محاضرة .. دور الرعاية الاجتماعية للأطفال وظاهرة العودة إلى الانحراف
مجتمع الأحد 23-6-2013 علاء الدين محمد تعد ظاهرة العودة إلى الانحراف إحدى أهم المشاكل التي تواجهها الأنظمة والمؤسسات الإصلاحية في العالم، فالحدث العائد إلى الجنوح غالباً ما يكون انحرافه أكثر حدة من انحرافه الأول،
حيث يمارس الحدث الجنوح، فتجمع الجهود الاصلاحية لتقويمه وإصلاحه وإعادة تكيفه مع المجتمع، ولكن عودته إلى الجنوح مرة أخرى تضع العديد من التساؤلات حول الحدث نفسه، وظروفه المرتبطة بخصائصه الشخصية وأوضاعه الأسروية والبيئية المحيطة، هذا ما بدأت به الباحثة الاجتماعية تغريد العيسى محاضرتها في ثقافي المزة بدمشق وأضافت أن ظاهرة العودة إلى الانحراف تضع العديد من علامات الاستفهام، عن مدى فاعلية البرامج والجهود الإصلاحية التي بذلت لأجله خلال فترة تواجده في معاهد الإصلاح، وحول الجهود التي بذلت للتدخل المهني مع أسرة الحدث وتهيئة البيئة المناسبة لإعادة تكيف الحدث بعد خروجه من معهد الإصلاح، وإن الإجراءات الخاصة برعاية الأحداث الجانحين تحدد إلى مدى بعيد مصير هذا الحدث، وتعتمد على خصوصية كل حدث وصفاته الشخصية وظروفه المختلفة التي تعرض لها وذلك من أجل الوصول بهؤلاء الأحداث المنحرفين إلى وضع أفضل يضمن عدم عودتهم إلى معهد الإصلاح مرة أخرى.
سبب العود إلى الانحراف
أوضحت المحاضرة أن أهم أسباب العود إلى الانحراف هي الأسباب المتعلقة بشخصية الحدث الجانح، والمتعلقة بالأسرة والبيئة المحيطة والحي والمدرسة وجماعة الأقران، وأوقات الفراغ، عمالة الأطفال، والعوامل المتعلقة بمعاهد الاصلاح والخدمات المقدمة فيها، وبينت الباحثة أن نسبة العود بين الأحداث الجانحين في معاهد الإصلاح هي 27.2٪ من الأحداث وأن غالبية الأحداث من الذكور إذ تبلغ نسبة الذكور 80.7 ٪ بينما نسبة الإناث 19.3٪ لقد تميز الجانحون العود بضعف المستوى التعليمي وإن غالبية الأحداث العود قد دخلوا معهد الإصلاح مرتين بنسبة 43.9٪ ، تهمة السرقة تحتل المرتبة الأولى من بين التهم الموجهة للأحداث العود وغالبيتهم ينحدرون من أسر تتسم بتدني المستوى التعليمي للأب وللأم وبانخفاض الدخل الشهري للأسرة وبالتالي هناك 56،1٪ من أسر الأحداث يعانون أحد أشكال التفكك ، طلاق ، وفاة، زواج بأخرى هجر،.. وأيضاً هناك وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين عمر الحدث عند ارتكابه الجنحة الأولى والعود إلى الانحراف، فكلما ارتكب الحدث جنحته الأولى في عمر أقل من أربع عشرة سنة ساعد ذلك على احتمالية عودته إلى الانحراف مرات متكررة، وأكدت المحاضرة أن معاهد الإصلاح لم تكن موفقة في وضع خطط للتدخل مع الأحداث الجانحين العود لتفادي عودتهم إلى الجنوح مرات، وفشلت هذه المعاهد في تقديم خدمات الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين والتي تعتبر أهم عوامل نجاح البرامج الإصلاحية بالتالي علينا زيادة أعداد الاختصاصيين بما يتناسب مع عدد الأحداث وإيجاد برامج وخطط تدخل للأحداث بشكل عام ثم تفعيل برامج الرعاية اللاحقة في معاهد الاصلاح، وفصلهم عن بعضهم البعض أي حسب العمر والتهمة، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة وتطوير البرامج، إضافة إلى إجراء المزيد من الدراسات على ظاهرة العود وختمت العيسى محاضرتها بالقول : إن المجتمع وما يتبعه من مؤسسات قد لا يهدف إلى الحط من منزلة الجانح، بل في الغالب يهدف إلى إعادة تنشئتة واصلاحه وعلاجه وإعادة تأهيله ولكن حتى وإن كان ذلك هو المقصود فإن إجراءات الإيقاف ، والحجز والإدانة، والإيداع في المعهد مروراً بشكل المبنى وتصميمه والأسوار العالية وطريقة التعامل مع الحدث داخل المؤسسات الاصلاحية وتصنيفه كجانح خطر أو غير خطر من خلال مواقف الحذر التي يقابل بها، فإن تطبيق هذه الإجراءات إنما يؤدي بالضرورة، حينما تصر على تطبيقها بهذه الكيفية إلى تكريس صفة الجنوح لدى الحدث وتؤكد أن دور المؤسسات الإصلاحية يأخذ صفة إيوائية وعقابية أكثر منه دور إصلاح وتأهيل وأضافت المحاضرة أنه من هنا ترى أهمية إعادة النظر بالمؤسسات الاصلاحية وبرامجها والدور المنوط بها وطريقة التعامل مع الأحداث داخل هذه المؤسسات والتأكيد على أهمية دور الرعاية اللاحقة للأحداث المفرج عنهم، وعدم ترك الحدث المفرج عنه بمفرده يواجه المجتمع والظروف الصعبة، التي تتحالف لجذبه، مثل رفاق السوء والظروف الأسرية والاقتصادية، وتحفظ المجتمع تجاهه، وإحساسه أنه غير مرغوب ، والذي من المؤكد أنها سوف تدفعه إلى التردي والعود إلى الجنوح، لذا لابد من القيام بعملية متابعة مستمرة للأحداث المفرج عنهم لحمايتهم من العودة إلى الانحراف.
|