عن بودون المازوت بكل ماتعنيه الكلمة من معنى وطرحت تساؤلات كبيرة عما حصل ولماذا وهل هناك من إدارة للأزمة إذا ماعلمنا أن الدولة مع بداية كل عام تؤمن احتياج القطر من الاستهلاك عن طريق عروض مكتب تسويق النفط.
من المسؤول ?
باختصار إن طوابير المواطنين مع بودوناتهم الملونة لمسافات طويلة وأرتال السيارات المختلفة المنتظرة دورها لساعات أمام المحطات ومراكز التوزيع مشاهد لايمكن نسيانها ببساطة تركت أثراً سلبياً منذ بداية الأزمة في 26/12 وحتى الآن حيث ظهرت متضاربة ومتشعبة في كل الاتجاهات والسؤال المباشر على الألسنة هل المشكلة هي بنقص المادة ,أم ان الإجراءات غير صحيحة أم بتوزيع حصص المحطات بشكل غير عادل أم عدم فاعلية التموين في ضبط تجاوزات الخاص وإغلاق محطات الدولة إذ نقلت الأزمة من مكان إلى آخر ... أم إن أسعار المازوت فتحت شهية المهربين من باب القطاع الخاص.
مدير إحدى المحطات العامة أكد أن جميع محطات الدولة تعمل على مدار ا ليوم وسجلت مبيعات خلال الأزمة تجاوزت ال 120 ألف ليتر مازوت على مدار 24 ساعة وهذا رقم قياسي في حين التوزيع المباشر استطاع أن يوزع 22 مليون ليتر مازوت خلال الفترة المذكورة علماً أن الخاص حصل على نفس الكميات ورغم ذلك لم تحل الأزمة إذاً أين المشكلة ? المحطات العامة وعلى ذمة المتحدثين كانت تبيع أكثر من خمسة آلاف بيدون مازوت باليوم في محطات دمر وغرب الميدان وبرزة والقدم وغيرها حتى إن أحد العاملين اضطر لأخذ ابرة الديكلون لتسكين الألم كي يواصل عمله وضمن ظروف جوية قاسية لتأمين حاجة المواطن?? مع الإشارة إلى أن مكتب الطلبات في التوزيع المباشر كان يتلقى الطلبات من الصباح وحتى العاشرة مساء ..لكن ماكان يحول دون السرعة في تأدية الطلبات هو قلة عدد السيارات لتوزيع الطلبات على السائقين إضافة إلى جملة الأعطال التي أصابت اسطول التوزيع المباشر (الصهريج) وعدم توفر القطع التبديلية في الأسواق إلى جانب ضعف الاستعداد والجاهزية من قبل محروقات (فرع دمشق) في إصلاح الآليات في الصيف تحضيراً لهكذا أزمات كما هو متبع سابقاً ما أدى لخروج عدد لابأس به من الصهاريج أصبحت خارج العمل في عز الأزمة ماجعل الضغط يتفاقم بالتوازي على شركة محروقات وحاجات المستهلكين.
والأمر الآخر انه أشارت مصادر مطلعة بمحروقات إلى إغلاق الخزانات السابقة من قبل محافظة دمشق منذ ثلاث سنوات تقريباً بحجة جمالية المدينة دون أخذ النظر بحاجة الأحياء الفقيرة القديمة كونها تعبىء منها بشكل مباشر.
لسان حال المواطن
أيضاً تتساءل المصادر عن سبب قيام محروقات بإغلاق مركز التعبئة من غرب الميدان للسيارات الصغيرة الذي كان يغطي جزءاً كبيراً من احتياجات الناس في المنطقة ولماذا استعيض عنها بفرع الريف أليس من الأفضل أن يعمل المركزان على السواء لتسهيل السرعة وقضاء الحاجات هذا من جهة ومن جهة أخرى وعلى لسان المواطنين إذا كان التوزيع المباشر استطاع توزيع 22 مليون ليتر مازوت ومحطات القطاع الخاص حصلت على نفس الكمية لماذا لم تخف الأزمة وإنما ازدادت تفاقماً ...المؤشرات وبحسب الواقع على الأرض توضح أن إحدى المحطات الخاصة حصلت على 31 طلباً أي ما يعادل 500 ألف ليتر مازوت وهذه الكمية تلبي جزءاً كبيراً من حاجة دمشق..إلا أن ماحصل هو انتهاء الكمية خلال خمس ساعات? فيما العامة تستغرق على الأقل لتفريغ المادة عشر ساعات إذا ما أخذنا بالحسبان أن غزارة المضخة في الدقيقة مابين 25-30 ليتراً زائد ناقص 5%? وفي السياق ذاته لماذا لم تفتتح المخصصات إلا بعد صدور قرار شركة محروقات بعد اجتماعها مع وزير النفط حيث أخذت المحطات الخاصة حصصها بشكل مرعب (ملايين الليترات) فأين هي الجهات الرقابية? وما معنى أن تحصل محطة خاصة (أ ر )على ترخيص بوقت قياسي جداً?! هذا ومع تناقص حدة الأزمة بشكل تدريجي نقول وعلى لسان الشريحة الأوسع أيضاً لو لم يكن هناك محطات للدولة والتوزيع المباشر يسارع بتلبية حاجات الدوائر والمؤسسات العامة من مشاف ومدارس وأفران وجهات رسمية على مختلف أشكالها واصنافها هل كان التعاطي مع الواقع سهلاً وميسراً نوعاً ما أم كان هناك كارثة لايحمد عقباها.
من خلال هذه الاضاءات على بعض ما حصل لمشكلة ازمة المازوت كيف يقرؤها الدكتور مطانيوس حبيب وزير النفط السابق والاستاذ في جامعة دمشق, يؤكد حبيب ان سورية تحدد حاجتها من المشتقات النفطية بداية كل عام والمواعيد التي تستورد بها هذه الحاجات ولديها طاقات تخزينية تكفي لاشباع حاجات استهلاك بصورة متواترة دون أي خطر على نقص المادة هذا من حيث المبدأ. اضافة الى نقل المازوت والمشتقات النفطية من الساحل الى الداخل عبر انابيب تصل بين مصفاة حمص ودمشق والمناطق الجنوبية بغية تلافي عملية الوقوع في قطع الطريق بسبب الثلوج.
المادة مؤمنة
وباعتقاد الدكتور حبيب انه يستحيل ان تكون الحكومة لم تحسب حسابها من حيث كمية استهلاك المشتقات النفطية في سورية وقد جهزت ذلك وفق استعراض العروض التي يحددها مكتب تسويق النفط منذ بداية العام عبر برنامج متكامل, أي نحن عادة عند ما نرسي على استيراد المازوت لا نعطي لشركة واحدة وانما لعدة شركات بسعر موحد كي لا تحصل ازمة لكن ماحصل ان موجة البرد الشديدة التي حدثت مؤخرا ربما تكون ادت الى زيادة الطلب بشكل فائض وكثيف وحدوث ازمة لعدة ايام, وما قرأته في الصحف وسمعته من بعض الناس عن احجام باعة المشتقات النفطية لبيعه باسعار عالية فيه كثير من الصحة والدقة وهناك من اشترى ليتر المازوت ب 12 ل.س مقابل حاجته, ولو ذهب هذا المواطن وشكى للتموين هذا الامر لما حصل على النتيجة برأي حبيب لان التموين له اسلوب مستمر وبسعر رسمي حتى مع حالة التهريب...?!
الخلل بين العرض والطلب
وعند سؤالنا عن المشكلة الحقيقية واين تكمن اوضح الدكتور حبيب بأن الحكومة عندما شاءت ان تعمل باقتصاد السوق ارادت بالتالي من وراء ذلك ان تترك تشكل الاسعار للعرض والطلب..
والمعروف في كل دول العالم ان الاحتكار يقلص العرض كي يزيد الاسعار ويستفيد من سعر الاحتكار, اذا ما علمنا ان توزيع المشتقات النفطية ليس مباحا لكل الناس حيث هناك محطات .. وباعة وسيارات معروفة, اذا يجب على الجهات المعنية. مراقبة الامور وقيام محروقات بزيادة اسطولها وتسيير سياراتها في الشوارع من اجل التوزيع فتعطي من تشاء بدون واسطة حتى يضبط هذا الامر .
ويؤكد الدكتور حبيب انه كان على الدولة ان تتدخل لان عصا الدولة او الحكومة في كل بلدان العالم كانت هي الطريق الصحيح الذي ادى الى قيام آلية سوق صحيحة , معتبرا ان ما حصل من ازمة كان فيه نوع من التساهل وهذا ليس صحيحا .
كما اعتبر ان اغلاق محطات الدولة ليس حلا فيما ضبط التهريب سهل جدا اذا اخذنا بالاعتبار وجود عشرات العاطلين عن العمل بحيث نضع في كل محطة مراقبا من الحكومة يشرف على عملية التوزيع وتدفع راتبه المحطة ذاتها كما هو حاصل بمفوضية البنك المركزي لدى المصارف, وقال لا يظن احدا بأن التهريب يتم بشكل عفوي او فردي بعيدا عن هذا الخط المتكامل لتهريب المادة .