إن أفضل وسيلة للإجابة عن هذه الأسئلة ولكلا الطرفين ( المستهلك - الرقابة ) هو تلك الفكرة التي حاولت جمعية حماية المستهلك بدمشق تبنيها والعمل بها ولم تتمكن لأكثر من سبب وسبب وهي إطلاق حملة وطنية للإعلان عن الأسعار ..وهي باختصار تتعلق بحق المستهلك بالمعرفة للسلع التي يتعامل معها وخصوصاً من ناحية النوعية والسعر وعند ذلك تصبح الأسواق شفافة وتزداد الخيارات وتبتعد عن الغش والتدليس والربح المبالغ به وتزداد المنافسة .
الإعلان إلزامي وليس اختيارياً
وإذا كان تحرير الأسعار يعني أن كل الفعاليات التجارية والصناعية بدءا من المنتج والمستورد ومرورا بالتاجر ووصولا لبائع المفرق يحق لها وبكامل الحرية وضع السعر الذي يناسبها ويروق لها.. فإنه بالمقابل هناك شروط عديدة- ملزمة وليست اختيارية- منها سلامة المنتج ومطابقته للمواصفة والإعلان عن السعر ..وبالتالي وضع سعر حر تماما لكن اعلانه مكتوب وظاهر للمستهلك هو أمر إلزامي ..
وفي الجانب الآخر ، فإن هناك مجموعة من المواد والسلع غير المحررة ومقيدة الأرباح وتصدر بشكل مركزي أو عن طريق المكاتب التنفيذية بالمحافظات وهذه أيضا إلزامية للبائع ويجب أن يعلن عنها وتكون متاحة للجميع وفي حال التقصير تتحمل مسؤوليته مباشرة الجهات الرسمية المعنية بقمعها لتلك المخالفة بعدم التقيد بالسعر ..
فوائد لمصلحة الجميع
وقبل التوقف عند تفاصيل قوائم الأسعار الإلزامية ،نؤكد أهمية الاعلان عن الأسعار لأي سلعة أو خدمة محررة ..فعندما تباع نفس الماركة من الحلويات في محلين متجاورين قد لا تكون الأسعار متطابقة وأحدهما يبيع بسعر أعلى لكن المشكلة في عدم وضع السعر وإعلانه فإما أن يشتري المواطن ويسأل شفهيا عن السعر ويقارن بين الأسعار أو يشتري مباشرة دون السؤال عن السعر فقد يكتشف (أو لا يكتشف) فيما بعد أنه مغبون وهناك سعر أقل في محل ضمن السوق نفسه أو في سوق آخر ليس بعيداً عنه ..وهذه المسألة أي تباين الأسعار تنطبق على جميع السلع والخدمات مهما كبرت أو صغرت بدءا من سعر البندورة ووصولا لسعر السيارة ..فثقافة التسوق ومعرفة الأسعار والأنواع باتت ضرورية لحسن الاختيار لأنها تحقق وفرا حقيقيا للمستهلك وتخلق منافسة عادلة ومنطقية بين الجميع ..ولهذا فإن الاعلان عن الأسعار وبشكل واضح للجميع هو وحده الذي يعطي الطمأنينة في حين غياب السعر يجعل الناس في خوف وقلق وخصوصا أن بعض الباعة يقتنصون الفرص ويبيعون حسب الزبون لا حسب المادة ويميزون بسهولة ضحاياهم عن زبائنهم ويقولون عن الزبون الغريب عن الحي (زبون طيار) ويأخذون مايحلو لهم ..
أما في حالة الاعلان عن الأسعار فتسهل المقارنة مثلا في سوق باب سريجة على سبيل المثال ومن خلال الاعلان عن السعر تكتشف ان البعض يبيعك كيلو شرحات الفروج بمبلغ 600 ليرة ومحل آخر بنفس الجودة يبيعه بين 550- 575 ليرة والحلاوة لماركة محددة تجد الكيلو في محل 350 ليرة وفي مكان آخر 400 ليرة ولنفس الماركة وقس على ذلك ..ولهذا فإن المكسب من الاعلان عن السعر محقق للجميع ..
بدل الخدمات
وأما المكاتب التنفيذية لمجالس المحافظات فتصدر سنويا جدول التسعير الشامل الذي يضم جميع السلع والخدمات غير المحررة فيها كالسكر والرز والسمون واللحوم الحمراء.
ويحدد الجدول جميع الخدمات وكلها غير محررة وتضم أجور تصنيع المعجنات وبدل خدمات عصر الزيتون وعمولة الوسيط العقاري وهي في ريف دمشق مثلا نصف بالمئة من القيمة البيعية وواحد بالمئة من القيمة التأجيرية السنوية للعقارات المؤجرة وتترتب على البائع أو المؤجر دون المشتري أو المستأجر.
ويشمل الجدول أجور دخول المسابح والمبيت في الفنادق الشعبية وكذلك لائحة الأسعار في المطاعم الشعبية والسندويش بكل أنواعه كالفلافل والمرتديلا والجبنة واللبنة والسودة والبيض والشاورما التي يفترض أن تحتوي 75 غرام لحم بعد الشوي للعادية ومئة غرام للعربي ، إضافة للسندويش الغربي بكافة أنواعه وتوقع قائمة الأسعار من مدير التجارة الداخلية وتوضع في مكان بارز .
ويضم أيضاً أجور بدل خدمات الحلاقة الرجالية والنسائية وبدل خدمات كوي وغسيل الألبسة والتصوير الفوتوغرافي وتصوير المستندات وأجور النقل والشحن وغسيل وتشحيم وغيار زيت السيارات وتقبين السيارات وأجور وقوفها بالكراجات وبدل تركيب الاطارات وغير ذلك .
ضوابط
وقد وضعت عدة ضوابط لهذا الجداول الملزمة فجميع أسعار المواد والسلع وبدل الخدمات الواردة فيها تعتبر نافذة المفعول من تاريخ صدوره وتعتبر ممددة حكماً مالم تبدل بجدول لاحق ، ويكلف كل بائع أو مقدم الخدمة بالإعلان عن الأسعار بشكل واضح وفي مكان ظاهر من المحل و لايجوز له البيع بسعر زائد أو أن يفرض على المشتري شراء سلعة أخرى أو أن يعلق البيع على شرط آخر يكون مخالفاً للعرف الجاري ،ويحظر على المنتجين والباعة تغيير مواصفات المواد والخدمات المحددة سعرها في الجدول .
أما المواد والسلع المحررة من هامش الأرباح فيلتزم الباعة بالإعلان عن السعر وبشكل واضح ومحدد وفقا لطبيعة كل سلعة وأما عقوبة عدم الاعلان عن الأسعار فهي عشرة آلاف ليرة تدفع خلال شهر وبعدها تحال للقضاء ..
ونتمنى فعلا إعادة النظر في هذه العقوبة وتشديدها أكثر لتكون رادعا لمن يخالفها وهي تنطبق على جميع الباعة بدءا من المولات والسوبر ماركات ومرورا بالمحال العادية وانتهاء بالباعة الجوالين أيضا .