بيان غير ملزم يصدر عن مجلس الأمن يطالب بوقف العمليات العسكرية بينما يتناسى المجتمعون أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تعتبر الدفاع عن النفس مشروعاً بل ومطلوباً وهكذا يحاولون المساواة بين الجلاد والضحية، الشهداء والجرحى يتجاوز عددهم الألفين إلى هذه اللحظة، ولاجفن يرف للعديد من المسؤولين العرب والأجانب، لماذا أنشئت محكمة الجنايات الدولية؟ أليس لمحاكمة مجرمي الحرب ألم يحن الوقت لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة؟ ألم يحن الوقت لتحرك قضائي دولي، لتوثيق الجرائم الإسرائيلية والطلب إلى محكمة الجنايات الدولية محاكمة المسؤولين الإسرائيليين كمجرمي حرب.
ثلاث دول عربية أعضاء في محكمة الجنايات هذه، ألم يحن الوقت ليطالبوا بمحاكمة «إسرائيل» على جرائمها بدءاً من مجزرة دير ياسين وصبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية ومجازرهم في حرب تموز 2006 ضد لبنان وغيرها من المذابح المروعة ضد الفلسطينيين والعرب، لقد استباح نازيو العصر الحالي الدم العربي لأن بعض العرب استكان وتخاذل ورضي بالمصير البائس الذي تقرره له المصالح الأميركية والإسرائيلية، وهي بالتأكيد تريد ركله خارج التاريخ ولينطبق عليهم المثل المعروف « أكلت يوم أكل الثور الأبيض».
أبت آلة الحرب الصهيونية إلا أن تنهي عام 2008 بمجزرة همجية ضد الشعب الفلسطيني وبمباركة إدارة بوش المغادرة وإذا كنا لا نلوم الذئب في طغيانه ووحشيته، فلقد برهنت الأيام أن «إسرائيل» العدوانية بطبيعتها ومنذ قيامها وحتى اليوم لم توفر لحظة واحدة إلا واستغلتها لزيادة مستوطناتها وقضم أراض فلسطينية وعربية جديدة باستخدام أحدث الأسلحة الفتاكة لتهجير وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه وقتل وترويع كل من يحاول الوقوف في وجه مخططاتها التوسعية الاستيطانية وإذا كنا لا نلوم الذئب الآخر ونعني إدارة بوش فهي الأخرى مع زمرة المحافظين الجدد أثبتت قولاً وفعلاً كل العداء للعرب من محيطهم إلى خليجهم بل وللمسلمين ككل، وقد كشرت عن أنيابها في العراق ودمرت ترسانتها العسكرية هذا البلد وقتلت أكثر من مليون عراقي وشردت خمسة ملايين آخرين وساعدت ودعمت ربيبتها وشريكتها في العدوان «إسرائيل» ضد كل من يرفع صوته وكل من يعارض ويمانع ويقاوم المشاريع الأميركية- الصهيونية الرامية للسيطرة على المنطقة وجعلها تحت هيمنتهم بمواردها وبقدراتها وببشرها، إذاً نحن لا نلوم الذئاب من جنرالات وحكام في «إسرائيل» وكذلك لا نلوم إدارة بوش ومحافظيها الجدد، فنحن نعرف عدوانيتهم وكرههم لكل ما هو عربي ومسلم.
لكن اللوم كل اللوم على كل عربي مازال مخدوعاً في أحسن الأحوال بأن الطلب والاعتماد على واشنطن وربيبتها تل أبيب في حل قضايا المنطقة هو الصواب وهو الذي سيؤدي إلى السلام. وكأن تجربة السنوات الطويلة الماضية لا تكفي لتبرهن لأولئك أن التنازلات لاتؤدي سوى إلى تنازلات جديدة وبعد ذلك سيتلقون الركلة الأميركية- الصهيونية إلى خارج التاريخ. المطلوب إذاً وقفة عربية مع الذات، وقفة شموخ تعيد الأمور إلى نصابها وإلا فإن الغرق في الأوهام سيؤدي إلى نتائج كارثية أكثر مما نراه بأم أعيننا حالياً.
عنصريو تل أبيب ووراءهم بوش وزمرته لا يرون في العرب عموماً أنهم أناس يستحقون الحياة، بل يعتبرونهم أعداءً مهما أظهر البعض منهم من الطاعة والولاء.
إن مصالح العرب لا يمكن أن تتلاقى مع مصالح أعدائهم وبالتالي فإن المجازر الصهيونية ضد سكان غزة الصامدين ينبغي أن توقظ العرب حكاماً وشعوباً، لقد خرجت المظاهرات الشعبية في طول الأرض العربية وعرضها وتجاوبت معها عواصم العالم، فتظاهر مئات الآلاف مطالبين بوقف العدوان الهمجي ضد غزة. فهل نشهد موقفاً عربياً رسمياً مواكباً لحركة الجماهير العربية لنبدأ في وقف التدهور العربي أولاً، ولنحاول لملمة الشمل العربي على أساس مناهضة المشروع الصهيوني الاستيطاني التوسعي. إن التاريخ لن يرحم المتخاذلين ولعنة الشعوب ستلاحقهم وطوفان الدم في غزة يستصرخ العرب فهل من مجيب؟! .