على بلدنا الحبيب تراجع النشاط الاجتماعي لدى معظم الناس حيث أصبح لدى معظمهم شعور مسبق بأن الخروج لن يريحهم ولن يزيل الهم عنهم وقد اكتفت معظم الأسر بالاطمئنان عن طريق الهاتف أو من خلال زيارات متباعدة تكاد لا تتجاوز مدتها الساعتين وكذلك جلسات النساء التي كانت تتم بشكل دوري بين الجارات أو الصديقات والتي كان يدور الحديث فيها عن البرامج الثقافية وأهم الاكتشافات العلمية وربما كان هناك طرف من الحديث عن هموم كل واحدة والصعوبات التي تواجهها سواء على صعيد العمل أم على صعيد الأسرة والأولاد بينما كانت بعض النسوة الأخريات منشغلات في الحديث عن صرعات الأزياء والموضة وعن طريقة إعداد بعض الأطعمة والأكلات العربية وربما الغربية وخاصة بعد تخصيص قنوات فضائية تهتم بتلك المواضيع بل وتقتصر عليها .
بينما أصبح حديث النسوة في هذه الأيام بشكل شبه كامل عن الأزمة الصعبة التي تمر بها سورية وما تتناقله وسائل الإعلام من أخبار، حيث أصبح المحللون السياسيون هم نجوم الشاشات وأصبحت البرامج الحوارية والسياسية مفضلة لديهن على أي برامج أخرى وتنافس حتى الدراما السورية، فقد غدت البرامج السياسية الغذاء الأساسي لحياتهن وحياة عائلاتهن وأخذن جميعهن يدلين بدلوهن بناء على مؤشرات ومعطيات تعتمد على المحللين السياسيين، ومن خلال مقارنة بسيطة بين ما كان سائداً قبل عام وبين الفترة الحالية نجد أن أساتذة الجامعات والمحامين والسياسيين أصبحوا هم نجوم الفن بعيون المشاهدين والمتابعين، وما لا شك فيه أن آثار تلك الأزمة تركت وراءها جراحاً نفسية عميقة وبعثت القلق في نفوس بعضهم، فمشاهد العنف التي تبثها شاشات التلفزة بشكل عام وقنوات التضليل بشكل خاص تسبب الألم والقلق وتعيد المرء إلى الذكريات السيئة مما يؤدي بحسب بعض الباحثين النفسيين إلى الاستفزاز النفسي والذي يؤدي بدوره إلى الاكتئاب .
كل ما نحتاجه في هذه المحنة والتي نحن في طريقنا للخروج منها بإذن الله هو تغليب العقل وتحليل الواقع والوقائع التي تحصل على الأرض بعيدا عن المؤثرات الخارجية المستوردة، فوصف أولئك الذين يعيشون على موائد الغرب ومنتجعاتهم ليس بأصدق منا نحن الذين نعيش على أرض الواقع .