إغلاق الملف الخاص بمقتل /13/ مواطناً عربياً على أيدي قوات الشرطة الإسرائيلية خلال قيامهم بمظاهرة سلمية تضامناً مع إخوتهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انتفاضتهم الثانية في تشرين الأول من عام ,2000 وعقب الحادثة ألقت لجنة تحقيق رسمية المسؤولية في تلك المجزرة على قوى الشرطة, وطالبت تبعاً لذلك بألا يقتصر التحقيق فقط على أولئك الذين ضغطوا بأيديهم على الزناد وأطلقوا النار على المتظاهرين, بل أيضاً التحقيق مع المسؤولين الحقيقيين عن تلك الجريمة, وفي آخر المطاف تمت تبرئة هؤلاء وأولئك من أي تهمة, وبالتالي أفلتوا من أي عقاب.
واستند المدعي العام في قراره هذا إلى عدم كفاية الأدلة لتجريم الشرطة. وهذا ما أثار سخط العرب, ومؤسسات الدفاع عن حقوق الإنسان, وقررت التظاهر وإعلان الإضراب العام, ولاسيما العرب في الشمال, مؤكدين أن إضرابهم هذا, إنما من أجل التأكيد أن دماء الضحايا أولئك لن يذهب هدراً, ومن أجل منع وقوع جريمة من هذا النوع تحصل في المستقبل.
وقد شارك في هذا الإضراب نواب عرب ورؤساء بلديات ورجال دين من أجل التنديد بما أسموه ( امتناع القاضي عن الحكم ). وهذا باختصار ماندد به رئيس لجنة المتابعة, وهي منظمة تمثل الشعب العربي في فلسطين خلال تأكيده ( نريد أن نعيش في كرامة, وأن ينصفنا العالم, ومعروف أن النظام القضائي الإسرائيلي ( يشرع القتل ) ).
وبعيداً عن مهزلة العدالة في اسرائيل, فقد اكتشفنا في هذا الإضراب حقيقة المصير الذي يعيشه العرب في اسرائيل, والبالغ عددهم /1.2/ مليون نسمة من أصل سبعة ملايين نسمة العدد الإجمالي للسكان. وقد أقرت العديد من التقارير الرسمية الإسرائيلية, مثل تقارير المحكمة العليا أن العرب في اسرائيل هم ضحايا تمييز اقتصادي واجتماعي. ويرى العرب في هذا القرار أنه بمثابة إقرار يرمي إلى السماح للشرطة وقوى الأمن الإسرائيلية بإطلاق النار وقتل العرب الذين يتظاهرون وينزلون إلى الشارع للدفاع عن حقوقهم, والتعبير عن تضامنهم مع إخوانهم الفلسطينيين.
وبالتالي أن يصبحوا هدفاً للعنف تمارسه عليهم اسرائيل وقواتها الأمنية. علماً أنهم لايعولون كثيراً على قدرة النظام الإسرائيلي في الدفاع عن حقوقهم وإنصافهم. وهذا ما لمسوه من خلال الصمت الإعلامي في تناول قضية الظلم الذي لحق بهم من جراء هكذا قرار, وهذا مؤشر فاضح عن تدهور الديمقراطية في اسرائيل. ويؤكد النائب العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي عصام مخول أن الخطاب الأساسي في اسرائيل الآن يتعلق بفكرة تهويد اسرائيل, أي إقامة ( الدولة اليهودية ). وقرار القضاء تبرئة ساحة قوات الشرطة من قتل العرب ليس سوى التعبير القضائي عن هكذا ( دولة يهودية ) والقانون بذلك لا يحمي سوى المواطنين اليهود, وليس كل المواطنين.
إننا والكلام للنائب مخول - نشهد حقبة تطفو الفاشية فيها في اسرائيل, لقد طالب أفغيدور ليبرمان, زعيم حزب ( اسرائيل بيتنا ) بترحيل العرب من فلسطين, فيما يتحدث وزراء اسرائيليون آخرون عن العرب بصفتهم خطراً ديمغرافياً. ولكن الاقتناع الأكبر برفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين لم يقتصر على أولئك الذين أخرجوا من ديارهم قسراً عام ,1948 بل أيضاً على حقوق أولئك الذين بقوا متمسكين بأرضهم.