يوم الثلاثاء 15/5/2012 الكاتب والدبلوماسي «كارلوس فوينتيس» الذي وافته المنية في أحد المستشفيات جنوب العاصمة مكسيكو، إثر أزمة قلبية عن عمر يناهز 83 سنة. وتعليقاً على وفاته قالت «كونسويلو سيزار» رئيسة المجلس الوطني للثقافة والفنون المكسيكية في بلاغ صحفي: «لقد مات كارلوس فوينتيس في المكسيك التي أحبها، وإن رحيله هز البلد كله، وداعاً أيها المايسترو!».
كارلوس فوينتيس إلى جانب غابرييل غارسيا ماركيز وخوان رولفو وأوكتافيو باث، وماريو فارغاس يوسا، وأرنستو ساباتو، وميغيل أنخيل استورياس هم عمالقة الأدب الأمريكي اللاتيني الذي حظي بشهرة عالمية بفضل حصول ستة من أعمدته على جائزة نوبل للآداب، ثم الترجمة التي حظيت بها مؤلفاتهم في العالم، لأنها وبدون استثناء قد عبرت عن مصالح وطموحات وأوضاع شعبها، بأشكال وطرق وأساليب فنية رائعة وصاغت من خلالها هويتها المتميزة، وعكست مدى الوعي الاجتماعي والسياسي العميقين لدى أوسع الجماهير، كما مهدت الطريق نحو الحياة الجديدة.
الكتابة الجديدة
فوينتيس هو روائي وقصاص ومسرحي وناقد وأستاذ جامعي، من ألمع كتاب أمريكا اللاتينية وأحد الأدباء المكسيكيين القلائل الذين أرسوا دعائم الكتابة الجديدة في مجال الجنس الروائي في أمريكا اللاتينية، إذ استطاع أن يعبر خير تعبير عن الواقع المتميز لهذه القارة بالسحر والأساطير والأشياء الغريبة. ولد في 11 نوفمبر 1928م في مدينة باناما حيث كان والده يباشر عمله الدبلوماسي كمحلق ثقافي في المفوضية المكسيكية، قضى سنوات طفولته ومراهقته في أمكنة متعددة من القارة الأمريكية: واشنطن، مكسيكو، بوينس أيريس، سانتا كودي شيلي، وريودي جانيرو.
بعد حصوله على الإجازة في الحقوق انتقل إلى جنيف لمتابعة دراساته في الدكتوراه، بعدها شغل عدة مناصب إدارية في مكسيكو، ثم سفيراً لبلاده في فرنسا من 1975 إلى 1977م.
وفي الثمانينيات من القرن العشرين نقل نشاطه الثقافي إلى أمريكا الشمالية، فعمل أستاذاً في جامعات برنستون وهارفارد. يتقن الإنجليزية والإسبانية، ويجمع بين الثقافتين الأنجلو- سكسونية والأمريكية اللاتينية.
كتب مجموعة من الروايات والمجموعات القصصية والمسرحيات والدراسات النقدية والنظرية، نذكر منها: الأيام المقنعة 1954م، المنطقة الأكثر شفافية 1958م، الضمائر الجنسية 1959م، موت أرتميو كروث 1962م، نشيد العميان 1964م، منطقة مقدسة 1967م. استبدال الجلد 1967م، عيد ميلاد 1969، منزل بباين 1970م، القصة المعاصرة في أمريكا اللاتينية 1970م، أرضنا 1975م، عائلة نائية 1980م، سيرفانتيس أو نقد القراءة 1976م، كرينكو العجوز 1985م، كريستبال نوناتو 1987م، كريستوف وبيضته 1990م، كل القطط خلاسية 1990م، المرأة المدفونة «بالإنجليزية» 1994م، الزمن المكسيكي 1995م، أيام لوراديات 1999م، شموس المكسيك الخمس 2000م، عرش النسر 2003، المصير والرغبة 2008م.
وترك فوينتيس كتابين له جاهزين للنشر، الأول تحت عنوان شخصيات والآخر رواية بعنوان «فيديريكو في شرفة منزله» وهو عبارة عن حواريات مع فريديرك نيتشه.
وكان صاحب مواقف سياسية جريئة، إذ جهر بمعارضته الشديدة لسياسة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، بحيث خصصت له مقالات عدة جمعها فيما بعد في كتاب تحت عنوان ضد بوش، ويقع في 29 فصلاً تنم عناوينها، والتواريخ المتقدمة له عن مضامينها: سياسة برائحة النفط، والمفارقة الانتخابية والمطبخ الانتخابي ووداعاً للسيد كلينتون، وأسوأ الرؤساء، و11 سبتمبر، والبيت الأبيض في كنف السواد، والحريات العمومية، والأمن القومي، وكارتير كوبا كاسترو، والولايات المتحدة عدة نفسها، والعنصري المقنع والعراق: حرب بعد حرب... الخ. وقد ترجم إلى اللغة العربية.
تمثل أعماله الأدبية جزءاً أساسياً مما سمي في الأوساط النقدية الغربية Boom الذي عرفه السرد اللاتينو- أمريكي، وقد حصل على جوائز أدبية عديدة أهمها: الجائزة الدولية للرواية «رومولوكاجيكوس» لفنزويلا سنة 1977م، والجائزة الوطنية للأدب بالمكسيك سنة 1984م، وجائزة سرفانتيس الإسبانية سنة 1987م، وجائزة أمير أستورياس في الآداب سنة 1994م، وكان يتردد اسمه مراراً كمرشح جدير بجائزة نوبل للآداب، وإن كان قد حظي بها صديقه الحميم ماريو فارغاس يوسا سنة 2010م، كما كرمه الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران سنة 1992م، وحصل على عدة شهادات دكتوراه شرفية من جامعات عالمية مرموقة، كان آخرها جامعة جزر البليار الإسبانية التي رشحته عشية وفاته.