وتبقى سورية وطناً مليئاً بالجمال والأوابد التاريخية بما تمتلكه من قصص عن بطولات لا يمكن ان تمحى من ذاكرة الشعر وتلك البطولات والقصص تبدو ماثلة في عواطف الشعراء وفي رؤاهم ومنطلقاتهم فالشاعر عبدو الخالد يقول:
لن تهوني وفي سمائك سعد..
وبلال وخالد وصلاح لن تضامي وحق عينيك سورية..
وفيك الأبرار والنصاح ودم صادق الولاء سخي..
أعشبت منه أنجد وبطاح
كما أن هناك بعض الشعراء تدفعهم العاطفة إلى الشكوى لسورية لأنها تسمو على البشر فيبوح لها بموءثرات الغدر والخيانة والطعن مؤكدا أنها لا يمكن لأحد النيل منها فيمزج العاطفة بالحزن مبشرا بالسمو يقول الشاعر ثائر علي ابراهيم في قصيدته (بلاد الشمس).
ويا سورية الأحرار ظلي..
غدير المجد إن الدهر صادي لأنك أم هذا الكون..
ترمى ثمار علاك من حسد الأعادي
أليم خنجر الاخوان لكن..
صمودك فوق عار الانقياد ولن تهني و فوق ثراك جيش..
يصب النار إن صرخ المنادي
وتختلف الحالة الشعورية عند الشاعر فاروق شريفي فيذكر سورية بالغربة ويبوح بمكنونات ومخلفات الشوق وما يفعله البعد من وجع وألم تدمى له الروح ويتوجع له الفؤاد فليس لدى الشاعر إلا أن يتذكر بلاده بما فيها من طيور ساجعات وأماكن جميلة يجعلها في سياق قصيدته حبلا وديا ورابطا وطنيا يكشف للمتلقي كم يؤثر بعد الشعراء عن سورية الحبيبة اضافة للألم الذي يخلفه وقع من يغدر بلده ويخونه في نفسه حيث يقول في قصيدة بلادي:
تحن إليها الروح بعد غربة..
وتشكو اليها داميات بعادي وقبرة راحت تسبح ربها..
مرارا وتشدو باسمه وتنادي حرام على الأحرار
أن ينكروا الوفا..
ويستبدل ورد الربا بقتاد ألم يأكلوا من خيرها وثمارها..
ويستقبل ماء الغمام صوابي
أما الشاعر محمد ابراهيم حمدان فيطرح رؤيته الشعرية مع دفق عاطفي شديد ويرى أن كل شي سهل الا أن نخسر سورية أو تنحني هاماتنا فجميع الأشياء قابلة للتعويض ولاسيما أن ردة فعل الشعب السوري لا يمكن إلا أن تكون قوية وعنيفة في الحفاظ على كرامة الأرض وعزة التراب وهذا ما شربه الشعب السوري من العروبة الحقيقية حيث يختار الشاعر لكلماته وتعابيره موسيقا تراثية استخدمها شعراء المعلقات طموحا منه ليسجل هذا البوح إلى زمن يمتد إلى المستقبل يقول:
كل الكلام مباح في هوى وطني..
والبوح عاصفة والشوق نمام ان جرحوا
الورد فالأشواك باقية..
ولعنة الشوك أوجاع وأسقام وعد العروبة
وعد الله في دمنا..
إلا لخالقنا لا تنحني الهام
بينما يجد الشاعر علي الصغير سورية قلعة صامدة في وجه كل من تسول له نفسه أن يعتدي عليها لما تمتلكه من آثار تعبر عن ماضيها الكريم وتاريخها المشرف فمن يمتلك كل هذه العراقة والإرث لا يمكن أن يسكنه خوف أو تهزه ريبة وذلك بحسب ما جاء في قصيدته سورية أم الجهاد:
سورية أم الجهاد حديثي..
لعل بالحديث تنجلي الريب تذكري التاريخ يا آثارها..
وحديثي يا ترب وأروي يا كتب قصي عن الماضي
علينا عبرا..
وكيف وقد عدنا بسوء المنقلب