وكثيرةٌ التجارب التي تعكس دور المرأة السورية في زمن الحرب ،ومن بينها يولا غندور والتي أشارت للثورة بأنها كانت تعمل خبيرة تجميل ،و خسرت خلال الحرب مكان عملها كما استشهد ابنها، فواجهت صعوبات في متابعة العمل وتوفير مستلزماته ، ورفضت فكرة السفر حيث تمسّكت بعد استشهاد ابنها بالبقاء في القطر أكثر من أي وقت مضى ،وقررت تأسيس مشروعها الخاص بها، وأضافت أن الأشهر الأولى التي تلت استشهاد ابنها كانت صعبة على أكثر من صعيد، لكن ذلك منحها القوة والقدرة على خوض التحدي ،فأسست محلاً لها رغم الأوضاع الصعبة في تلك الفترة وسقوط القذائف ،ثم قررت أن تكون لها رسالة بخصوص الشهداء ، وتحوّل المحل الذي أسسته إلى ملتقى لأمهات الشهداء ، كما تطوعت في مكتب الشهداء لتقديم التسهيلات والمساعدة لأسر الشهداء ،إضافة إلى نشاطها الإعلامي ،واستطاعت تجاوز الصعوبات من خلال الإيمان بالوطن وقيم الشهادة وهو ما يُميّز أمهات الشهداء.
بدورها أوضحت إيمان ليلا معاونة مدير المركز الثقافي بالميدان وهي من ذوي الإعاقة أنه بعد إكمال تعليمها والحصول على دبلوم التأهيل التربوي تعرضت لحادت أدى الى شلل بساقيها وهو ما غيّر حياتها، وقد تعرضت لرضٍّ بالنخاع وساء وضعها الصحي ، واحتاجت وقتاً للتأقلم والبقاء في المنزل للعلاج ،ثم بدأت تدوّن مذكراتها وتكتب الخواطر، وتُشير ليلا إلى أنّ الحادث منحها قوة إضافية وتمكّنت من الاعتماد على الذات بالعزيمة والإصرار وقوة الإرادة ،وبادرت بالتسجيل في الدورات التدريبية كاللغة الانكليزية والصحافة لتصقل مواهبها، كما أنها حصلت على عمل وصدرت لها مجموعة قصصية (امرأة بلا قيود)، وقامت بأعمال تطوعية في دار الأيتام و دار الكرامة، مؤكدة هنا على دور الأهل الكبير من ناحية تقديم الدعم النفسي والمعنوي للاعتماد على الذات ورفع الروح المعنوية والتمكّن من التكيف مع الوضع،و ترى من خلال تجربتها أن المرأة ولو كانت تعاني من إعاقة جسدية فهي تستطيع إثبات وجودها.
من جهتها أشارت حسنا محمد مشرفة قسم الابتدائي في مدرسة دار السلام إلى اضطرارها لأخذ دور الأب في أوقات غيابه ، واستمرت بالعمل التطوعي من عام 2012 الى الآن وذلك بتقديم السلل الغذائية ،منوهة بأنّ المرأة السورية تحدّت الصعوبات بمختلف أشكالها واستطاعت إثبات وجودها كل أنثى بمجالها، من حيث استمرارها بالعمل بدرجة عالية من الوعي والتأثير الإيجابي بالآخرين ،وهنالك تحديات وصعوبات تواجه النساء يتوجب العمل على تذليلها والتخفيف منها ، وأضافت على الانسان أن يكون فاعلاً ومؤثراً ، فمشكلات الأطفال متعددة منها النفسي والاجتماعي ، وهنا ظهر دورها كمرشد نفسي لهم بالفترة الماضية.
بدورها لفتت الشيف أريام حسن الى أنها وُلِدت في عائلة تُعاني من المشاجرات والعنف من قبل والدها وهو ما أثّر على تحصيلها العلمي، وفي مجال العمل مُنِعت من قبله من الالتحاق بوظيفة بعد حصولها على الشهادة الثانوية بذريعة لاجدوى منها وبنفس الوقت لم تكمل الدراسة بعدها ، وبعد زواجها وإنجابها طفلاً تركها زوجها وسافر ، وزادت مسؤولياتها تجاه والدتها وأخيها وطفلها ، فعانت كثيراً في سنوات الحرب القاسية من التهجير والأوضاع المادية الصعبة ،وزادت المسؤولية على كاهلها،مؤكدة لاشيء يقف أمام الطموح والتحدي والأمل بغد أجمل، وبعد عدة سنوات أكملت دراستها في أحد المعاهد الخاصة لمواصلة تحصيلها العلمي ،رغم أنها أكبر سنّاً بالنسبة لزملائها ومازالت حتى الآن لا تُضيع أي فرصة للتعلم ،و متابعة الدراسة الجامعية بعد المعهد المتوسط وذلك بمعادلة المواد للسنين السابقة و تُكمل الطريق للحصول على شهادة الدكتوراه.
وبينت منال سعيد التي تعمل ببيع الطعام الجاهز والحلويات ، بعد وفاة زوجها لم يتبقَّ لديها مُعيل ولديها أربعة أطفال فشاركت بالبازارات والمعارض المتنوعة للترويج لمأكولاتها وبيعها، لافتةً على الانسان أن يجد لنفسه فرصة في حال عدم وجود شهادة تؤهله للعمل، والبحث عن حلول بديلة لتحسين ظروف الحياة ، فبإمكان المرأة أن تُعيل أطفالها بالظروف الصعبة وعدم الاعتماد على الآخرين.
كما في كل الظروف والأوقات ، تؤكد المرأة السورية خلال الحرب العدوانية على سورية قدرتها على التميّز وإثبات وجودها كأم وزوجة وعاملة وموظفة ومبدعة ، فهي لبنة صلبة في مجتمع أنجز الكثير من خلال الصمود ومواجهة التحديات.