والشاب الطائش ريلي هندرسن ويتصدون سوية لسلطات البلدة التي أرادت طردهم من العرزال بناء على طلب فيرينا أخت دولي.
وفي الرواية الكثير من عناصر الجذب ما جعلها تغري القيمين على مسرح برودواي وعلى هوليوود ليقدموها مرتين الأولى كعرض مسرحي عام 1959 ثم فيلم سينمائي عام 1995.
يشار إلى أن الرواية صادرة عن دار التكوين للطباعة والنشر والترجمة أما مؤلفها ترومان كابوته 1924-1984 فهو أحد أهم الأدباء الأميركيين المعاصرين له العديد من النتاجات في القصة القصيرة والرواية والمسرح من أشهر أعماله رواية بدم بارد التي تحولت لفيلم سينمائي وأما خالدة سعيد فهي ناقدة ومترجمة سورية حاصلة على شهادة دكتوراه من جامعة السوربون في باريس صدر لها العديد من المؤلفات في النقد الأدبي والمسرح والترجمة.