تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم .. على هامش منتدى أمريكا والعالم الإسلامي

دين ودنيا
الجمعة20-2-2009
محمد حبش*

استقبلت قطر هذا الأسبوع عدداً من أبرز قادة الفكر في العالم الإسلامي وأمريكا تحت عنوان عريض وهو الحوار من أجل غد أفضل، وعلى مدى ثلاثة أيام قدم المشاركون رؤاهم في مستقبل العلاقة بين أمريكا والعالم الإسلامي.

ودع الرئيس الامريكي المنصرف البيت الابيض بتصريح حزين قال فيه إنه قلق من الصورة السوداء التي رسمت له في العالم الإسلامي، وأنا أعتقد بأن قلقه مشروع وبالفعل فهي صورة سوداء قاتمة، ولكن من البؤس ان نبحث عن دوافع الرسام الذي رسمها دون السؤال عن الأسباب التي جعلت العالم الإسلامي يقرأ الإدارة الأمريكية بهذه الصورة التعيسة، إنها بالطبع ليست صورة شكلية انطباعية رسمها فنان شارد وراح يلتمس لها التآويل من سريالية غامضة مسكونة بالأسرار والأساطير، إنها ببساطة الصورة التي رسمتها إدارة بوش لنفسها، ويداها أوكتا وفوها نفخ، وقدمت بها برنامجها للعالم عبر سلسلة من الحروب المتهورة التي عادت على العالم بالموت والويل والخراب.‏

سورية ذهبت إلى الملتقى بقلب مفتوح على الرغم من إرادة القطيعة والغطرسة التي مارستها الإدارة السابقة على مدى ثمانية أعوام، وبدا واضحاً أن المؤتمر ينتظر كلمة سورية خاصة بعد رحيل الاوهام الأمريكية في الشرق الأوسط الجديد والبدء بإعداد لغة حوار جديدة.‏

الدكتورة بثينة شعبان تحدثت حول مستقبل العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، وقالت: لقد ذكرت سيدة أولبرايت أن العالم يسير نحو الحرية والعدالة وهذا جزء من عقيدتنا كمؤمنين، وكدليل على ذلك فإن ميلوسوفيتش الذي قتل عدداً كبيراً من المسلمين مات في سجنه في لاهاي أمام المحكمة الدولية، وأن صدام حسين نال عقابه على جرائمه، وأن الذين أشعلوا العنف في أمريكا يختبؤون في مغاور وجبال مجهولة، ولكنك عزيزتي لم تذكري شيئاً عن المجرمين الصهاينة الذين مارسوا القتل والإجرام وأطلقوا القنابل العنقودبة فوق رؤوس الأبرياء ولا زالوا يعيشون في حماية دولتكم ودعمها اللامحدود، ألا يحق لنا أن نتساءل متى سيأخذ العدل مجراه ونراهم إلى جوار من ذكرتيهم من القتلة؟‏

قالت د.بثينة شعبان : لدينا فرصة تاريخية لتصحيح الصورة النمطية بين الإسلام والغرب، والمطلوب ليس أكثر من احترام المساواة والكرامة بين الناس، لقد تمكنت أمريكا من إقناع العالم بتورط الليبيين في سقوط طائرة لوكربي ومارست حصاراً أليماً على الشعب الليبي وفي النهاية وعبر صفقة رهيبة تم إنهاء كل شيء بدفع تعويض لحياة الأمريكيين الذين قضوا في الحادث بواقع عشرة ملايين دولار لكل ضحية، ولم تقبل أمريكا التنازل عن سنت واحد من هذه الملايين على الرغم من الأرقام الباهظة التي تحملها الشعب الليبي خلال عشر سنوات!!‏

هل ستعمل أمريكا على إجبار إسرائيل على دفع تعويضات مماثلة على جرائمها ضد غزة وضد الشعب الفلسطيني؟ وهل ستدفع أمريكا للأبرياء الذين قتلوا في العراق على يد قواتها؟ بالمناسبة أمريكا هي التي تقول إنهم أبرياء وأنهم سقطوا بدون قصد في غمار حربها على الإرهاب!!‏

ومع أن د.بثينة شعبان ليس لها ذلك الصوت الجهوري الذي يقرع قلوب الكتائب وترجف منه الرجال، وليست منذر جيش صبحكم ومساكم، وليست صاحبة غضبة مضرية تهتك حجاب الشمس أو تمطر الدما!! إنها ببساطة امرأة!! كما يقول زياد حمزة في بيفري هيليز، ولكنها قوة الحق، وإن لصاحب الحق مقالاً، ولم يصفق الحاضرون في المؤتمر لمتحدث كما صفقوا لسورية عندما تحدثت بثينة شعبان!!‏

تحدث برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي بالتناغم مع (شريك كفاحه) الجنرال باتريوس عن النجاحات التي حققتها أمريكا لصالح الديمقراطية في العراق وما رافق ذلك من بعض (الأخطاء) التي لا بد منها لنجاح المشروع الديمقراطي، (وهي هنا كما هو معلوم بضع مئات الآلاف من الضحايا، وبضع مئات من السنين عاد فيها العراق العظيم إلى الوراء، ومقتل بضع عشرات الآلاف من كوادر العراق، وتهجير بضعة ملايين إلى الشتات!!) ولم يوفر المتحاوران الصديقان النكات المجة التي تلقي على تعاونهما طابعاً ودوداً يستلزم بعض الضحكات (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم)‏

كانت المفاجأة أن الذي تولى الرد على برهم صالح العراقي كان مادلين أولبرايت!! أول امرأة تتولى باقتدار الدبلوماسية الأمريكية‏

قالت أولبرايت: سيد برهم وسيد باتريوس علام تفاخران؟؟ أنا أمريكية أشعر بالعار من هذه الحروب اللئيمة والتي أذهبت بحياة مئات الآلاف من الناس، لقد أصبحت سمعة امريكا في الحضيض، وذكرت امثلة على ذلك من غوانتامو وأبو غريب وحرق العلم الأمريكي في العالم، ومع أنها لم تذكر الصرماية التي نالها الرئيس بوش في المنطقة الخضراء في قلب منجزاته الديمقراطية في العراق الديمقراطي الحر ولكنها قالت: علينا أن نقول للعالم بشجاعة: لقد كنا نفتري عليكم بالكذب، وإن حروبنا ضدكم كانت مجردة من الأخلاق!!‏

قلت في كلمتي: لقد مضت الإدارة الآفلة ولكن كوارث الحروب التي تركتها لن تندمل آثارها بسهولة، ومن موقعنا كرجال دين فإنه لا بد من محاسبة الفريق الديني الذي كان يسير في هوى بوش كما يفعل وعاظ السلاطين، من أمثال بيلي غراهام وجيري فالويل وبات روبنسون الذين كانوا يلقون ظلالاً دينية سماوية على حروب بوش في الأرض ويقدمون جرعة مقدسة من النبوءات الكاذبة كلما تحركت جيوش أمريكا في العالم، واستطاعوا إقناع ملايين الأميركيين أن هذه الحروب تقع مباشرة إلى يمين الرحمن!! وأنها إرادته ومشروعه التطهيري الذي لابد منه في الشرق الأوسط على أنغام هرمجدون والإعداد للمخلص الذي يبدو أنه لن يأتي إلا على ركام الدم، عسى الله أن لا يأتي به أبداً فهذا العالم ليس ينقصه العذاب والمآسي والأحزان!‏

قلت في قناة الجزيرة: الحوار هو جوهر الرسالة الإسلامية، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، وحين قدم الأمريكيون نموذج صدام الحضارات قدمت منظمة المؤتمرالإسلامي مشروع حوار الحضارات، واعترف العالم بالمشروع الإسلامي وسمي العام 2001 في الأمم المتحدة عام حوار الحضارات بناء على اقتراح مجموعة الدول الإسلامية، وتمكنا من الوصول إلى ملايين البشر الذين يؤمنون بالمساواة بين البشر، ورأيناهم يملؤون شوارع العالم بالغضب ضد حروب بوش على العالم الإسلامي، وأصدرنا نداء عالميأ بعنوان كلمة سواء من خلال النصوص الثوابت في القرآن والسنة، وقد وقعه معنا مئات من قادة الراي في العالم الإسلامي والغربي، وقد قام صديقنا النائب الأمريكي كيث أليسون مع فريق من النواب الشرفاء بعرضه على الكونغرس الأمريكي وتم اعتماده في الكونغرس مفتاحاً للحوار بين الإنسان والإنسان، ولكن هل وقعت هذه الحقائق في مسمع الإدارة الأمريكية التي لم تكن لتصغي إلا إلى طبول الحرب؟‏

لقد انطلق الحوار مع إدارة أوباما، فهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟‏

* عضو مجلس الشعب‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 21/02/2009 07:40

أولا: أنا مطمئن لمن يمثل السياسة السورية في الخارج,فهم أمينون ومدركون و لايلهيهم معسول الكلام عن قراءة مابين السطور, ثانيا : أنا لاأؤمن بحكاية هنالك فرصة تاريخية, ثالثا: أنا لاأؤمن باسطوانة صراع الحضارات ولابحوار الأديان , بل بتكامل الحضارات وحقيقة الأديان ,رابعا : هناك وقت طويل حتى يتخلى المجتمع الدولي عن عبادته لصهيونية إسرائيل, وحتى ذاك الوقت ليس أمام العرب إلا الممانعة والمقاومة, فهذا هو الطريق الصحيح الوحيد, وإذا لم يقبلوا عليه طوعا آجلا , فسيقبلوا عليه كرها آجلا.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية