تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قبل أن تتحول إلى مشكلات يصعب معالجتها.. التغيرات السلوكية عند الطفل.. كيف يواجهها الأهل بالشكل الأمثل؟

مجتمع
الخميس2-11-2017
فردوس دياب

يعتري الطفل مع بداية عامه الثالث الكثير من التغيرات والتحولات السلوكية التي قد تتحول الى مشكلات يصعب حلها إن لم يسارع الاهل الى احتوائها ومعالجتها ومواجهتها بالأساليب والطرق التربوية الصحيحة التي يغلب عليها لغة العقل والحكمة.

تبدلات طبيعية ..‏

من أبرز تلك المشكلات العناد والعصبية والمشاكسة والعدوانية والتمرد على أوامر الوالدين ومواجهتها بكثير من الرفض والتصرف بنزق وغضب وهذا ما يدفع الاهل الى مواجهة تلك السلوكيات بشيء من العصبية وردات الفعل الغاضبة التي تدفعهم الى ارتكاب تصرفات عنيفة معهم كالضرب والشتم والتعامل بعنف معهم، وهذا بدوره يراكم من المشكلة ويفاقمها ويُصعّب من حلها ومعالجتها.‏

في أغلب الأحيان يخطئ الاهل في التصدي لمواجهة تلك السلوكيات التي يظنها بعض الاهل انها خروج عن المألوف غير أنها في حقيقة الامر ليست إلا مجرد تبدلات وتغيرات طبيعية في سيكولوجية الطفل يجهل الكثيرون التعامل معها لجهة عدم معرفة الوسائل والمبادئ التربوية الصحيحة التي يجب ان يتبعوها لمواكبة تلك التحولات الطارئة التي تطرأ على نفسية وسلوك الطفل الذي يتشكل عنده مع بلوغه عامه الثالث شعور الوعي للذات او ما يسمى بـ « شعور الأنا » الذي يترافق مع ظواهر مثل ظاهرة الاعتماد على النفس التي تبرز بصورة أفعال عملية كأن يصبح بإمكان الطفل أن يلبس ثيابه دون مساعدة الآخرين والاغتسال وتناول الطعام بصورة ذاتية.‏

التوجه نحو الاستقلالية ..‏

إلا أن هذا التوجه نحو الاستقلالية للقيام بجميع الأفعال العملية دون مساعدة الكبار والتصرف بشكل مستقل عنهم واجتياز بعض العقبات التي تعترضه تظهر بصورة جلية في سلوك الطفل بإلحاحه الدائم من خلال قوله المتكرر «أريد بنفسي » حيث يأخذ الطفل تدريجيا بإدراك ووعي العمليات التي يستطيع فعلها باستخدام طاقاته الذاتية وتقدير الأعمال التي يمكن أن يقوم بها بنفسه وتحديد الأشياء التي يعجز عن التصدي لها دون مساعدة الأهل والأمور التي يستطيع إظهار استقلاليته فيها والمواقف التي يتوجب عليه اللجوء فيها لطلب مساعدة ونصيحة الآخرين وتكون أعمال الطفل الذاتية في هذه الفترة غير متناسقة و غير متقنة و لا يستطيع القيام بكل شيء ويلزمه لذلك الوقت الكافي والخبرة التي تأخذ بالتشكل لديه تدريجيا عن طريق التدريب والتمرين المستمر لذلك لابد من فسح المجال أمامه ليدرب نفسه بنفسه.‏

احتواء رغبات الطفل‏

ولهذا السبب يطلق الكثير من علماء النفس على تلك الفترة التي تقع بين السنة الثانية والثالثة من عمر الطفل تسمية (الفترة الحرجة) أو (دور التأزم) لان هذه الفترة تترافق مع ظهور أولى التناقضات بين مطالب الاهل ورغبات الطفل الجامحة التي تأخذ شكلا حادا بسبب تشكل شعور الاستقلال الذاتي لدى الطفل في هذا السن بالذات وزيادة نشاطه.‏

ومن أهم الصعوبات التي تعترض الأهل في تربية أبنائهم هي عناد الأطفال وسلبيتهم، فإذا أظهر الأهل مقاومة شديدة لهذه الرغبات وحاولوا كبتها فإن الطفل يبدأ بإظهار استيائه ومعارضته عن طريق الغضب فيأخذ بالصراخ وضرب الأرض بقدميه والتدحرج على أرض الغرفة.‏

ويعد شعور الغضب الذي يبدأ بالظهور عند الطفل في سن الثالثة - وهي الفترة التي تشهد نمو هذا الشعور وتحوله الى شعور ثابت وجلي المعالم ويظهر بشكل أكثر أثناء اختلاط الطفل بالآخرين - سببا لجميع المظاهر السلبية في سلوك الطفل وبمقدار ما تستطيع التربية والتهذيب تجاوز العناد والمشاكسة في سلوك الطفل بمقدار ما يمكنها أيضا المساهمة في تقوية هذه الظواهر السلبية، ومن هنا تظهر تلك الصعوبات في تربية الطفل أثناء هذه المرحلة بسبب عدم ملاحظة الأهل لهذا المنحى الجديد في تطوره النفسي وتلك الاستقلالية النامية لديه وعدم مقدرتهم على ادراك حقيقة أن الطفل لم يعد بمثابة الكتلة اللدنة التي تأخذ الشكل الذي يريدون والتي تسمح أن يصنعوا منها أي شيء، فشعور الطفل بذاته الذي ينبعث من داخله يتطلب نشاطا كبيرا لذلك فعندما يقوم الاهل بالحد من استقلاليته واعتماده على ذاته ويحاولون المحافظة على نمط العلاقة التي تروق لهم أو يسعون لمعرفة وتحديد رغبات الطفل وتلبيتها بالكامل فعند ذلك يصبح الطفل صعب المراس متقلب الأهواء.‏

احتواء غضبه..‏

ولذلك فإنه يجب على الأهل إدراك ان عملية الكبح والسيطرة على الانفعالات عند الأطفال الذين بلغوا عامهم الثالث تكون ضعيفة للغاية لان الكثير من شقاوة الأطفال في هذه المرحلة لا يكون مبعثها الرغبة في التسبب بالإزعاج وإنما مدفوعة بتلك الخصائص المميزة لتطور نفسية الطفل في هذا السن، وهذا ما يطرح السؤال عن ماذا علينا أن نفعل إذا قام الطفل بالمشاكسة؟ وكيف ينبغي لنا أن نتصرف؟.. ذلك أننا في معظم الأحيان نكرر خطيئة نموذجية عندما نبدي رغبة لا تقاوم بكسر إصرار الطفل وعناده مهما كلف الثمن فإذا تخيلنا أنفسنا ونحن في ثورة الهيجان عند ذلك يصبح بمقدورنا إدراك أن الطفل في حالته هذه لايسمح أبدا بكلمة المواساة أو التهديد التي يوجهها الأهل إليه فهو في حالة تأثره الشديد لا يعي أي شيء ولا يسمع ولا يستوعب ولا يفهم وكذلك ضرب الطفل في هذه الحالة فإن ذلك سيزيده هيجانا وتوترا لذلك يفضل الانتظار حتى يهدأ الطفل ويركن الى السكون وعند ذلك يمكن التقدم منه والتحدث إليه وإقناعه بما نرغب لنثبت له صحة ما نعتقد فقلقنا وتعنتنا الشديد تصرفان غير منطقيين فالتعنت يساهم فقط في ترسيخ العناد والمشاكسة عند الأطفال.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية