في 25 تموز2010، بعد ثلاثة أشهر من نشر فيديو القتل المتعمد، أصدرت ويكيليكس مجموعة من الوثائق السرية الأميركية حول الحرب في أفغانستان، من بين هذه الوثائق إخفاء الخسائر بين صفوف المدنيين، وجود كتيبة موت تقودها النخبة الأميركية والدور السري لباكستان في هذه الحرب.
إن نشر (مذكرات الحرب الأفغانية) دفع الحكومة الأميركية للتصادم المباشر مع مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج وإلى اعتقاله في 11 نيسان الماضي.
سرب هذه المعلومات محلل مخابرات الجيش في ذلك الوقت تشيلي مانينغ ويكيليكس بعد أن رفضت النيويورك تايمز والواشنطن بوست نشرها لأن هذه المعلومات تحوي تفاصيل دقيقة حول العمليات وأسماء مخبري التحالف الأميركي ما قد يعرض حياة الناشر للخطر.
بالرغم من الاعتقاد السائد أن ويكيليكس نشرت بطريقة غير مسؤولة، نجدها نشرت 75000 سجل من أصل 92201 من السجلات العسكرية الخاصة بالجيش الأميركي حول الحرب في أفغانستان (بين عامي 2004-2010)، ووضحت ويكيليكس أن عدم نشرها كل الوثائق لأن مانينغ أصر على ذلك، للحد من المخاطر المحتملة.
وثقت مذكرات الحرب الأفغانية التمويه والتشويه حول وفيات المدنيين، كما نقلت الغارديان أن الوثائق كانت تمثل حالة من أصل 21 مناسبة مختلفة، حيث كانت القوات البريطانية قد استهدفت في قصفها لمدنيين أفغان بينهم نساء وأطفال، بعض الإصابات كانت بطريق الخطأ نتيجة لغارات جوية، لكن القوات البريطانية أطلقت النار على سائقين غير مسلحين وعلى راكبي دراجات (اقتربوا جداً من القوافل والدوريات)، وتابعت الصحيفة: (من بين الأخطاء الدموية التي ارتكبت بحق المدنيين كما هو مبين في السجلات يمكننا الإشارة إلى عام 2008، في اليوم الذي قامت فيه القوات الفرنسية باستهداف حافلة مليئة بالأطفال ما أدى إلى إصابة ثمانية منهم، كما قامت دورية أميركية بالتصويب على حافلة أدت إلى إصابة وقتل 15 من ركابها، وعام 2007 قامت قوات بولونية بهجوم عدائي حيث صوبت بالهاون على قرية أدى إلى مقتل ضيوف حفل زفاف بمن فيهم امرأة حامل.
وكشفت مذكرات الحرب الأفغانية عن تمويه عن الضحايا المدنيين وأدلة محتملة عن جرائم حرب.
وصرح أسانج :أنه في عام 2013 كانت تحتوي الوثائق على ملفات مفصلة حول مقتل عشرين ألف شخص.
من بين أهم ما كشفته صحف الحرب الأفغانية الإشارة إلى اعتقاد الولايات المتحدة بالدور السري الذي تلعبه باكستان.
نقلت الغارديان: هناك أكثر من 180 ملفاً للمخابرات نشرت في صحف الحرب - لا يمكن تأكيد معظمها - تروي دور المخابرات الباكستانية في تغذية وتسليح وتدريب المتمردين منذ عام 2004.
وكتبت النيويورك تايمز: قادت المخابرات العسكرية الباكستانية التمرد الأفغاني سراً وتتلقى الباكستان أكثر من مليار دولار سنوياً من واشنطن لمساعدتها في محاربة الناشطين.
صحف الحرب الأفغانية فعَّلت بث psyops الذي تدعمه الولايات المتحدة وحلفاؤها عن طريق محطات راديو الأفغان.
وضحت عدة تقارير صادرة عن وحدات العمليات النفسية التابعة للجيش ووحدات إعادة إعمار المحافظات أن محطات الإذاعة الأفغانية المحلية وقعت عقداً مع الولايات المتحدة لإنتاج أميركا للمحتوى كما أوضحت تحقيقات أخرى أن عسكريين أميركيين كانوا يوجهون الصحفيين الأفغان في عملهم.
ووصفت مذكرات الحرب الأفغانية نشاطات فرقة العمل Task Force 373 كوحدة لم يكن وجودها معروفاً قبل نشر موقع ويكيليكس عام 2010 تم تسجيل 200 حادث ثبت فيه تورط هذه الفرقة.
واستخدم تحالف الناتو في أفغانستان وحدة سوداء غير معروفة من القوات الخاصة هي فرقة العمل 373 لملاحقة أهداف وقتلها وتوقيفها دون محاكمة.
وكان قد أدرج في قوائمها نحو 200 شخص مطلوبين أحياء أو أمواتاً كما قتلت فرقة العمل 373 مدنيين من بينهم نساء وأطفال وشرطة أفغان.
في الأسابيع التي تلت نشر ويكيليكس للملفات كتبت فينجتون بوست عن فرقة العمل 373 تشير وثائق ويكيليكس إلى وجود 2058 شخصاً أسماؤهم مدرجة على قائمة مرفقة لأهداف سرية شكل هؤلاء أهدافاً للقبض عليهم أحياء أو أمواتاً.
في نهاية 2009 تم احتجاز 757 سجيناً في مرفق باغرام للمسرح الدولي، وهو سجن تديره الولايات المتحدة في قاعدة باغرام الجوية.
التعاون مع الصحافة وردود أفعالها:
نشْر ويكيليكس لـ مذكرات الحرب الأفغانية كانت سابقة ونسقت ويكيليكس مع كبرى المنظمات الإخبارية مثل النيويورك تايمز، دير شبيغل والغارديان قبل النشر.
وسائل الإعلام الرئيسية التي كانت قد انتقدت أسانج يوم الانتخابات الأميركية عام 2016 أظهرت اليوم مشاركة نشطة في نشر يوميات أفغانستان وأعطت ويكيليكس الوثائق للصحف الثلاث لتنشرها في اليوم نفسه الذي كشفت فيه ويكيليكس عن المحفوظات.
عام 2011 قال أسانج في لقاء له مع وسائل الإعلام الرئيسية: لقد تعاونت نحو عشرين صحيفة عبر العالم لزيادة التأثير الكلي للكشف ولتشجيع هيئات الصحافة هذه لتكون أكثر شجاعة.
إحدى الوقائع التي وجدناها في صحف الحرب الأفغانية حول الفرقة 373 أن الفرقة تستعد لوضع قائمة بأسماء 2000 هدف أو مشروع قتل، وحكومة كابول غير راضية عن عمليات القتل خارج نطاق القضاء.
أنت لا تعرف إن كان اسمك مدرجاً بالقائمة وهذا ما يسمى قائمة مرفقات التأثيرات الأولوية.. وهي قائمة القتل أو الأسرى.
لكن يمكنك أن تشاهد في الوثائق التي نشرناها أن هناك نحو 50% من العمليات كانت عمليات قتل مباشرة ففرقة العمل 373 قتلت أبرياء، بما في ذلك هاجمت مدرسة وقتلت سبعة أطفال دون أهداف حقيقية وحاولت تغطية كل شيء.
هذا الكشف غطته شبيغل، وأعطت مادة مقالة للغارديان.
أيضاً مراسل الأمن الوطني إيريك سميث كتب مقالة بهذا الخصوص للنيويورك تايمز لكنه دفن، لم ينشر.
يوم صدور الصحيفة صرح أسانج في فيديو على الغارديان: إنه دور الصحفي الجيد لمواجهة المعتدين الأقوياء، وحين يشير المعتدون الأقوياء بأصبعهم، نحن نفهم هذا الجدل ونعتقد أنه من الجيد السير في هذا الطريق، وفي هذه الحالة ستظهر الحقيقة لهذه الحرب.
كان رد الصحافة على نشر مذكرات الحرب بالإجماع بعيداً عن الإيجابية ماكسيسيليان فورت وصف المسألة على كاونتربونش: تبدو ويكيليكس مرتبطة بالفردية التي تراجع آلاف المستندات على انفراد، ثم تنشر النتائج خارج الصحف، وبعد أشهر تنشر أحداثاً جرت قبل سنوات، هذا جيد للمؤرخين لكن ليس بالضرورة للنشطاء المناهضين للحرب.
مع ذلك تمكن المناهضون للحرب من استخدام المستندات على الفور واستخدام التقنيات العينية للبيانات.
بعد ثلاثة أيام من نشر مذكرات الحرب الأفغانية كثفت وزارة الدفاع الأميركية والـ (إف بي آي) جهودها لملاحقة أسانج وتحييد ويكيليكس.
29 تموز 2010 نشرت وزارة الدفاع الأميركية مقالة طالبت فيها الـ (إف بي آي) التحقيق والملاحقة حول تسريب الوثائق المصنفة التي نشرتها ويكيليكس، وأدان مايك مولن رئيس الأركان التسرب في مؤتمر صحفي للبنتاغون.
ووصف مايكل هايدن المدير السابق لوكالة الأمن القومي تسرب المعلومات حول أفغانستان بالمأساة.
الجنرال جيمس جونز وصف المنشور أنه تهديد للأمن القومي.
وجون كيري وصف ذلك بـ(غير مقبول وغير قانوني)، وفي مؤتمر صحفي قال السكرتير الصحفي في البيت الأبيض روبرت غيتس إن ويكيليكس (تهديد حقيقي ومحتل).
نقل أسانج عن مذكرة للبيت الأبيض مرسلة إلى الصحفيين بعد نشر الوثائق الأفغانية ذكر فيها أن ويكيليكس ليست منظمة إخبارية موضوعية، بل منظمة معارضة للسياسة الأميركية في أفغانستان.
نشر يوميات الحرب الأفغانية ستشكل جزءاً مهماً من التحقيق الإجرامي الأميركي الموجه بحق جوليان أسانج.