تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إنْ كُنْتَ نَبيلاً يا مَوت!

ملحق ثقافي
11-6-2013
هادي دانيال

لِلْمَوْتِ بَيَادِقُهُ‏

سأبَعْثِرُها فَوْقَ الرُّقْعَةِ‏

أمَّا جَنَرالاتُكَ يا مَوْتُ‏

فَلْتُبْعِدْها عَنْ رأسِيَ‏

عَنْ عِشِّ حَياةٍ أجْمَلَ‏

لَمْ يَفْقس بَيْضُ حَمَائمِها بَعْدُ‏

دَعْني أُنْبِتُ أعْشابَ الرَّحْمَةِ‏

أرْوِيها بِدُمُوعِ الرُّوحِ‏

في كُلِّ فُؤادٍ حَجَّرَهُ كَهَنُوتُ الصَّحْراءِ‏

أبْعِدْ جَنَرالَكَ ذي الّلحْيةِ عَنْ بابِ الشقَّةِ‏

دَعْهُ يَفحّ بَعيداً‏

فأنا وَحْدِيَ‏

وَحْدِيَ‏

وَحْدِي‏

إنّي في تُونُسَ يا مَوْتُ‏

تُونُسُ مُوحِشَةٌ‏

وأنا وَحْدِي‏

.....‏

خُذْ جَيْشَكَ عَنّي‏

حتّى زَوْجكَ مَنْ أفْرَدْتُ سرائرَها بنوافِذِ حِبْرِيَ‏

كَي لا تَذْبل يائسةً بَيْنَ ذراعَيْكَ‏

لَم تشْفَعْ لي؟‏

وَاعَدْتُكَ في بيروتَ ولَمْ تَفْعَلْ‏

وَتَذَكَّرْ أنّي ناشَدْتُكَ في بغْدادَ بأنْ أفْدي باقَةً أطْفالٍ‏

لكنَّكَ قَهْقَهْتَ بِسُخْرِيَةٍ‏

وَزَعَمْتَ بأنَّ اسْمِيَ لَيْسَ على ذاكَ المِنْجَلْ‏

باللهِ عَلَيْكَ‏

أغِثْنِي مِنْكَ‏

وَوَفِّرْ أسبابَ رَحِيلِيَ عَنْ هذا المَقْتَلْ‏

لا أرْغَبُ في دُنيا أنكَرَني فيها مَنْ أحْبَبْتُ‏

وأنْتَ الأَعْلَمُ أنِّيَ يَوْماً لَم أجْفلْ‏

لكنَّكَ تَقْسُو بَلْ تُجْحِفُ‏

إنْ تأخُذني مُمْتَلئاً بغيومِ الحِبْرِ‏

أن تَحْرِقَ حَقْلاً بسنابِلِهِ المائلةِ حنانا‏

في سَنَواتِ الجّوعِ‏

لا تَقْبضْنِي في تُونسَ‏

زَوْجُكَ تَعْرفُ وحْدَتِيَ عَلى هذي الأرْضِ‏

بِكامِلِ وَهْجِيَ،‏

كيفَ أموتُ وَحيدا؟‏

.....‏

هَلْ تَتْركُ مَنْ زَعَمُوا أنَّهُمُ وُكَلاؤكَ‏

يَلِغونَ دِماءَ السّوريّينَ‏

يَلوكُونَ القَلْبَ وَيَشْوونَ الرأسَ‏

وَألْواحُكَ بينَ مَخالِبِهِم‏

أحْقادٌ تَغْلِي‏

في مِرْجَلْ‏

كي تَعْبَثَ بي في غُرْبَتِيَ الكُبْرى‏

إنَّكَ تَرْتَكِبُ جَريمَةَ قَتْلٍ أخْرى‏

-هَل تَذْكُر كَيفَ دَفَعْتَ شَقيقِيَ في الشِّعْرِ‏

وفي عشْقِ فِلِسطينَ إلى أمْريكا‏

كي تثأرَ مِن صَرْخَتِهِ‏

فَوْقَ دِماءِ مُنَظَّمَةِ التّحريرِ تُضَرِّجُ بَيْروتَ:‏

«وَنَشّز مَزّيكا‏

على تمثالِ أمريكا»‏

-لم يَشْفَعْ للشاعِرِ أنَّ النَّاشِرَ في «دارِ العَودَةِ» مَثَلاً،‏

حَذَفَ الصَّرْخَةَ -‏

وكأنّكَ جاسوسٌ أدْمَنَ شرْبَ دِماءِ الشُّعَراءِ‏

لِيَثْمَلْ‏

.....‏

لا أطلبُ أن أُعْفى مِن كأسِكَ‏

لكنْ في تُونُسَ: كلاّ‏

لا «سَمْعَانُ» هُنا كَيْ يَحْملَ خَشَبَ صَلِيبِيَ عَنْ كَتِفٍ تَبْلى‏

وَطَريقُ ابنِ الشَّامِ إلى الجلجلةِ‏

ما أطْوَلها في تُونُسَ يا مَوت‏

فَقَصْرُ الحاكِمِ في قرطاجَ فريسيٌّ يَسْكَرُ فيهِ‏

وفي مَجلِسِها شَبَحُ الصهيونيِّ تَرَبّعَ:‏

ألغى ما شاءَ وأمْلى.‏

أمّا «عُقْبَةُ»، مَنْ أرْسَلْناهُ إلى أفريقيَّةَ يَفْتَحُها‏

فَكَتائبُهُ الآنَ غَزَتْنا وأرادَتْنا قَتْلى‏

فأغِثْني ياموتُ‏

وَعُدْ بي‏

كَي أسْلِمَ رُوحيَ في الشّامِ‏

سئمْتُ الغُرْبَةَ حيّاً‏

فَعَسانيَ تَحْتَ تُراب «كَفَرْيَةَ»‏

ألْتَمِسُ الدّفْءَ وألْمَسُهُ‏

دفئاً وَطَنِيّا‏

خُذْنِي وادْفَعْنِي بِيَدَيكَ‏

أوْ فَلْتَرْكُلْنِي قدَمَاكَ‏

ما هَمَّ، فإنّ مُنايَ السّاعَةَ أنْ أنْضَمّ‏

إلى الجيشِ العَرَبيِّ السُّوريِّ‏

وَخُذْني إنْ شِئتَ هُناكَ‏

خُذْني وأنا في البَحْر أُصارِعُ حيتاناً في أمْواجِهْ‏

خُذْني في البَرِّ أذودُ عَنِ التّاجِ السوريّ‏

أسوطُ الظُّلْمَ السَّلجُوقِيَّ بِكُرْباجِهْ‏

خُذْني في الجَوِّ وبَينَ جَناحَيّ الإيمانُ بأنَّ القُدْسَ‏

تَطَهَّرَ مِن رجْسِ الأعداءِ بأقصاهُ وبِمِعْراجِهْ‏

كَمْ كُنْتُ سأهْفو كالأطفالِ إليكَ‏

أوَلَيْسَتْ أمّي بينَ يديكَ؟‏

ستكونُ ردىً كَنَدى‏

يَتلألأُ فَوقَ شِفاهِ الشّامِ يُرَطِّبُها بَرَدى‏

وأنا مِن جرْحِ بِلادِيَ أطلعُ كالوَردَةِ‏

لِلجُّرْحِ صَدى‏

فاقْطِفْني بأناقةِ مَوْتٍ يَحْتَرِمُ الشُّهَدا‏

واشكلْني حينئذٍ يا مَوْتُ‏

في ياقَةِ سوريّا.‏

•تونس - فَجْر 17/5/2013‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية