فالتفجيران في سوقين شعبيين في بغداد حصدا أرواح 99 عراقياً وأصابا أكثر من 200 آخرين, ومع ذلك اعتبر الرئيس جورج بوش أن سياسته هناك تحقق تقدماً وأن الديمقراطية تتطور, لكن المسألة تتطلب وقتاًً..!
وإذا كانت الولايات المتحدة تتمسك بذرائع واهية مختلفة لإطالة أمد الاحتلال, فإن سفيرها في بغداد رايان كروكر أعلنها صراحة بأن التفجيرات بحسب زعمه تؤكد الحاجة إلى بقاء قوات الاحتلال, مؤكداً تمسك واشنطن باتفاق حول الوضع المستقبلي للقوات الأميركية, يمنحها (مرونة كبيرة في ملاحقة المسلحين).
وهكذا يريدون أي المسؤولون الأميركيون إلقاء تبعة ما جرى وما يجري وما سوف يجري على العراقيين, وكأن الاحتلال الذي بدأ منذ خمس سنوات بريء من دم العراقيين, وكأنه لم يجلب معه الدمار والخراب لهذا البلد العربي.
لكن الحقائق لا يمكن طمسها, فالشمس لا تحجب بغربال, وبالتالي فإن القرار -الجريمة باحتلال العراق هو الذي يقف وراء مآسي الشعب العراقي.
فلقد سعت إدارة بوش وطاقمها من المحافظين الجدد ومنذ البداية إلى تصوير الحرب على العراق بأنها نزهة, وأن العراقيين سيستقبلون جنود الاحتلال بالورود والأرز حسب تعبير نائب الرئىس ديك تشيني.
لكن الحقائق على الأرض تثبت العكس, فالحرب الدامية التي شنتها واشنطن كلفت وتكلف العراق اثماناً باهظة, ومركز استطلاعات الرأي (اوبينيون ريسرش بيزنس) البريطاني يؤكد أن الحرب لخمس سنوات أوقعت مابين 946 ألفاً ومليون و33 ألف قتيل عراقي.
أما من الجانب الأميركي فبلغ عدد القتلى 4000 جندي و26ألف جريح, إضافة إلى ذلك فإن تقريراً أميركياً يؤكد ازدياد عدد المنتحرين من الجنود إثر عودتهم من العراق, كما ازداد عدد محاولات الانتحار.
نحن أمام صورة قاتمة, بل بالغة القتامة والمأساوية, مسؤولون أميركيون بدءاً من الرئيس وانتهاء بالسفير (متفائلون) بمستقبل العراق, بينما ملايين العراقيين يفجعون يومياً بأنباء القتل والدمار, ناهيك عن النزوح والهروب من الأوضاع المروعة, وناهيك عن الجوع والكوارث الإنسانية التي يندى لها جبين البشرية, والتي تعتبر بحق كارثة القرن الحادي والعشرين ووصمة عار في جبين الأميركيين خصوصاً الذي اختطف قرارهم أقلية متطرفة تدعى (المحافظون الجدد).
وهو ما أكده جاكوب هايلبيرون في كتابه (كانوا يعرفون أنهم مصيبون: صعود المحافظين الجدد) وهو يعترف صراحة أن حركة المحافظين الجدد, (ظاهرة يهودية تعكس اهتمامات اليهود).
إذاً هم متطرفون خطفوا السياسة الخارجية الأميركية وخططوا للحرب والعدوان على العراق ويسعون لشن حروب جديدة على إيران وغيرها.
وهم بذلك صاروا مفضوحين وما سقوط العديدمن رموزهم في الفترة الماضية أمثال رامسفيلد وبيرل وغيرهما إلا دليل على أن خططهم وأعمالهم القذرة بدأت تزكم الأنوف,لأنهم يتآمرون حتى على المصالح الأميركية في ظل تسييرهم دفة الحكم في واشنطن خدمة للمصالح الإسرائيلية.
فهل نشهد سقوط ورقة التوت لتتعرى هذه المجموعة المتصهينة بالكامل أمام الأميركيين أولاً والتي لم يعد بمقدورها إخفاء تآمرها عليهم أيضاً?!
والأنكى من ذلك سعيها الدؤوب لإبقاء ما خططت له منهجاً ليسير عليه الرئىس القادم إلى البيت الأبيض, سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً.
ومع هذا يصرح بوش بأنه متفائل وهو الذي أعلن من فوق بارجة أميركية بعد غزو العراق بشهور, عن انتهاء الحرب والفوز بها.
وهاهو العام الخامس من عمر الاحتلال البغيض يمضي, والعراقيون يفجعون يومياً بمآس جديدة وكوارث مدمرة جراء الاحتلال, ويفجعون أيضاً بتصريحات بوش المتفائلة.