|
|
كواليس المبدعين... البياتي.. والقصيدة الكونية ثقافة عمل في التدريس والصحافة في وطنه وأقام في بيروت مدة من الزمن وانتقل بعدها إلى القاهرة ومنها إلى دمشق في الستينيات من القرن العشرين, ليظهر في الاتحاد السوفييتي سابقاً, ثم عاد إلى بغداد ليرتحل فيما بعد إلى مدريد كملحق ثقافي في السفارة العراقية هناك, شأنه شأن نزار قباني في إحدى مراحل حياته, أنجز على مدى نصف قرن أكثر من ثلاثين مجموعة شعرية فضلاً عن بعض الكتب النثرية والنقدية, كما وساهم في ترجمة مختارات شعراء لشعراء كبار إلى العربية أمثال: أراغون, وإيلوار, ولوركا, وناظم حكمت الذي التقاه في موسكو. من أعماله الشعرية نذكر: ملائكة وشياطين, أباريق مهمشة, عيون الكلاب الميتة, النار والكلمات, قمر شيراز, يوميات سياسي محترف. وهو يختلف عن الشعراء الذين يصنفون أشعارهم إلى أبواب من رثاء وغزل ووصف وهجاء, فالقصيدة الحديثة برأيه لا يمكن وضعها في مثل هذه الخانات الشكلية لأنها قصيدة كونية تنطوي على العالم الأكبر, وعلى مغامرة الشاعر اللغوية والوجودية وخلاصة ثقافته وتجاربه الحياتية, كتبت عنه أطروحات جامعية كثيرة لصالح جامعات عربية وأجنبية, وترجمت بعض أعماله إلى اللغات العالمية ومن بينها اللغة الصينية والاسبانية. الراحل البياتي لا يحب النمطية في الحياة ولا الأجواء البيروقراطية ويسعده أن شعره يقرؤه البسطاء وغلاة المثقفين , وفي هذا الشأن يقول عبد الوهاب البياتي: (إن الشعر العربي يقف في طليعة الشعر العالمي), ويقول عن الروائي نجيب محفوظ: إنه يمثل خلاصة العبقرية العربية كما وأن الكون الروائي الذي خلقه ينطوي على الشعر والرواية معاً, أقام البياتي سنواته الأخيرة بين عمان ودمشق وحين وافاه الأجل كان قد طلب في وصيته أن يدفن في المقبرة القريبة من ضريح ومقام الشيخ الأكبر ابن عربي لشدة إعجابه وتأثره بفلسفة ابن عربي الذوقية وهيامه الصوفي, فكان له ما أراد كرمته الحكومة السورية بإطلاق اسمه على شارع ليس ببعيد عن مبنى جريدة الثورة.
|
|||||||||||||||||||||||||||||
