مروان قصاب باشي، نذير نبعة، والفنان نذير اسماعيل في مقر المركز بدمشق.
تنوعت العروض بمشاركة عدد كبير من الفنانين الشباب مابين التصوير الزيتي والأكرليك والحفر على المعدن والطباعة الحريرية والباستيل، إلى جانب المنحوتات التي استخدمت فيها خامات البازلت والبرونز والريزين والبوليستر والصلصال المشوي، وبالطبع حضر الفنانون الراحلون بعدد من اللوحات تحكي بصمة مميزة وأسلوبا شكل علامة فارقة لهم على الساحة الفنية خلال مسيرتهم في عالم التشكيل.
من أجل ذاكرة جمعية
يقول الدكتور غياث الأخرس مدير المركز الوطني للفنون البصرية: من غادرنا من الفنانين كانوا قامات فنية وثقافية كبيرة، ولايكفي في عزائهم أيام ثلاثة لنغلق الباب على مسيرتهم إلى الأبد، فشعب لايملك ذاكرة جمعية، هو شعب ليس لديه ذاكرة، والمعرض جاء ليسهم بتدارك التقصير الحاصل في تكريم المبدعين، ومن أجل تحقيق تفاعل الجيل الجديد مع ما قدمه مبدعونا.
ولفت بدوره إلى اندفاع الفنانين الشباب للمشاركة إلى جانب المخضرمين، مايؤكد ضرورة تفعيل الحركة الفنية، وضرورة وجود مشروع وطني ليكون لنا ماض وقاموس نعتمد عليه في متابعة مسيرة الفن والإبداع.
لفتة حضارية
ويرى د. محمود شاهين عميد كلية الفنون الجميلة والذي شارك في المعرض بمنحوتة من مادو البوليستر عن امرأة مستلقية ومبتورة الأطراف، أن المعرض هو لفتة حضارية كونه يأتي من مبدعين لأجل مبدعين، وهذه اللفتة تكرس في حياتنا الثقافية معنى أن نحتفي بالقامات الفنية، وهي دعوة إلى الاهتمام والحفاظ على أعمال المبدع وتوثيقها وجمعها، ولاسيما أن الفنانين المكرمين هم من الرواد.
منارات
وتأتي أهمية المعرض بحسب د. محمد غنوم أن الفنانين الثلاثة هم منارات في الحركة التشكيلية السورية، والفنان مروان قصاب باشي رغم غربته لم ينقطع حنينه إلى دمشق يوما، والفنان نذير نبعة استاذ أعطى الكثيروانتقل في تجربته في مراحل عدة، وتميز في عمله للمقاومة الفلسطينية، ورسومه من الأهمية بمكان أنها شكلت مدرسة تأثر بها الكثير من الفنانين الشباب.
وصديقي الفنان نذير اسماعيل تأتي أهمية تجربته أنه فنان عصامي مجتهد وغزير الانتاج، ترك بصمة مميزة في عالم اللون والتشكيل، وشكل مرحلة وعلامة فارقة تأثر بها كثيرون.
أبعد من تحية
وكتب سعد القاسم» كان لكل منهم حضوره الخاص والمميز والهام في المشهد التشكيلي السوري.. وسيظل تأثير هذه التجارب مستمرا كما حضورها كجزء أصيل من الثقافة الوطنية ومن الذاكرة البصرية على وجه التحديد.. والهدف من المعرض الحفاظ على إرثهم الإبداعي لافي ذاكرة الأجيال التي رافتهم فحسب، وإنما أيضا في ذاكرة الأجيال القادمة كجزء من المصادر الأصيلة لتجاربهم المستقبلية.
نتذكركم دائما
ويرى د. طلال معلا أنه رغم رحيل الفنانين لكن فكرهم وتجربتهم باقية، ويجب تكريسهم في ذاكرة الفنانين الذين يتابعون المسيرة وخصوصا الشباب منهم، والراحلون هم من القامات الكبيرة ونتمنى أن تقرأ تجربتهم بعمق إلى جانب عرض أعمالهم التي تحيي تجربتهم.
واليوم نهدي تحيتنا لهم ونقول لهم أننا نتذكركم دائما، وهذه المبادرة تسجل لمركز الفنون البصرية، لأنها خطوة في تكريم المبدع السوري، وهي إشارة إنسانية لعمق الاختيار الذي تم لتجارب فنانين نعتز بهم.
يسكنون القلب
وبشوق كبير تحدثت الفنانة ليلى نصير عن الرواد الراحلين، وأن أعمالهم باقية رغم غيابهم الصامت، وقالت أشتاق لهم كثيرا، بينما تلفت الفنانة أسماء الفيومي النظر إلى الفنانين الشباب وضرورة رعايتهم والاهتمام بنتاجاتهم لأنهم شكلوا بأعمالهم تظاهرة بانورامية رائعة يضجون بالحياة والتطور والتميز.
ويثني بدوره الفنان غازي عانا على تقليد المركز في إحيائه للفنانين الكبار، وخصوصا بمشاركة فنانين شباب من مدارس مختلفة ماأعطى المعرض وللمناسبة غنى وتميزا.
ومن الأهمية بمكان بحسب الفنان وليد الآغا إحياء مفهوم الذاكرة الجمعية التي نفتقدها، وخصوصا أننا أبناء حضارة عريقة لاتزال تنجب المبدعين، وللمركز يده البيضاء لاهتمامه واحتفائه بالأصدقاء من الفنانين المبدعين بمشاركة فنانين من الجيل الجديد وخلق جسر للتواصل بينهم.
ويفخر الفنان الشاب مجد حناوي بمشاركته مع الفنانين الكبار والأساتذة الكبارفي المعرض ويقدم لوحة تحكي عن درجات اللون المتقاربة، تحية من القلب للفنانين الراحلين لأنهم مصدر إلهام لجيل الشباب ومرجعية نعتز بها.
وتم توزيع كتاب «في أدب الصداقة.. عبد الرحمن منيف ومروان قصاب باشي» وهي رسائل تشكل شهادات نادرة عن عملية الانتاج الأدبي والفني والعلاقة بينهما.
من عوالمهم
حملت آخر لوحة للفنان نذير نبعة اسم «سورية» استعاد فيها خطوطه القوية التي أبدع فيها رسومه الصحفية وموضوعاته الفلسطينية، ويمكن تلخيص تجربة الفنان مروان قصاب باشي ببيت شعرابن عربي:
وما الوجه إلا واحد غير أنه
إذا أنت أعددت المرايا تعددا..
وقد ودع الفنان نذير اسماعيل الحياة تاركا ذكريات مليئة بالود والمحبة، عاش حياة مصادقا فيها الجميع ملهما من حوله، كرس حياته للفن وعائلته، لون حياتنا بالمحبة والحكمة.