تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معاً على الطريق .. الكاتــــــب والتحــــــدي

مبدعـون علــى صفحــات «الثــورة»
الأحد 23-6-2013
يونس حيدر

ماذا يمكن أن يفعل الكاتب والكاتب الصحفي بوجه أكثر تحديداً لمواجهة التحدي؟ والتحديات في مجتمعنا كثيرة، ولا يمكن أن تقف عند حدود معينة، مادام الإنسان يقبل مبدأ التحدي ويقبل في الوقت نفسه، أن يضع نفسه موضع مجابهة وليس موضع استسلام.

الصحفي في مجتمعنا -وتلك حقيقة- بحكم احتكاكه المتواصل بالحياة اليومية للناس، يمكن أن يكون أكثر الناس عرضة لمواجهة المشكلات التي تفرضها الظروف المتغيرة باستمرار فما الذي يمكن أن يفعله إزاء تغير الظروف، وتبدلها سواء منها الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية؟ هل عليه أن يقبل بالواقع ويستسلم له، أم إن عليه أن يعيش في حالة صدام مستمرة مع هذا الواقع الذي كثيراً ما يجد نفسه في موقف المعارضة معه أو في موقف عدم الرضى؟‏

في الحقيقة ليس هناك من يتعرض لمواجهة ردود فعل قاسية تجاه ما يكتب، كما يتعرض الكاتب الصحفي غير أن ردود الفعل هذه مهما بلغت قسوتها، ينبغي ألا تدفع هذا الكاتب لأن يطامن نفسه للسلبيات التي لا يرضى عنها أو لأن يتكيف مع هذه السلبيات ولو لمرحلة قصيرة لأن مثل هذا التكيف مع السلبيات والتعايش معها، يمكن أن يقود بالنتيجة إلى نوع من القبول أو إلى نوع من الاطمئنان يصل حد التواطؤ أحياناً.‏

إن هذا الموقف لا يعني بالضرورة موقفاً معارضاً أو عدائياً - كما يحاول بعضهم أن يفهم من كل كلمة تحمل راية النقد أو المجابهة - بل ربما كان هذا الموقف أكثر ايجابية، باعتباره يحمل طابعاً رفضياً يقوم على عدم القبول بالخطأ أو التعايش معه.‏

وليس هناك ما هو أكثر ضرراً بالتطور الاجتماعي من محاولة الابقاء عليه دونما نقد أو دونما محاولة للتجديد أو التغيير، وكما يقال دائماً فإن الماء الراكد يصبح ماء آسناً وبالتالي غير صالح للشرب وكذلك الهواء الذي لا يتجدد يتحول إلى هواء فاسد وعلى المستوى نفسه يمكن أن نقول بأن الحياة التي لا تتحرك داخلها تيارات النقد يمكن أن تقع في خطر الروتينية وفي ظلال النظرة الخادعة التي قد تسيطر أحياناً على من يعيش داخل الغابة حيث يتصور بأن حجم الغابة إنما هو فقط في أشجارها المفردة التي يراها والتي تبدو قريبة منه.‏

ما يقال عن الرواية أحياناً بأنها مرآة تجوب الشوارع يمكن أن يقال أيضاً عن قلم الصحفي، الذي ينبغي عليه أيضاً أن يجوب الشوارع وأن يدخل إلى البيوت ليس فقط من نوافذها وأبوابها المفتوحة وإنما من الأبواب الخلفية التي يمكن أن تكون مجالا للكشف عن الأخطاء التي لا تبدو بوضوح في الواجهات الأمامية.‏

ومن هنا كان النضال في مجال العمل الصحفي ليس هو فقط النضال المطلبي الذي يسعى إلى تحقيق مكاسب وامتيازات معينة وإنما هو أيضاً النضال من أجل الكشف عن الاخطاء والعيوب والنواقص النضال الذي يتطلب في كثير من الأحيان التضحية بالعديد من المكاسب التي لا تلبث أن تكشف عن أنها مجرد مكاسب سطحية وظاهرية وقد لا تستمر طويلاً.‏

إن امتياز الصحفي ليس فيما يحصل عليه وإنما في كلمة النقد التي يقولها والتي يمكن أن تجد من يستمع إليها هذه الكلمة وحدها هي التي تمنح الصحافة وجوداً حقيقياً.‏

وهنا لابد من الاشارة إلى أن النقد لا يعني فقط التقاط النواقص والسلبيات وإنما هو أيضاً الوقوف على الظواهر الايجابية في المجتمع ورصد هذه الظواهر ومتابعتها وبقدر ما يمكن القيام بهذه المهمة المزدوجة على الصعيد الايجابي والسلبي معاً بقدر ما يمكن أن يقوم عمل صحفي جديد وجريء يستمد قوته من كونه يمثل سلطة رقابية تدفع المجتمع باستمرار في اتجاه التطور والتغيير.‏

الخميس 21/12/1972‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية