ولكن هل يكفي أن يلقي الكاتبون بما يكتبون إلى عالم الأطفال دون النظر إلى عمره ومدى إدراكه؟
هل سأل هؤلاء الكتّاب أنفسهم قبل أن يكتبوا القصة من سيقرؤها من الأطفال؟ وما مستواه اللغوي؟
وهل قدرته اللغوية من أن يفهم ويستمتع بلغة القصة وأسلوبها.
توضح المرشدة الاجتماعية رزان الحسن:
الطفولة مرحلة هامة في حياة الأمم لأن قابلية الطفل واستعداده لقبول أو رفض ما يحيط به من أفكار ، ومعتقدات وطبائع وعادات، شديدة التأثير لذا فإن الطفولة هي الأساس الذي يحدد شخصية الأمة فيما بعد، مما حدا ببعض المفكرين إلى القول: «كيفما يكن الأطفال ، تكن الأمم».
ولهذا فإن القصة الموجهة إلى الطفل يجب أن تضم حكاية شائعة وأن تكون شخصياتها واضحة الأفعال ولغتها مستمدة من معجم الطفل وتعبّر عن مغزى ذي أساس تربوي من علم نفس الطفل و لابد من أن يتوفر في الحكاية طابع التشويق وهذا العمل تابع لمقدرة الكاتب وفهمه حاجات الطفل ورغباته إذ أن السبب الكامن من وراء إقبال الأطفال على الحكاية الشعبية يتمثل بكونها ترسم عالماً موازياً للعالم الواقعي الذي يعيشه الطفل يضم الخير والشر والسحر والجاذبية وقدراً كبيراً من مثيرات الخيال، وهذا ما يجعل الطفل يتعرف الحياة بحلوها ومرها وعملية التعرف التي تتقن الحكاية الشعبية أداءها ضرورية إذا أردنا لحكاية الأطفال أن تكون شائقة وفهم الكاتب حاجات الطفل ورغباته يعني الاهتمام بعملية التعرف والالتفاف إلى أنها تؤدي عملاً تربوياً جميلاً لأن الطفل يحتاج إلى خبرات تجعله قادراً على التكيف الاجتماعي والتحلي بشخصية سليمة خالية من الصراعات الداخلية ويجب ألا تخرج قصة الطفل عن الحيز التربوي مهما تكن مكانتها عالية في سلم الفن إذ أن المتعة والترفيه ضروريان للطفل ولكنهما وسيلة القصة لأداء وظيفتها التربوية وعلى الرغم من أننا نعي مكانة الترفيه والتسليةونحرص عليهما حرصاً شديداً ونعي وظيفتهما التربوية في تنمية شخصية الطفل إلا أننا نطالب في الوقت نفسه بوظيفة تربوية أخرى تؤديها فكرة القصة
أو مغزاه أو القيمة الواردة فيها. فقد تعالج حوادث القصة فكرة معينة، كهجرة السنونو في الصيف والشتاء، أو تعلل أشكال الحيوانات وطبائعها وتؤدي الحوادث إلى مغزى معين أو قيمة محددة كالحرية والدفاع عن الوطن والعمل والصحة و التعاون وما إلى ذلك... ويجب الابتعاد عن الوعظ والإرشا د المباشر إذ أن الطفل ينفر من الوعظ والإرشاد ويستعيد في قراءته القصة أو سماعه لها عالم المدرسة بما فيه من زجر وتنبيه وإرشاد: افعل كذا.. اترك كذا... انتبه إلى كذا... كما أن اهتمام الطفل بالشخصية القصصية نابع من أنه يبحث دوماً عن أشياء يقتدي بها، يرى فيها نفسه وتحقق من خلالها رغباته وطموحاته.
ولابد للشخصية القصصية من صفات تلتقي برغبات الطفل وحاجاته لذلك يجب الاقتراب من الاطفال و مخالطتهم كثيراً ومناقشتهم في الاشياء التي يقرؤونها ويسمعونها.
وأنا بدوري أتفق مع المرشدة الاجتماعية رزان. بأن معرفة ما يحبه الطفل وما يكرهه من أحداث ومواقف لايتم إلا عن طريق الاحتكاك المباشر بعالم الطفل وقضاء ساعات طويلة برفقتهم بكل المواقف الحياتية فالقصة الناجحة هي التي تأخذ أحداثها من الواقع الذي يعيشه الطفل بكل ما فيه من حلو الحياة ومرها، ولأن تجاربه الذاتية مما يسمع ويقرأ ويرى لها أهمية كبرى في مستقبل حياته.