لكن هل الرغبة في تجديد الشباب هي السبب فقط,أم غياب الحياة العاطفية والإهمال المتبادل?
يقول محمود الرفاعي أن جاره الذي أصبح في عقده السادس تزوج مؤخرا بفتاة في الخامسة والعشرين على الرغم من أنه متزوج ولديه أولاد وأحفاد ويعيش حياة مستقرة ولا يستغرب هذه الحالة, فالرجل (كان بحاجة إلى العاطفة وإلى تجديد شبابه,, وذلك بعد أن تسرب الملل إلى حياته, ومن طبيعة الرجل أنه يحب الإحساس دائما بأنه لا يزال مرغوبا, لكن محمود يعتبر سعي جاره هذا بلا طائل, فالسعادة التي ينشدها الآن مع فتاة أصغر منه هي سعادة متوهمة سرعان ما تزول).
ويرى صباح علي أن الرجل يشعر بنقص عاطفي في تلك السن المتقدمة, فيبدأ بالبحث عن امرأة أخرى ويتحول إلى طفل صغير يحتاج إلى العناية والتدليل خاصة عندما ينشغل عنه أولاده وأحفاده بحياتهم الخاصة ويتحدث عن جاره: لي جار طلق زوجته على الرغم من أنه وصل إلى السبعين, ونوى الزواج بفتاة صغيرة في السن فقام أولاده بالاتفاق مع والدتهم بضربه وحبسه في المنزل حتى لا تأتي بأخرى تشاركهم ماله, أي إن طريقة تعامل المجتمع أحيانا بما فيه الأبناء مع هذه السن كثيرا ما تخلق العديد من المشكلات.
أما عيسى خرفوش فيعتبر أن ما يدفع الرجل إلى خوض تلك المراهقة المتأخرة هو أن شريكة حياته لا توليه الاهتمام الكافي, بسبب انشغالها طوال الوقت بالأولاد والأحفاد وعمل المنزل, فيضطر إلى اللجوء إلى أخرى لتعوضه ما يفتقده, فالرجل في هذه السن يعاني كثرة أوقات الفراغ ويجد الحل للخروج من هذا الفراغ, هو الدخول في مغامرة عاطفية مع امرأة أخرى, وأذكر أن صديق والدي بلغ من العمر ستين عاما, وقام بالزواج ثلاث مرات لكي يشعر بأنه مازال (بعز شبابه) ولأن زوجته لم تطق زيجاته بأخريات, وفي ظل غياب أولادها المسافرين كانت تخرج إلى الحديقة, وتعاكس الشبان صغار السن, فهذه مرحلة دقيقة في حياة كبار السن وينبغي الاهتمام بها, ومعرفة كيفية التأقلم معها.
ويقول ياسر عادل: إنه من الممكن أن يكون السبب الأساسي وراء مرور الرجل وحتى النساء بمرحلة المراهقة المتأخرة, رغبتهم في لفت انتباه الآخرين لهم, فيحاولون أن يفعلوا أشياء تجعلهم في حالة من الشباب الدائم.
وربما يرجع السبب في تلك المراهقة إلى أن الزوجين ارتبطا من دون حب وعندما وجدا نفسيهما مسؤولين عن أولاد, اضطرا إلى الصبر لكي تسير الحياة إلى أن جاءت لهما الفرصة بعد أن أوصلا أولادهما إلى مرحلة الأمان فيقرران الانفصال ليبدأا حياتهما من جديد ولو متأخرة.
أما العم أبو سمير فهو يرى أن الرجل عندما يجلس فترات طويلة في المنزل, بلا عمل, يصبح أكثر انفعالا لأتفه الأسباب, ولا يعود يطيق سماع أي كلمة من زوجته لذلك أنا ( أخذتها من قصيرها) ووجدت عملا أتسلى به خارج المنزل حتى لا يحدث الاصطدام مع شريكة عمري ونصل إلى ما لا تحمد عقباه.
ويعتبر أبو أحمد أن السبب الأساسي لهذه المراهقة في سن متأخرة عدم الاهتمام ممن حوله فيفعل شيئا لجذب انتباه من حوله, كأن يعلن رغبته في التمرد على الوضع, فيقوم بتطليق زوجته وصبغ شعره وحلق شاربه, وشراء ملابس الموضة و الجري وراء فتاة في عمر أحفاده, وأحيانا بدون وعي منه فمعظم كبار السن يعانون من فقدان الذاكرة, أو الارتداد إلى أيام الطفولة والشباب لذلك فهذه المرحلة تحتاج إلى اهتمام جميع أفراد الأسرة.
ويروي لؤي عيسى حوادث عن رجال شاهد فيهم هذه المراهقة المتأخرة, فأبو سمعان طلق زوجته بعد عشرة (خمسين عاما) ليتزوج بفتاة تبلغ من العمر عشرين عاما واشترط أن تكون العروس بكرا.. نكاية بزوجته التي كانت تنكد عليه طوال ذاك العمر, وكان شعاره ألا ينام الإنسان وهو غاضب أو زعلان, فلو غضب من زوجته فليتزوج عليها, وأبو سمعان انتظر خمسين عاما حتى فجر غضبه.
أما أبو عدي فبعد أن وصل إلى سن الخمسين لم يعد يعجبه شيء, ولم يكن لديه حجة ليتزوج مرة ثانية إلا أنه أوجدها حين قال لزوجته: إنها أنجبت له أربعة صبيان وهو يريد بنتا تكون له الحنان في شيخوخته, وتزوج بعد أن طلق (أم عدي) التي أصيبت بصدمة كبيرة وحتى الآن لا تصدق ما حدث.
في الأربعين يفكر الرجل كثيرا قبل أن تنتهي مراهقته بالطلاق والزواج.. في الخمسين يكون أكثر قابلية لأنه يحس أن السبب الرئيسي وهم الأولاد, قد كبروا ولم يعودوا بحاجته أما في الستين والسبعين, فحدث ولا حرج.. فهل تراهقون حقا في هذه المرحلة?