منذ أسبوع وحين صدر العدد الجديد من مجلة الدوحة العدد 16 حملت موضوعا جميلا وممتعا حمل عنوان: الطيب الصالح (خال الجميع) وهو بقلم د.أميرتاج السر، روائي من السودان .
خال الجميع
يتحدث الكاتب عن صلة القربى بينهما، ويشير إلى أن المبدعين السودانيين جميعا وأينما كانوا اعتادوا أن يقولوا ويصرحوا في المناسبات والمنتديات أن الطيب صالح خال لهم، أي أنه خال لكل مبدع، ويشيركاتب المقال إلى أن الطيب خال حقيقي له وليس ادعاء أو محاولة تزيين ومما يسرده عن لقاءاته بالخال المبدع يقول: أول مرة التقيت بالطيب كان في بداية سبعينات القرن الماضي كنت تلميذا ابتدائيا، وكنا في قرية (كرمكول) حيث توفي جدنا (محمد صالح) والد الطيب، وجاء الطيب إلى هناك تسبقه مسيرة كبيرة كنت أسمعها من والدي ووالدتي، بجانب تلك الشهرة العريضة التي كانت في أوجها ذلك الوقت حيث كان الناس يطاردون سيرته، كما يطاردون الخبز ،قدمني والدي الذي كان صديقا له بجانب القرابة إليه، ووجدت نفسي بين يدي رجل هو بالضبط اسمه مرسوما على هيئة رجل، كان يجلس ساعات طويلة يستمع إلى ترهات الصغار والكبار يرخي أذنه لامتصاص حكايات (اسماعيل) الذي كان حكَّاء كاذبا يهرب من مجالسه الناس، لكنه كان في عرف الطيب روائيا شفاهيا فاتنا، يأتيه محجوب وأحمد اسماعيل اللذان استوحى منهما حكاياته أو هكذا ظنوا من ورود أسمائهم في الروايات وكانوا جميعا أميين أو أشباه أميين كان يتذكر معهم يؤيدهم في كل شيء ويعد بعضهم بكتابته مجددا في نص جديد وحتى ذلك الرجل العجوز الذي كان لقبه (بنقرشة) وظن نفسه بطل الرواية التي تحمل اسم( بندر شاه) لم يخيب الطيب ظنه،وقال له إنه بالفعل بطل تلك الرواية، أسبوع كامل قضاه الطيب معنا، وقدمت له كراستين من كراسات التلاميذ كتب لي فيهما إهداء بخط يده حملته فرحا، وظللت أباهي به زمنا وسط زملائي في المدرسة، وأيضا أقدمه لأساتذتي وألمح الحسد ينط من أعينهم جميعا.
مواسم العراء ورحلة العذاب
وظلت الكراستان موجودتين في حوزتي إلى عهد قريب قبل أن يذوب الورق ويتفتت، بعدها ذهب الطيب إلى غربته وشهرته لألتقي به مجددا بعد سنوات طويلة وأيضا في ظرف حزين حيث توفيت والدته (عائشة أحمد زكريا) التي كان برغم ابتعاده ابنا بارا بها، ولم يبد لي أبدا بعد أن نضجت ودخلت إلى سكة الكتابة أكثر من ذلك الإنسان الذي لايمل حديث الآخرين، الذي لاينسى حياته الأولى وأنداده الذين حمل معهم القمح إلى الطاحونة في نهارات السموم، حصد معهم البلح في مواسم الحصاد هش الجراد عن قناديل الذرة والقمح، وربما جلس معهم في قيزان الرمال في ليالي القمر البدر في قرية كرمكوك يضحكون على حكي ضاحك، أو يبكون حب وليد مجهد أو يلدغون بعقارب هجرت شقوقها.
من آرائه
الرواية العربية عالمية :
الرواية العربية الآن تستطيع أن تطرح نفسها إزاء الأدب العالمي لقد قلت في مناسبات كثيرة إن الأدب العربي عالمي، والرواية العربية عالمية، الموضوع هنا مقاييس ومعايير فقط ولسوء الحظ فإن معايير ومقاييس الناقد العربي ليست مستمدة من رؤانا ولا مرتبطة بحضارتنا، وهذا جزء من المشكلة الكبرى .
أين الفكر الأصيل..؟
أرى أنه لاينبغي أن نشغل أنفسنا كثيرا بهذه المصطلحات (النقدية) لأنها وافدة إلينا من الآخر وهي تمثل له تطورا فلسفيا أو فكريا معينا أو أنها مجرد موضة فكرية.. نهتم كثيرا بمثل هذه الأفكار ومن مشكلاتنا أنه ليس عندنا مناخ مفتوح يحصل فيه طرح للأفكار ويثار حولها الحوار والمناقشة لايوجد فكر يعتبره الناس فكرا أصيلا .. لم يظهر إلى الآن ابن خلدون آخر، أو ابن رشد آخر، وعندنا ألوف الجامعات ..
أدونيس شاعر أحترمه...
أدونيس شاعر أحترمه وأعتبره مهما مهما قيل فيه، وهو يحاول أن يقدم تجربة شعرية مدروسة، وأعتقد بأننا نلتقي في بعض الأمور لكنه شاعر لاتنسى ذلك، فأنا أختلف عنه بقدر ما يختلف المؤرخ عن الكاتب الروائي .
والشاعر يختلف تماما.. الشاعر يقدم رؤيا وجدانية نابعة من داخله للكون ولايزعم أنه يتعامل مع واقع الأشياء بالمعنى المادي المحسوس.
وبهذا المعنى أنا أختلف عن (أدونيس) ثم هو من مكان معين في الوطن العربي، وأنا من مكان آخر، وهذا أيضا يعني المزاج العربي، صحيح أنه مشترك في الأسس لكن هناك اختلافات بيئية (القبس 25/7/1982) .
اللغة العربية صافية
في فترة من الفترات كدنا نفقد ثقتنا بأنفسنا بسبب دهشتنا بالعالم الأوروبي ومن المشكلات التي تطرقت إليها في ( موسم الهجرة إلى الشمال) بداية التشكك بالأشياء القيمة لدينا، اللغة العربية أقول هذا ليس من قبل الشوفينية -صافية ولاتوجد نسبة على الإطلاق بينها وبين اللغات الأخرى، الناس يقولون إن لغتنا قاصرة عن نقل التعابير العلمية، ولكن اللغة العربية هي اللغة التامة .
منتم إلى السودان والعالم العربي ..
أنا منتم إلى السودان، والعالم العربي قطعا، لكني مدرك أن أناسا أمثالي ليسوا هنا، وليسوا هناك ماذا يفعل أمثالي وهم معلقون بين السماء والأرض يقول هاملت، لكن هذا هو مصير الكاتب والشاعر، إنه إحساس متعب لكن أقبله كجزء من الأعباء التي يحملها الانسان في الحياة -الرأي العام (16/1/1989).
صناع المستقبل
عن المقتلعين من جذورهم قال: هؤلاء جنس جديد وأظن أنهم سيصنعون مستقبل العالم، المقتلعون من جذورهم أصبحوا كثيرين في العالم، هؤلاء هم ربما صناع المستقبل
الرأي 17/1/1989