نسمع من حين لآخر عن تأسيس شركة مساهمة هنا وقابضة هناك, ثم تطرح هذه الشركات أسهمها للاكتتاب العام, فيشتريها مكتتبون باندفاع, ثم لا يلبثوا أن يجدوا أنفسهم عاجزين عن بيعها نتيجة غياب السوق المالية, والتي هي, بطبيعة الحال, وعاء يحتوي التبادلات التجارية بين مشترين وبائعين, وهذا يقلل من شهية هؤلاء لشراء الأسهم فيما بعد, كما أنه يجعل الشركات مشلولة وغير قادرة على تحقيق معدلات نمو جيدة, لاسيما وأن عملية بيع الأسهم للجمهور هي في الأصل طريقة للحصول على التمويل اللازم لإدارة المشاريع والتوسعات.
وتبدو المشكلة أكبر لدى تلك الشركات العائلية والحرفية والمهنية, والتي تحولت تحت تأثير الحوافز التشجيعية ضريبياً وتمويلياً الى مساهمة, وتجارب الشركات الأولى في مبادرة التحول ستشكل عامل إغراء وتحريض لبقية الشركات, والتي يفترض أنها ما زالت تنتظر مغامرين يستكشفون أعماق المحيط قبل الغوص في مياهه العميقة.
وبالعودة لتأخر انطلاقة سوق دمشق للأوراق المالية والصمت الذي يلف المكان والقائمين عليه, فإننا ندعوهم للخروج الى العلن, والحديث الى وسائل الاعلام بالشفافية والوضوح التي عهدناها فيهم دائماً ليقولوا للجمهور كم من درجات السلم صعدنا, وكم بقي علينا أن نصعد حتى نرقى سطح هذه السوق, التي يبدو أن سطحها مختلف عن (سطوح الجيران), والتي اعتادت فيروز أن تتغنى بها.