وأرخ فيه لمجموعة من كتاب القصة في إيران، وترجم لهم بعض أعمالهم الإبداعية. ودلّنا على أوائل الكتاب الذين ولجوا هذا العالم الإبداعي الساحر، فكان محمد علي جمال زاده بمجموعته «كان يا ما كان» الصادرة عام 1921 قد أسس البنية التحتية للقصة الإيرانية الحديثة ورسم لها خارطة الطريق الذي انتهجته.
وأوضح بيدج أن جمال زاده كان مولعاً بالأدب الشعبي الإيراني، وأنه استخدم في أعماله نثراً مشبعاً بالكلمات والاستعارات والإشارات والكنايات والمصطلحات العامية الدارجة. وأن هذا السبيل بلغ به صادق هدايت الذروة حيث صور في بعض قصصه شطراً من طموحات جيله بشكل رمزي.
كما أن التراث القصصي لصادق هدايت انطوى على ملامح من التحرر والعفوية والإخلاص والعاطفة والعقل والروح الثورية المطالبة بالتغيير.
أما مير صادقي فقد استلهم في أعماله تجاربه الشخصية بنحو غزير، وكانت هذه الأعمال ذات طابع اجتماعي وسياسي غلب فيها على المضمون. ويرى موسى بيدج أن عالم بهرام صادقي القصصي عالم سيال خال من الأفعال والانفعالات ومتطابق مع الواقع إلى درجة كبيرة، وأنه اختار شخوص قصصه من بين الموظفين والمثقفين وامتازت لغته النثرية بالبساطة والوضوح والجدة.
ويشير إلى أن عقد الستينيات كان من أغنى عقود الكتابة القصصية في إيران، وظهر خلالها علي محمد أفغاني بروايته “زوج السيدة آهو” التي أفصحت عن جوانب مهمة في العلاقات العائلية والأحوال العاطفية المترتبة عليها.
وقع الكتاب في 380 صفحة، واحتوى على ترجمة لـ 31 كاتب قصة إيراني ونماذج من أعمالهم القصصية وراجعه سمير أرشدي، ليؤكد أن القصة الإيرانية كانت ومازالت تواكب أحداث المجتمع، وهي العين الناظرة والعقل البصير والتاريخ الحقيقي لآمال وآلام المجتمع الإيراني المعاصر.
وإلى جانب الأسماء السابقة، نجد أسماء أخرى مثل: إسماعيل فصيح، وغلام حسين ساعدي، ومحمد أيوبي، وعلي مؤذني، وأبو القاسم فقيري، وبلقيس سليماني، وأحمد غلامي، ومصطفى مستور، ومحمد شريفي، وجلال آل أحمد، ونادر إبراهيمي، ومحبوبة مير قديري، وغيرهم.
يُذكر أن مترجم أنطولوجيا القصة الإيرانية الحديثة موسى بيدج شاعر ومترجم إيراني من مواليد عام 1956 حاصل على ليسانس أدب عربي وماجستير في الأدب الفارسي، وله أربع مجموعات شعرية، واحدة بالعربية وثلاث بالفارسية، كما أصدر أكثر من ثلاثين كتاباً في الترجمة من الأدب العربي الحديث إلى الفارسية «شعراً ونثراً» منها مجموعات شعرية لنزار قباني وأدونيس ومحمد الماغوط ومحمود درويش وسعاد الصباح، وهو يرأس تحرير فصلية شيراز “نافذة على الأدب الإيراني بالعربية”.