ولكن ممن يغارون ... وما هي الأسباب التي تدفعهم إلى هذا الوضع ..؟؟
يقول مصطفى : الغيرة الأهم في حياة الرجل ، هي غيرته على المرأة ، لأنها امتداد لإحساس الرجل بملكيته لها ، وهذه الملكية كما يدعي تجيز له وتعطيه الرخصة للتدخل في كل شاردة وواردة في حياة المرأة ، سواء كانت خطيبته أو زوجته أو أخته ، وأعتقد أن الغيرة في مستوى معين مقبولة ومرغوبة ، ولكنها في بعض الأحيان تتحول إلى حالة مرضية ترتد على الرجل ... وتسيء إليه قبل أن تسيء للمرأة .
أما أبوسعيد ، والمتزوج منذ ستة عشر عاماً ولديه ثلاثة أولاد ، فقد زين لنا أفعاله في ثوب من الرجولة والحرص والاهتمام ، فهو حريص على الاتصال تلفونياً بمنزله للتأكد من عودة الأولاد ، وسؤال زوجته عن احتياجاتها ، ويقول متفاخراً أن اتصالاته تتجاوز العشر مرات يومياً ، ويتابع :
أحب أن أطمئن على وجود زوجتي في المنزل ، وحين أعود أحاول معرفة تفاصيل يومها ، وأرفض أن تمتلك زوجتي هاتفاً جوالاً لأنها ربة منزل ، وعلاقتي مع الآخرين هي الواجبة ولا حاجة لزوجتي أن تتعامل مع أحد ، خاصة وأن الزمن تغير ولا بد للرجل أن يكون أكثر حرصاً بعد غياب الأمان والثقة وليس لأنني أغار على زوجتي ، وحتى إن كان ما أفعله يقع تحت عنوان الغيرة فهذا لا يهمني ...
ويشاركه الرأي أبو صالح الستيني الذي يصرح أنه مازال يغار على زوجته ... يقول :
أنا لم أتغير ولن أتغير ومازلت أغار على زوجتي ، إنها على اسمي ، ومن حقي أن اعرف كل شاردة وواردة في حياتها ، وغيرة الرجل شرعية ومتأصلة وهي جزء من رجولته والمرأة تسعد حين يغار الرجل عليها لأن هذا دليل محبة واهتمام ... اسألوا النساء ، هل تزعجهم غيرة رجالهم ، أم يؤسفهم وجود رجل لا يحس بالغيرة على امرأته .
ولكن هل تتوقف غيرة الرجل عند حدود المرأة ؟
يبدو أن الغيرة تأخذ أبعاداً أخرى فالأخ يغار من أخيه ، والزوج يستفزه مركز زوجته الوظيفي ويغار منها لا عليها ، وها هو طبيب ناجح يغار من أخيه البسيط ..يقول :
إنني أعيش حياة صعبة رغم توافر المال ، فزوجتي العصبية تدفعني للجنون ، وأقارن بينها وبين زوجة أخي البسيطة الهادئة والعاقلة والمتفهمة لوضع زوجها وإمكاناته المتواضعة ، إنني أحس بالغيرة من حياته المليئة بالحيوية والحب ، ولا أستطيع أن أكف عن التفكير بما أنا عليه وكيف هي حياتي ووضع أخي وكيف تسير حياته.
وتأخذ غيرة الرجل مسلكاً جديداً وهو الغيرة من الزوجة التي بدأت تأخذ وضعاً وظيفياً مرموقاً ، أو تتقاضى راتباً شهرياً أعلى من راتبه .
يقول أحمد ديب وبلا مواربة ، أن زوجته بدأت تثير غيرته بعد أن استلمت وظيفة مرموقة في مؤسستها خاصة عندما تبدأ التلفونات في المنزل دون انقطاع من نساء ورجال يعملون تحت إمرتها ، أو مسؤولين يبحثون معها أموراً مهمة على الهاتف ، ويضيف :
لقد تحول البيت إلى مكتب إداري ، ولا يمكنني إخفاء شعوري بالغيظ والغيرة خاصة عندما نكون جالسين نتحدث بموضوع ما .
أما سعيد شقرة ، فأكثر ما يجعله يتميز غيظاً حين يطلب أولاده النقود ، وتفتح زوجته محفظتها لتعطيهم ما يريدون فهي تتقاضى أجراً أكبر مما يحصل عليه لأنها تعمل في القطاع الخاص ويقول :
أقبض على نفسي وأنا أتشاجر معها وبعفوية لأنها تحاول دائماً أن تريني أنها أقدر مالياً ، ويحرجني هذا الوضع أحياناً ، ولكنني أشعر بالغيرة والغيظ ، وكرد فعل أطالبها بصرف مبالغ أكبر في المنزل ، إنها تتباهى وأنا أغار ، ويجب أن تدفع ثمن تباهيها ...
إذاً لغيرة الرجل أشكال وألوان ومسالك ودروب متعددة ، قد تبدو غيرته على المرأة أقواها وأشدها وضوحاً ... ولكن أنتم هل تغارون ، وما الذي يثير غيرتكم ...؟!