إن معايير الاستبعاد في الفنون الجميلة واضح في الممارسة المعاصرة للفن النسوي، إذ تضع حدوداً صارمة بين الفنون الجميلة والمهن التي قدمت إبداع الفنانات اللواتي نشطن في الحركة النسوية من سبعينيات القرن الماضي مثل فايث رينغولد ومريام شابيرو واستخدمن الأقمشة والمواد الخام في أعمالهن اليدوية، فاستدعت مواد محلية في التقاليد الفنية التي تختلف عن عمل المرأة والتغاضي عن إبداعها في الرسم والنحت رغم عدم اهتمام الفنون بها. تكون المواد المركبة موضوع معروضات المتاحف في معظم الأحيان، لكن يتلاشى التمييز بين إشكالية الفنون الجميلة والمهن اليدوية مع تغيير التقييمات الثقافية. هذا يشير إلى أن وجهة نظر المرأة الإبداعية لم تكن غائبة عن تاريخ الفن الذي قدم العديد من النماذج والطاقات بشكل تقليدي.
اختيار نوع الجنس في إرسال الفنون الجميلة يكون انحرافاً لمفهوم التجنيس عند الفنان. إن فهم المنتج الإبداعي مع موهبة الفنان للوصول إلى العبقرية والعبقرية سمة يمتلكها الطرفان.
العبقرية والإبداع
العبقرية صفة نادرة بين التجمعات البشرية تشمل الرجال فقط وفق معظم المنظرين. أعلن روسو وكانط وشوبنهاور أن المرأة تمتلك شخصية وعقلية ضعيفتين أكثر مما لدى العباقرة. هذا الحكم يمثل حالة معينة من النظريات العامة التي تنسب إلى صفات الذكورة، مقارنة مع نظيراتها النسويات. واعتبرت العقلانية والفكر صفات مذكرة منذ أرسطو، إذ تمتلك المرأة درجة أقل منها لدى الذكور. واعتبرت النساء أقل تماسكاً من الناحية الفكرية، وأكثر قوة من الناحية العاطفية. ووفقاً لبعض النظريات الانفعالية يمكن أن تكون ملهمة للفضائل، وأكثر استجابة لعلم الجمال وللاستخدامات الإيجابية التي يمكن وضعها في بعض المجالات الأخرى ضمن الفلسفة. عندما يتعلق الأمر بالعبقرية، فالفنانون يحصلون على قدر كبير منها في المجالين: عبقرية فكرية وفنية كبيرة، وإحساس عاطفي يتحول إلى إحساس فني، وبالتالي فالخصائص التي وُصفت تقليدياً هي متساوية بين الرجل والمرأة على حد سواء.
كريستين باترسبي شرحت طويلاً وبشكل معقد مفهوم العبقرية التي تمتد جذورها إلى العصور القديمة. في الوقت الذي يصل مفهومها الرومانسي إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وخاصة بعد استبعاد الفنانات منه. تتصف العبقرية الفنية بالعقلية القوية التي كانت دائماً تنسب إلى الرجال وليست إلى النساء. فالحساسية والإبداع سمات أنثوية افتراضية متساوية في القرن التاسع عشر، ثم الإشادة بمصادر الإلهام لتجاوز قواعد العقل وإحضار شيء جديد إلى حيز الوجود. صدرت الاستعارات النسوية للحمل والحرية والعمل والولادة في وصف الإبداع الفني لعقلية الفنانات كممثلات لإنتاج الجمالية العالية.
أصبحت استعارات الأمومة شائعةً في القرن التاسع عشر على وجه التحديد، واستسلمت الفنانة الحامل لتواجه الألم مقابل تخليها عن الإبداع. فكانت هذه ولادة طبيعية لتصور المبدعين الذكور.
لم تستطع عبقرية الصور المؤنثة في سد الهوة بين الفنانين والفنانات جزئياً بسبب الطرق المختلفة لولادة الإبداع. واعتبرت الولادة الفعلية امتداداً لدور المرأة «الطبيعي» البيولوجي. وبالمثل اعتبرت العواطف والحساسيات الخاصة مظاهر طبيعية أنعم الله بها على المرأة. وصنّف تعبيرها الفني أقل إنجازاً من الطبيعية، فكان ينظر إلى التعبير عن الشعور في كثير من الأحيان بوصفها مظهر مزاجها الفني، في حين فسرت مشاعر عمل الرجال باعتبارها نقل السيادة والسيطرة على العواطف. طريقة التفكير والعواطف في فن المرأة هي نتيجة ثانوية، وفي المقابل، فإن عبقرية الفنان تنتج إبداعاً جديداً يتجاوز ما تمليه عليها الطبيعة.
كانت قدرة تقييمات متباينة في الأدوار الاجتماعية للرجال والنساء والتي تحول دون الإنجازات التاريخية للمرأة في الفنون الجميلة. قيم مؤرخو الفن والموسيقى إنجازات كبيرة في هذا المجال، إذ جلبوا عدد من النساء لممارسة الفنون بهدف لفت انتباه الفنانات والجمهور العام إلى أعمالهن، وبالتالي لم تكن المرأة غائبة تماماً عن سجلات التاريخ. هناك بعض الأشكال الفنية كالرواية النثرية مارستها النساء الرائدات في هذا المجال. والرواية شكل من أشكال الفن الجديد نسبياً في الغرب، فبدأت المرأة بكتابة قصة شعبية كانت مطلوبة في السوق، وأتيحت الفرصة أمام النساء الكتابة بها لكسب المال. لم تمنح أعمالهن دائماً الإشادة بها، ونظر إلى هذه الأعمال نظرة إزدراء. أبدعت البعض منهن، مثل جورج إليوت وشارلوت برونتي في الكتابة التي أسست مفاهيم مهمة وحصلت البعض على جوائز فنية.
بلغت الشكوك حول لاشرعية الفنون تتضاءل، وقُدمت منح دراسية في التخصصات النسائية التي يعاد وفق التقييم التاريخي للرسم والموسيقى والنحت والأدب في أعمال نسائية متساوية مع الرجال، وبذلت باحثات جهداً بإعادة اكتشاف أعمال النساء أثناء الموجة الثانية فيما يسمى أعمال السبعينيات والثمانينيات وهي الفترة التي شهدت تأسيس برامج دراسات المرأة في العديد من الكليات والجامعات في شمال أمريكا وأوروبا خاصة في السنوات الأولى من الدراسات. وكان الهدف منها إعطاء المرأة بداية عادلة في الاعتراف من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال الفنون. وتبين أن هذا الأمر مؤقت في تطوير العمل في صالونات التجميل النسائية.
كان هناك جدل بين العلماء والباحثين بشأن المرأة حول كيفية ارتباط القيم العبقرية بالإنجاز الفني. وجادل البعض بأن فكرة العبقرية هي المشتبه به بسبب التفاوت الكبير في التعليم ومفهوم التخلص إضافة إلى إنجازات فرد يهمل الإبداع المشترك والجماعي لصالح نوع من مفهوم البطولة. «في الواقع كان الفن النسوي في وقت سابق ينجز في التعاونيات، ورفض فكرة الإبداع الفردي لصالح الجهود المشتركة بين النساء»، والاختلاف المتباين موجود ضمن معايير بديلة في العمل لإنجازات المرأة بحجة أن المرء يمكن أن يميز تقاليد عبقرية الأنثى على شكل الفن الذي تنتجه النساء.
هذا النقاش هو إدخال خاص في مناقشات أوسع نطاقاً بشأن ما إذا كان الفن يمثل نوعاً من التقليد الزمني لمختلف الإبداعات التقليدية. إذا كان هذا يعني أن بعض الصفات الجمالية تظهر في أعمال الفنانات لأنهن إناث، فإن استجابة ردة فعل النسويات كانت سلبية بحجة أن مواقف اجتماعية أخرى فرضت اختلافات كثيرة على أعمالها. من جهة أخرى، فإن بعض العلماء يقولون إن الفنانات والكاتبات تنتجن صوتاً مضاداً داخل التقاليد المحيطة بها مطالبة بالجمالية. أين يقف إبداعها في هذه المناقشة الهامة والتي تعتمد على الأدلة؟ تعرضت مزاعم تقليد الجمال الأنثوي لانتقادات واسعة رغم تجاهل الفوارق الاجتماعية والتاريخية فيها. في الوقت نفسه لاحظت كورنيليا كلينغر أن التقاليد الفنية للمرأة تبدو أكثر تطوراً من الماهيوية لأنها تجاوزت مساواة الليبرالية والاعتراف بالتأثيرات بين الجنسين في الإنتاج الجمالي.
يميز المنظور الأخير أن العلماء الذين يدافعون عن فكرة تجارب النساء يمكن أن يكون واضحاً في أساليب التعبير المميزة التي تستوعب الاختلاف. النظرية دعم للنهج من قبل هيئة العمل «حركة نسائية فرنسية». اقترحت هيلين سيكسوس مفهوم النسائية كافتراض للتعبير عن تجربة المرأة في الإنتاج الأدبي النسائي في الأساليب اللغوية التي تقدم وصف الهدف القياسي للمرحلة الزمنية. على الرغم من أنها تنطلق من اختلاف الأسس النظرية بمافي ذلك التفسيرات المختلفة لنظرية التحليل النفسي، فقد لاحظ لويس إرغاراي في كتابة الجسد، وافترضت جوليا كريستيفا التعبير السيميائي هروباً من النظام الأبوي الرمزي واقترحت طرقاً موازية لتميز الإبداع المختلف الأنماط. إن أطر التحليل النفسي أثبتت أن كل الأفكار مثمرة للعالمات العاملات في مجموعة متنوعة من التقاليد الفلسفية. درست جين دوران خيال الكتاب مثل الروائية البريطانية مارغريت درابل والأفريقية الأمريكية توني كيد بامبارا الكشف عن كيفية التعبير لتجربة أسهمت في تجسيد بعض السمات المختلفة على أساس العرق أو الوضع الاجتماعي أو التراث الثقافي.
نشير إلى انعكاسات نظرية الفن النسوية حول كيفية كتابة الإبداع النسوي في الفنون المعاصرة في المناقشات والممارسات. بالقدر نفسه من الأهمية، نقيم القديم الذي يشكل الأطر المفاهيمية لعلم الجمال والذي ظهر أكثر تأثيراً في التحليل النفسي النسوي.
إن تركيز النقد النسوي على فلسفة القرن التاسع عشر يؤثر على الجمال والمتعة والذوق في الأعمال التي كتبت في ذلك الوقت والتي أصبحت نصوصاً نسوية تأسيسية للنظريات المعاصرة. يطلق الذوق أحكاماً دلالية النشأة عن الفن والجمال والطبيعة. بينما تأخذ الكتابة تصوراً ذوقياً، هذه النظريات حول الفنون البصرية والسمعية والمتعة الخيالية، يفترض أن تكوّن متعة الحرفة وهي متعة جسدية وشخصية لإنتاج القضايا الفلسفية المثيرة للاهتمام. يتناول الذوق أشكالاً معيناً من المتعة التي أصبحت متعة جمالية.
إن المفاهيم النظرية الكبرى لهذع الفترة مليئة بأهمية الشكل الاجتماعي رغم تتبع الجنسين في متاهة كتابات هذا الزمن وهي مهمة لدور غير مستقر من نظرية النشاط الجنسي في نظريات المتعة الجمالية، ووفقاً لتحليل نظرية علم الجمال وفلسفة الفن، فالتمتع بالجمالية ليس له علاقة مع نظرية التجنيس، المتعة الجمالية خالية من اعتبارات رغبة التطهير.