العزوف ليس رغبة
ولعل من أكثر الأسباب التي تدفع الشباب إلى العزوف عن الزواج هو العائق المادي, نظراً للظروف الاقتصادية السيئة التي يعيشها كثير من الشباب. هذا ما عبر عنه محمد قدسي طالب فلسفة بقوله: في الحقيقة لم أفكر في أمر الزواج بعد رغم أهميته, لأن الزواج مشروع من المشاريع التي يسعى الشاب لتحقيقها ويجب أن يتحقق عندما تصبح الظروف مهيأة لذلك. وأقصد بالظروف الحالة المادية, بالإضافة إلى الشعور بالاستقرار النفسي, والعثور على الفتاة التي أشعر تجاهها بالتوافق. لهذا أرى أن الشباب ليس عازفاً عن الزواج برغبته .
ويقول جمال رزق طالب أدب انكليزي: انني أعترف أن من سلبيات تعدد العلاقات المُبالَغ في تحررها خاصة في مقتبل سن الشباب هو التشكك في أخلاقيات الفتاة, ومن ثم التشكك في نجاح العلاقة الزوجية مستقبلاً. لذلك أرى أن الشباب ميسوري الحال قد يعزفون عن الزواج لأن كل متع الحياة بمتناول أيديهم, وهم يفعلون كل ما يريدون!, فلماذا التورط في علاقات بعيدة المدى?! ومليئة بالالتزامات ?!وهذا خطر على شبابنا?.
الدافع الاقتصادي
ومن أكثر الأسباب التي تمنع الشباب أيضاً من الزواج اليوم أو تؤخرهم هو الدافع الاقتصادي, هذا ما أدلى به محمد فارس طالب في كلية العلوم ناهيك عن التشكك والخوف من ارتباط بعض الفتيات بتجارب سابقة تسيء إليهم باعتبارهم أزواج المستقبل, ولا يخفى على أحد أن الانفتاح الزائد عن الحد هو ما ساعد على ذلك.
أما ديما ديوب طالبة في كلية التربية فلا ترى في سن الثلاثين مؤشرا سلبياً بل فيه نضج واختيار أفضل لشريك الحياة لدى الطرفين وليس بالشيء الغريب كما يظنه البعض وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية.ونظرتهم بأن القطار قد فاتهم وأخص الفتيات على حد قولي.
حضارة الموجة الثالثة
وعن التأثيرات الاجتماعية لظاهرة التأخر في الزواج وكمتخصص في هذا الشأن أجاب محمد فحام استشاري نفسي واجتماعي بالقول: لعل التأخر في سن الزواج من الظواهر الاجتماعية التي بدأت ملامحها بالظهور مع تحول المجتمعات عبر مراحله وما أطلق عليها ألفن توفلر حضارة الموجة الثالثة المرتبطة بشكل رئيسي بانتشار التكنولوجيا وتطورها وانتقال المعرفة لتصبح سلعة بحد ذاتها. وتكاد تجمع كل آراء المختصين في العلوم الاجتماعية على أن العمر المثالي للزواج يكاد يتراوح مابين عمر 25 30 سنة وذلك لعوامل تتعلق بالناحية الفيزيولوجية للإنسان من جهة وبالناحية النفسية والاجتماعية لكي تجعله إنساناً ناضجاً قادراً على الاعتماد على نفسه من جهة أخرى وعن الناحية الاقتصادية من جهة ثالثة.
وفي معرض حديثه بالنسبة لتأخر سن الزواج قال: هناك مجموعة من الآثار يمكن تحديد ملامحها بما يلي:يخلق ارتفاع سن الزواج فارقاً عمرياً قد يكون كبيراً بين الآباء والأبناء ولهذا الأثر بعض المنعكسات السلبية التي من أهمها زيادة حدة ما اصطلح على تسميته صراع الأجيال.
كما ان ارتفاع سن الزواج قد يؤدي إلى إرضاء الرغبات الجنسية للشاب أو الفتاة بطريقة غير شرعية اجتماعياً وبدوره قد يؤدي إلى انحرافات سلوكية قد تصل أحياناً إلى حد الشذوذ.
كما أدى ارتفاع سن الزواج إلى ظهور طرق جديدة للزواج كزواج الانترنت أو المجلات أو ما يسمى بمكاتب الزواج ولهذه الطرق من الزواج آثارها السلبية التي تفوق آثارها الايجابية.
ويؤدي ارتفاع سن الزواج أيضاً إلى إمكانية شيوع أشكال جديدة من الزواج كالزواج العرفي وغيره.
يؤجل لزواج مستقر
>تشير بعض الدراسات النفسية الحديثة إلى أن تأخر الزواج نسبياً سيعطي فرصة كبيرة لحسن الاختيار ويمنح الاستقرار أكثر وهذا يعود في بعض أسبابه إلى اكتساب الإنسان لمعارف علمية واجتماعية ما التعليق على ذلك?
>> هذا إذا كان التأخر إلى حد معقول كالوصول إلى عمر ال 35 عاماً وهذه الآثار الايجابية تنحصر في الناحية الاقتصادية حيث إن تحسين الوضع الاقتصادي للفرد أو علمه يؤجل لزواج مستقر تراعى فيه متطلبات الحياة ومتطلبات أسرة صالحة.
> هناك عزوف لدى الرجال عن الزواج ممن يعبرون سن الثلاثين ماذا يؤشر لديك هذا الأمر وماذا تقول لهم?
>> هذا ما قاله طلال بوفه الاستشاري الاجتماعي أيضاً الا إن الشباب الذين يتجاوزون عمر الثلاثين عاماً لا يعزفون عن الزواج بمحض إرادتهم , وإنما وصولهم إلى مستوى معين من النضج الفكري والعاطفي يدفع بهم إلى التريث أكثر في مسألة اختيار شريك الحياة , فتصبح الشروط والمواصفات التي يتصورونها في مخيلتهم لشريك الحياة أكثر تعقيداً , وقد لا تتوفر في حالات كثيرة في أي من الأشخاص الذين يقابلونهم في الحياة, وبالتالي يصبحون أمام خيارين فإما التنازل عن بعض تلك المواصفات والشروط, وإما العزوف عن الزواج وامتداد هذا العزوف إلى أمد غير منظور.
حالات همودية ارتكاسية
>> وعن التأثيرات النفسية لهذه الظاهرة وكيفية تحجيم آثارها أجاب د.محمد هلال اختصاصي أمراض نفسية بالقول: لوحظ في العقود الأخيرة ازدياد نسبة الفتيات والشباب الذين يتجاوزون سن الثلاثين ولم يتزوجوا وهذا ما يشكل قلقاً حقيقياً قد يصل إلى حالات مرضية قلقية و همودية ارتكاسية تحتاج إلى معالجة ودعم طبي وعلاجي نفسي ولحل هذه المشكلة نحتاج إلى كثير من التعاون حيث يتحمل الشباب والشابات جزءا من الحل وخاصة الشابات بأن يكن واقعيات عند الارتباط العاطفي وتقدير الظروف الاقتصادية للطرف الآخر وبأن يتحررن من بعض العادات والتقاليد السائدة. لأنه وحسب الإحصائيات وصلت نسبة الفتيات اللواتي تجاوزن سن الثلاثين ولم يتزوجن في الكثير من الدول العربية إلى 30%. لذلك نحتاج لدعم حقيقي من قبل الدولة وهذا ما بتنا نشاهده في السنوات الأخيرة من خلال منح قروض زواج بشروط مريحة وإقامة حفلات الأعراس الجماعية وتأمين السكن الشبابي.