وتسود فيه فرق الموت وعصابات المرتزقة ويحكم من قبل موظفي الشركات العسكرية الأمنية الخاصة التي استوردتها واشنطن أمثال (بلاك ووتر) وشقيقاتها وتتصاعد فيه حمى الصراعات الإثنية والعرقية التي غذاها الاحتلال لتحقيق مصالحه الآنية والاستراتيجية وفي مقدمتها مصالح إسرائيل.
الاحتلال الأمريكي للعراق المشهد الأخير هو جديد مركز دراسات الوحدة العربية الذي صدر في آب 2007 ويتوزع عبر 179 صفحة من القطع الكبير على مقدمة وخاتمة وعدة فصول تناقش وتبحث وتحلل في نهاية المشروع الأمبراطوري الأمريكي في العراق.
ومن المدهش كما يؤكد كتاب الدراسة التي أصدرها المركز أن قادة أمريكا لا يزالون يصرون على إمكانية كسب هذه الحرب على حين تكشف زيادة معدلات القتلى بين الجنود الأمريكيين والخسائر في المعدات العسكرية وتزايد معدلات القتلى المدنيين العراقيين بشكل مرعب وتعاظم المشكلات الحياتية في المجتمع العراقي وانعدام أبسط مقومات الحياة وانتشار الفساد والبطالة والتضخم أن تلك الحرب لا يمكن أن تقود إلى أي حل منظور يلبي حاجة العراقيين إلى السيادة والحرية بل إن كل يوم يمر يوقع المنطقة بأسرها في أتون من المشكلات لا أحد يستطيع أن يتوقع نتائجها وأبعادها.
وحتى إذا خرجت أمريكا من العراق في المستقبل كما تشير الدراسة فإنها ستترك في العراق ندوبا لا يمكن أن تندمل بسرعة,بل سيكون هناك جيل من العراقيين يحمل الكراهية لأمريكا ومن حالفها بالعدوان وسيكون هناك شبه دولة واقتصاد مدمر ومجتمع تسوده الفوضى وجيل كامل سيعمل لعقد من الزمن لإزالة آثار العدوان ونتائجه المادية والنفسية وستتعمق القناعة والإيمان ليس لدى العراقيين وحدهم بل لدى كل الشعوب بأن أمريكا كانت تعمل مقاولا ثانويا فاسدا وفاشلا نيابة عن إسرائيل والصهيونية في تنفيذ برامج تحطيم قوة العرب وتعميق التجزئة بينهم وأن شعارات الحرية أو بناء العراق الجديد كانت تمثل نماذج ممسوخة من صفحات سجل حافل بالتزوير وتزييف الحقائق على المستوى العالمي.
لقد قدم مركز دراسات الوحدة العربية هذه الدراسة كمساهمة فكرية بارزة تؤكد انشغاله بالعراق كقضية قومية وإنسانية سواء على مستوى الندوات التي عقدها حول العراق ومستقبله,أو بالكتب التي تناولت الشأن العراقي من كل جوانبه أو من خلال الدراسات المختارة عن القضية العراقية كهذه الدراسة التي أكدت في النهاية أن الغزو الأمريكي للعراق أصبح في مشهده الأخير لأن المقاومة العراقية ستعلن هزيمة الاحتلال الحتمية ليعود العراق معافى إلى صفه العربي والإنساني ليسهم كما كان عبر تاريخه المجيد في بناء الحضارة.