ومن المرجح أن الإنسان كان يعتمد في احتساب الوقت على الظواهر الطبيعية و حركات الأجرام السماوية كتكرار طلوع الشمس وغروبها، فاتخذ اليوم كأبسط وحدة للزمن،ثم لاحظ تكرار أمور أخرى كالمدِّ والجزر وظهور الهلال فاتخذ الشهر القمري وحدة أخرى للزمن،ولاحظ تكرار الفصول وعلاقتها الزمنية باختلاف مواقع النجوم في السماء ثم عودتها مرة أخرى بعد تعاقب الفصول وموسم الحصاد،وهجرة الطيور وتزاوج الحيوانات،ولاحظ الأقدمون أيضاً أن الشمس خلال سنة تمرُّ عبر مجموعات النجوم في السماء فوضعوا لها أسماء وقسَّموا مدار الشمس الظاهري حول هذه النجوم أقساماً وأبراجاً متساوية وسمُّوا هذه المجاميع من النجوم والأبراج بأسماء بعض الحيوانات.
ثم تبين لهم أن قياس الزمن بالأبراج أدق من الاعتماد على المواسم الزراعية أو اشتداد البرد والحرِّ وهجرة الطيور، فاستنبطوا المزاول والعُدد الفلكية المختلفة وطوروها على مرِّ الأجيال بالمراقبة الدقيقة لحركات الشمس والقمر والنجوم فعرفوا كثيراً من التفاصيل مكنتهم من تقسيم الأزمنة بدقة كافية فوضعوا التقاويم وحددوا بها الأيام والأسابيع والشهور والسنين، ثم اخترعوا الساعات لقياس الزمن وأقاموا المراصد وأحرزوا منجزات فلكية فائقة.
ومع كل هذه المنجزات في العلوم الفلكية وحتى في عصرنا الحاضر فلا يزال الناس في شتى بقاع الأرض وعلى اختلاف مشاربهم وتعدد مقاصدهم وثبات مصالحهم يرون أن تقسيم الزمن يجب أن يخضع للاعتبارات الوضعية وليس للظواهر الطبيعية وذلك تسهيلاً لترتيب التقاويم والاعتماد عليها في تنظيم المعاملات وتسجيل الأحداث.
واعتمد المؤقتون والحاسبون الزمن بالساعة الوسطية ويتبع ذلك اليوم الوسطي، كما اعتمدوا الشهر الاصطلاحي والسنة الاصطلاحية أيضاً في التقاويم لاتزال سائدة الاستعمال في عصرنا الحاضر.
ومرَّت التقاويم بأطوار كثيرة عبر التاريخ وكانت متعددة الأنواع، منها ما اضمحل مع الأمم في العصور السالفة ومنها ما طرأ عليه تحوير وتعديل أو تصحيح.
وتستخدم التقاويم لأغراض هامة منها تحديد التواريخ،وهذا يستلزم إعداد سجل بالأيام والشهور والسنين وتعيين الحوادث في مواعيدها،وينتج عن تسجيل التواريخ إعداد النتيجة السنوية، وهي تتضمن بيانات عن شهور السنة وأسماء أيامها وما يقابلها من التواريخ التي تتبع تقاويم أخرى، وتصدر في بلادنا تقاويم متعددة للشهور والأيام وهي السنة الميلادية وفق التاريخين الشرقي والغربي والسنة الهجرية والقبطية، كما تتضمن مواعيد الأذان وفيها تفصيل خاص في شهر رمضان يتضمن فترات السحور والإفطار، كما تتضمن الحوادث المدنية القادمة كالمواسم والأعياد.