وهكذا أثبت الجيش العربي السوري الباسل جدارته في تطهير الأرض من الإرهابيين الذين قدموا من كل حدب وصوب لتدمير سورية.
ولم تكن أي اتفاقية بين الحلفاء والأعداء لتتم إلا تحت زخات الرصاص وهدير المدافع، ولذلك كانت تقبل بها إلى حين، ليس من باب المسايرة بل في إطار التكتيك الذي تفرضه التطورات، لأنها تدرك ومنذ البداية أن القوة وحدها هي الطريق إلى التحرير وإجهاض المؤامرات الكونية في كل مراحل الحرب.
والمتابعون يعرفون أن ما من معركة مهما تأخرت أو تقدمت لم تكن لتتم إلا تحت خيمة السيادة التي تنتهي دائماً لصالح الجيش العربي السوري، الذي أصبح الرقم الصعب الذي يحسب له ألف حساب بعد أن أوقع هزائم نكراء في الجيش التركي المعتدي في مناطق إدلب المحررة.
إن خرق الاتفاقيات بعنجهية وغباء، يعطي سورية انطلاقات جديدة لتغيير قواعد الاشتباك و تحرير مناطق ربما كان المعتدون يعتبرونها عصية.
وهكذا حرر الجيش العربي السوري وحلفاؤه أكثر من 40 % من الأراضي التي كان يسيطر عليها الإرهابيون، وصولاً إلى حلب التي عادت إلى حضن الدولة بكاملها وسط خيبة من المحور المعتدي وفي مقدمته رأس الحربة تركيا التي انكفأت وتبددت أحلامها وأحلام مشغليها في اقتطاع منطقة آمنة تظل بؤرة للإرهابيين بحجة ألا يتدفقوا إليها أو يعودوا من حيث أتوا.
ولم تعد أستانا و سوشي، تحمل مسارات يُعبّدها أردوغان بمناوراته السياسية وأكاذيبه، فأغلق الروسي الأبواب على ما سمي بالقمة الرباعية بمشاركة روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا، كما طوى صفحات اتفاقيات ثنائية مع تركيا وما سيلحق كما يروج أردوغان، لأنها كانت تدرك أن هذا الرجل لا يريد إلا شراء الوقت لإطالة أمد الحرب، ولهذا تركت الميدان لأهله.
لقد بات واضحاً أنّ نقطة التحوّل الجوهرية التي وسمت مسرح الشمال السوري، لم تعد تقبل تسويفات تصب لصالح تركيا أو لصالح المشروع العدواني، ولهذا اختارت موسكو وشاركت في الحسم السوري الميداني الذي قد يكون ورقة ضغط روسية على تركيا فيما لو أرادت الأخيرة أن تلوذ بالاتفاقيات الثنائية لتأجيل هزيمتها، ولا أحد سيلوم سورية التي التزمت وروسيا بتفاهماتها بينما عمدت تركيا إلى إنشاء المزيد من القواعد العسكرية والتوغل الذي لم تحصد فيه إلا الهزائم النكراء، التي تنبيء بقرب تحرير إدلب والقضاء على آخر إرهابي إما بقتله أو بإجباره للعودة من حيث أتى، وهذه هي الطامة الكبرى لها ولحلفائها.
المشهد السوري العسكري اليوم يقف على مفترق طرق نحو تشكيل ترتيبات أمنية جديدة، بعد أن تمكّنت الدولة السورية من إحكام قبضتها على غالبية مناطق الشمال السوري، ومع استمرار المناورات التركية، تمّ تجميّد الاتفاقات بمُجملها، ريثما يتم التجهيز -ربما- لهندسة واقع جغرافي جديد، واتفاقيات جديدة.
وباختصار فإننا نؤكد أن ما بعد حلب لن يكون كما قبلها وأن الطريق إلى إدلب أصبحت في مرمى النيران
وإن غداً لناظره قريب