والمعرض الذي أقامته الصالة تحت عنوان «فن الحفر والغرافيك الدولي» شكل حلقة جديدة متواصلة مع مسار المعارض التي ينظمها الفنان الرائد ممدوح قشلان، وخطوة مكملة لأهداف صالته، منذ تأسيسها عام 1980 وهو يعطي لمحة موجزة عن بعض اتجاهات فنون الطباعة الحفرية السائدة في ألمانيا والأرجنتين وبلغاريا وبولونيا والدانمارك وتشيكيا وفنلندا والنروج من خلال أعمال: ارسولا رندل وسوزان شلوتر وسنثيا سنيدر وستويمين ستويلوف وستويان تسانيف وايفوا يلتشيف وكارول جارسكي وفوتيشيخ بليفاكو وفيري ريستيوج واوللا ليسز ويارو سلافا بتتشوفسكا واوزيمو فيزوري وبيورن ترايدر.
ما شاهدناه في المعرض من أعمال في مجالي الرسم والطباعة يظهر حالات الاختصار والاختزال والفراغات والمساحات لصالح إبراز الشكل التعبيري والتجريدي أحياناً، ولقد استخدم البعض في مساحاتهم التشكيلية التعبيرات الخطوطية المرسومة بالأحبار الصينية، الشيء الذي حول بعض اللوحات إلى مجرد تخطيطات اعتمدت على حركة الرسم السريع الذي يجسد الأشخاص والعناصر الطبيعية والمعمارية.
وعلى العكس من ذلك وجدنا التكثيف الشكلي في بعض اللوحات أو في جزء من بعضها، في حين بدت الأجزاء الأخرى متقشفة في تأسيسها الغرافيكي أو اللوني.
وإذا كانت بعض اللوحات المائية تستعيد أجواء الفنون الشرق أقصوية، فإن الخطوطية تبقى هاجساً يمكن أن يعوض ذلك الغياب للون عن أجواء اللوحة المطبوعة بالأسود والأبيض، إذ تظهر أكثرية اللوحات المعروضة صياغات لافتة في القدرة على تجسيد الأحاسيس الداخلية بالتعبير الخطي الذي يقطف حركة الشكل أو على الأقل مظهره الخارجي، ويضفي المسحة الفنية والتشكيلية والحديثة عليه.
ومن خلال التنوع الأسلوبي والتقني والموضوعي المقروء في لوحات المعرض، تظهر مختلف التأثيرات الفنية المتبادلة بين الماضي والحاضر، وبين الشرق والغرب، وبين العاطفة والانفعال، وبين السكون والحركة.
فالتجارب التشكيلية ليست في النهاية إلا صدى للتساؤلات التي تحاول في امكانياتها التشكيلية المتنوعة الوصول إلى صياغة عمل فني مستقبلي يعكس قدرة الفنان المعاصر في المجاهرة بالأزمنة التشكيلية التي عرفتها فون العواصم الكبرى في القرن العشرين، قرن التحولات والانقلابات الفنية الكبرى.
هكذا تظهر تنويعات التجارب المعروضة في احتمالاتها الواقعية والتعبيرية والتجريدية.. كحلقات متتالية ومتتابعة في خطوات البحث عن جماليات عصرية تلغي الرتابة التصويرية التقليدية، وتحقق في بعض أوجهها رغبات التواصل والتجانس مع بعض الاشارات البيئوية العربية وصولاً إلى معطيات الفنون الشرق أقصوية.