تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لبنان .. على الدرب الصحيح

شؤون سياسية
الجمعة 28/11/ 2008 م
< بقلم الدكتور نسيم الخوري

يرتاح المراقب السياسي إلى انفتاح الأبواب والعقول والنفوس اللبنانية على الشرق حيث الضوء وحيث دمشق العاصمة الجارة الأولى التي تنتظرك في أول الطريق,

وهي اليوم عاصمة الدورة العربية تنقب عن التماسك في زمن البعثرة, وعاصمة الثقافة والإعلام والمؤتمرات والصحوة الكبرى للكثير من الدول التي وقفت في صفوف التظلم والتماس الضغوط التي كدنا نتصورها في النسيان منذ منتصف القرن الماضي, لكنها جاءت تعيد دمغ التاريخ بميول استعمارية إلى مصطلحات أخرى صرنا نخجل من استعمالها في خطبنا وحبرنا, كانت زيارة الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان فاتحة منطقية لمسار الأمور الطبيعية بين الأشقاء, وهي زيارة حلت الخيط المشدود في سبحة من السنوات العجاف, حيث كرت وتكر الحبات في مجراها الطبيعي والمنطقي بين بيروت ودمشق إلى تراكم الإلفة والمودة والتعاون من مدير المخابرات إلى وزير الداخلية إلى وزير الإعلام فوزير الثقافة التي لطالما غالى بعض السياسيين ويغالي بعض بقاياهم في تناولها في زمن تبدو فيه الأغطية ترتفع عن الألسن المسلولة في وجه سورية كما تسقط الأقنعة, فندخل عمق الحقائق ولو كابرالمكابرون.‏

نعم, لم تكن الاشكالية في الطائفية وحسب ولا في التوترات الأمنية ولا في الجروح التي يحفر فيها سياسيو العاصمة بيروت تمهيداً للانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستكرس في النسيج اللبناني, كما هو متوقع, مجموعات من الوجوه المألوفة الممسكة بأعناق اللبنانيين, وقطعاً لم تكن الاشكالية في أزمة النظام والدستور, لأننا في بلد يكاد من يتابع تفاصيل حياته السياسية وممارسات سياسييه يشعر وكأنه اعتاد العيش في وطن لا سقف له ولا دستور أو لا نظام فيه, وهو سيقف كثيراً على رؤوس أصابعه قبل أن يكون وطناً ديمقراطياً حراً مستقلاً, وقطعاً لم تكن الاشكالية في الوطن المقطور في طائرة, والمحشور في فندق يوحد اللبنانيين ويعطيهم وطنهم ولقمتهم وبنزينهم وتعليم أولادهم وأدويتهم وتعويضاتهم وكرامتهم على قاعدة من المساواة والكرامة.‏

تلك نتائج تفصح بأننا في أزمة كيان حقيقي واكبت وتواكب وجود لبنان ورسم هويته ومستقبله متأرجحاً بين شروق وغروب في فترات متكررة ومتراكمة من تاريخه, نعم, نحن نعيش أزمة كيانية كبرى وصلت إلى ذروتها, وانفجرت في شكلها النهائي منذ أعوام, وكادت تهدد مستقبل هذه البلاد بالمعنى السياسي للكلمة.‏

كيف?‏

الواقع أن اللبنانيين لم يحولوا أنظارهم من الشرق إلى الغرب, إلا عندما باتت تركيا رجلاً مريضاً فوق فراش العالم, ولا بد من تقاسم أراضيه الشاسعة, وقد تكون حوادث 1860 المحطة الدموية الأولى التي أثخنت أجساد اللبنانيين في الجبل, وتركت ندوباً, وكأنها لم تيبس فوق شفاه اللبنانيين وفي أجسادهم بالرغم من مرور قرن ونصف عليها, صحيح كان يصعب كسر شوكة الجبل بسبب ندرة الطرقات نحو التلال ووعورتها,وشراسة السكان وبدائية الأسلحة التي كانت تستخدم من عشرات المدللين للجبل من القوى الغريبة المتنوعة, هكذا بقي الجبل النواة الصلبة العاصية التي كان يصعب الوصول إليها, بهدف تطويعها وكسرها وربما طحنها.‏

وقد أوجدت تلك النواة اختزاناً لاعتداد طائفي وسياسي واجتماعي واضح لدى أهل الجبل ما أكسبهم ترسيخاً للجاه لمجموعة من العائلات والباكوات والاقطاعيات التي تحكمت بالتلال وبالعامة من الناس الذين اكتفوا بميزة التشبث بالأرض وحراثتها حتى بعدما تحولت جنائن خضراء وقصوراً رائعة.‏

وجاء الفرنسي في العام 1920 ليضم بعض الولايات الممتدة إلى جسد الجبل الصخري, مثل بيروت وصيدا وطرابلس المنفتحة على المتوسط والأقضية الأربعة, وهذه كلها شكلت دولة لبنان الكبير الذي أعلنته باريس لكن بقي هذا الضم حبراً على ورق الخرائط الجغرافية: لم يتمكن الجبليون من الانخراط في الامتداد البحري أو النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي للكلمة كما لم يشعر أهالي المناطق المضمومة من أهالي الضواحي بانتسابهم الفعلي إلى الدولة اللبنانية وبمعنى أوضح لم يتمكن أهل الجبل بالرغم من انفتاحهم الواسع على الغرب, من بسط سلطانهم على مدن السواحل والأراضي الواطئة من الوطن اللبناني المركب, وهذا يعني أيضاً أن سكان الأطراف نسبة إلى الجبل لم يشاركوا في نمو لبنان, وما تم خرطهم أو خلطهم في ممارسة الحكم بأهل الجبل سوى كاختلاط الزيت بالماء, وهو اختلاط كان يتوهم الناظر إليه بأنه مشابه في الخطاب لاختلاط الملح بالماء وهنا لب الاشكالية في البنية اللبنانية المعقدة حتى لما بعد مؤتمر الدوحة. لماذا?‏

لأنه اختلاط لم ينتج تداخلاً في النسيج الاجتماعي والعادات والتقاليد بقدر ما هو اختلاط ناتج عن الحركة الدائمة والاهتزازات الكثيرة والرياح العاصفة التي ما انفكت تعصف بلبنان من الخارج وتجعله جسداً جاهزاً دوماً لتلقف الحرائق والحروب, كان الاختلاط الأخير ملحوظاً ومن قبيل اللياقة إبان حرب تموز على لبنان, ونسمع اليوم من يمنن بها أهالي الضاحية والجنوب بأننا أويناكم وساعدناكم وعليكم إذن البصم في سياستنا التي لا يعرف سوى الله والعالمين بالأمر أين تبدأ وأين تنتهي وإلى أين تأخذنا, وفقاً لهذا التوصيف البسيط كان يمكن قراءة كل التحالفات والمشاريع والأوراق الداخلية والخارجية التوحيدية والتقسيمية والفدرالية والكونفدرالية ومئات الأحزاب والتجمعات والتجارب والحروب الطائفية والثروات التي كانت وما زالت تتحكم بهذا الكيان اللبناني الصغير.‏

ماذا تغير حتى الآن?‏

يشارك للمرة الأولى بعض أهل بيروت بعض أهل الجبل سياساتهم وتطلعاتهم ومطابخهم السياسية وهي مشاركة جاءت عن خيار أو عن ضغط أو لأسباب طائفية أو مذهبية أو تشاوف أو كيدية أو تمغرب أو انقياد للأجنبي أو عن طونية جديدة لم نصادفها في نشوء الأوطان, ليس بالضرورة أن نعرف, بالرغم من أن المنظرين وهم على حق يرون في هذا المستجد اللبناني جديداً في طبيعة الانقسام حيث جاء وطنياً لا طائفياً لا يمكننا أن ندرك مدى الغبطة في صدر الجبل لمواقف من كانوا, حتى الأمس القريب, يركبون البوسطات من أهالي بيروت والشمال وباقي المدن ويتجهون نحو سورية كافرين بهذا الكيان اللبناني.‏

تغيروا?‏

والتغيير مشروع لم يحصل إلا عندما تفردوا بالسلطات واعتبروها من قبيل المكاسب التي أضفاها الطائف عليهم, ولكنه تغيير جاء منصاعاً للغرب وعلى إيقاعاته ومصالحه, ويضمر عدائية لسورية كان لا يمكن فهمها أو تبريرها في الزمان ولا في المكان.‏

عجباً! ما هوية تلك العدائية الناتئة التي يختزنها بعض أهل لبنان للمقاومة ولسورية وللشرق وحلفائهم بأشكال غريبة في الداخل والخارج? هذا عنوان أطروحة دكتوراه معروضة على أحد طلابنا لكن كتابتها باللغة العربية مسألة ضرورية.‏

لم يعد الجبل جبلاً بل صار مدناً بطرقه وسهولة الوصول إليه, وباتت الجغرافيات متشابهة في العمران ووسائل المواصلات بين الجبل والعواصم, وخصوصاً بعدما عصفت الكشوفات في ميادين الأسلحة والأجهزة الإعلامية التي طوعت الجغرافيات المستحيلة, وبات من المستحيل الاستمرار بتركيب جغرافية متطورة جداً تشابه باريس وواشنطن وروما على عقول ونفسيات ثابتة منقوشة أبداً بصلابة التاريخ والجغرافية ما قبل عصور الحجر.‏

لقد تم تطويع الجبل للسهل وطوع الجبل بعضاً من عاصمة لبنان وطبعها بطبعه, ها هو البعض في الجبال والعواصم يطمح إلى تطويع ضاحية بيروت والضواحي أو المناحي اللبنانية وتطبعها, مع أن من يلحون في التطبيع هم من عجزوا عن تطويع عواطفهم السياسية للعقل والمنطق.‏

قلنا تطويع الضاحية? من أسماها الضاحية يوماً أو نقيضاً لبيروت الكبرى? قد يرى البعض من اللبنانيين والعرب في الضاحية الجنوبية حبة ناتئة خطيرة تهدد الجسد, ويفترض استئصالها, وهم يدورون حولها في السر والعلن, حاولت أن تتكفل بها اسرائيل وهزمت, وها نحن نتذكر في يوم الشهيد أن حبة قد تقتلع الجسد وترميه في الحفرة إن لم نعرف التعامل معها, هذا منطق التاريخ في التعامل مع كرامته, يدفعنا لأن نرى المقاومة ودمشق شامتين رائعتين على جسد العرب الأصفر الباهت حيال شعوبه, ومنها ينطلق البحث الهادىء في ما اسميناه أزمة الكيان اللبناني, في زمن انهيارات العرب اللامنتهية.‏

فكيف تركب العواصم العربية الشقيقة على تلونها وعشقها للبنان, وهربها من الحر, بلداً آمناً مستمراً مستقراً منصهراً في الجغرافية وفي العقل وفي التاريخ?‏

يكفي قراءة النصوص والأحاديث المنشورة والسرية للكثير من سياسيي لبنان والتي أعقبت اتفاق الدوحة وقبله مناخ مشابه لمؤتمر سان كلو وقبلهما مؤتمر الطائف ولوزان ليرفع الحبر والجواب أصابعه العشر صارخاً: إلى الشرق در لإعادة ترميم الهوية.‏

< كاتب وأستاذ جامعي nassim.khoury@gmail.com//drnassim@hotmail.com‏

">لبناني‏

nassim.khoury@gmail.com//drnassim@hotmail.com‏

تعليقات الزوار

مفيد الغزال \ كندا \ رئيس لجنة الهوية والجنسية الع |  نعم لبنان على الدرب الصحيح بمساعدة جارتنا سوريا الدولة الوفيه  | 29/11/2008 19:37

صباح الخير أهلاً وسهلاً لكل من يحب لبنان وسوريا والقضايا العربية ... لماذا أقول هذا الكلام اليوم ؟ لأن الكذبة والفريسين كُتر في بلدنا .. يقولون أخباراً جيدة .. ويضمرون أشيائاً مدمرة ... التصريحات التي نسمعها من هنا .. وهناك .. من فريق حان لنا جميعاً أن نقف بوجهه ونقول له لا .. كبيرة , في صباح كل يوم وقبل شروق الشمس وألا ؟ ... واذا نحن كفريق وطني لم نفعل .. واذا لم نقف بوجههم ونقول لهم ايها الكذبة اتركو لنا لبنان .. لبنان للأوادم , للخيرين , للذين يعرفون قيمة ألأوطان ,للذين يحبون لبنان وسوريا العرب والعروبة , وبطبيعة الحال, لبنان ليس للخونة على ألأطلاق ... هنا أقول لسعد الحريري المهتمة الصحف الصفراء بأخباره ويضعوه على صدر صفاحاتهم ألأولى وكأنه هو شي مهم الى هذه الصحف أقول : روحوا شوفوا اسمه وصيته ابتداء من الرياض حتى باريس ؟ نعم , باريس آخر خبر سمعناه أن سعدو متزوج سراً هناك من مومسة كان تعرف عليها في أحد شوارع باريس الليلية عندما كان يلقط مومسات الشوارع , والمعروف أنه ضبط أكتر من مرة وكان شيراك ينقده في كل مرة من السجن , من شي قليل الرئيس الفرنسي الحالي لم يستقبل العائلة الحريرية ومنهم سعد الحريري وعند دهابه الى قصر الأليزية لتهنئة الرئيس ساركوزي بوصوله الى الرئاسة ؟ لم يستقبله ساركوزي وقد أرسل له احد حراس القصر للأعتدار منه وطلب منه في أن يلاقي الرئيس في أحد مطاعم باريس ؟ دهب يومها الحريري ( والمفروض أن يرفض لو كان عنده درة من كرامة ) الى المطعم في الوقت الذي كان يعتقد الرئيس ساركوزي أن الحريري لا بد من أن يرفض الدعوة ؟ لكنه لم يفعل فدهب وتغدى معه , لكنه مع ألأسف لم يفهم الرسالة جيداً ... باختصار : لقد قال له ساركوزي حل عن ( ............... ) أيامكم مع شيراك انتهت لا أنا شيراك ولا من طينة شيراك ... وانسحب الحريري وترك القصر الى غير رجعة , ولم يعد يسمح له بدخول قصر ألأليزية فهو اي الرئيس ساركوزي كان يعرف كل شيء عن علاقة الحريرية بالرئيس ألأسبق شيراك بحكم أنه كان وزيراً للداخلية) التي أخبارهما بطوطي الراس وليس العكس وقد أتبت الرئيس ساركوزي انه رجل الساعة .. رجل عظيم وهو الذي أعاد الى فرنسها عظمتها ومجدها واسمها الطيب بعد أن حطم شيراك كل ما بناه

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية