ومن جملة التحليلات والقراءات المستفيضة لما يجري في سورية والتي بدأت تتلمس حقيقة مايجري من تغيرات في المشهد تسير لصالح المراهنين على الدولة السورية وانتصار المؤسسة على الفوضى رأي الكاتب اللبناني سامي كليب في مقال له في صحيفة السفير اللبنانية أمس ان تصريحات الرئيسين الامريكي والفرنسي والسياسيين الاتراك والعرب وغيرهم ولمرات عديدة عن قرب رحيل القيادة السورية ذهبت ادراج الرياح بعد جملة معطيات داخلية وخارجية اثبتت عكس تلك الامنيات.
واوضح كليب ان من بين تلك المعطيات تأكيد اصدقاء سورية روسيا وايران ان اشتراط رحيل القيادة السورية يستحيل تنفيذه وان التدخل في هذا المعطى خط احمر يدعو للاستنتاج أن محور سورية واصدقائها يتجه إلى تحقيق انجازات أمنية وسياسية ويولد قناعة راسخة بان ما يجري في سورية الان هو تجليات حرب كونية باردة باتت دمشق فيها ساحة انتصار لمشروع وهزيمة لاخر.
واستقرأ كليب من حالة الثقة والاطمئنان لدى القيادة السورية والتي يلمسها جميع من التقوا السيد الرئيس بشار الأسد في دمشق مؤخرا ولمسوا موقفا واضحا الدولة ستستمر بترسيخ أقدامها حتى ولو طالت الحرب فالمعركة لم تعد بين سلطة ومعارضة وانما بين الدولة وارهابيين حيث سيستمر القتال حتى القضاء عليهم مهما كلف الامر.
واعتبر الكاتب اللبناني ان التماسك الداخلي في سورية والثقة المتبادلة بين القيادتين السياسية والعسكرية وتماسك جبهة الاصدقاء والحلفاء الدوليين وخاصة الموقف الروسي كانت عوامل مهمة في نجاح سورية بالسيطرة على مجريات الاحداث اذ كانت لدى القيادة السورية ثقة تامة ان الجيش قوي وقادر على المواجهة وان الاصدقاء لن يتخلوا عن سورية وان مصير الرهان على تغير الموقف الروسي هو الفشل لان العلاقة المتينة مع روسيا والتي ترسخت منذ 2007 وقويت دعائمها صارت سدا منيعا أمام أي محاولات لضرب سورية عبر مجلس الامن أو الامم المتحدة أو خارجهما ولذلك تعاملت بثقة مع التطورات واتخذت القرارات على هذا الاساس.
ومن جهة أخرى فان الشواهد على الارض تدل على ان البيئة الحاضنة للمسلحين اخذة بالتغيير الجذري فكثيرون اصبحوا يساعدون الجيش في العثور على مخابئ المسلحين وفي الاونة الاخيرة قتل مئات المسلحين بعد مساعدة الاهالي.
وفي المشهد الدولي تلمس الكاتب اللبناني تغيرات مهمة تدل عليها المعطيات الدولية والاقليمية أبرزها قلق أميركي فعلي من تمدد ما يسمى جبهة النصرة والجهاديين على حساب المعارضة المقبولة من الغرب يرافقه شبه يقين من أن الجيش السوري ما عاد قابلا للتفكك وهذا الامر ينسحب على السلك الدبلوماسي الذي فاجأ كما الجيش السفير الاميركي السابق في دمشق روبرت فورد الذي قال قبل أيام وهو يرفع يديه صوب السماء أمام احد ضيوفه لا أدري كيف سيرحل الأسد وقد لا يرحل مطلقا، قالها بمرارة الفاشل والصدى نفسه قد يتردد في دوائر غربية وبينها الخارجية الفرنسية.
واضاف الكاتب من بين المعطيات الأخرى لتغير المعادلة ان التورط الفرنسي في مالي وخطف الغربيين في الجزائر وفشل تحرير الرهينة الفرنسي في الصومال أيقظ كل ذلك الدول الغربية من سباتها فضلا عن تغير في مواقف بعض الدول العربية ووجود تفاهم روسي أميركي على الكثير من التفاصيل بشأن الازمة في سورية يستند هذا التفاهم أساسا إلى بيان جنيف اضافة إلى ان الدور التركي اخذ بالتراجع رغم استمرار التصريحات ولكن الاهم أن صورة المعركة على الارض اخذة في التغير حيث دخلت معطيات جديدة واستراتيجيات عسكرية فقد تعلم الجيش من بعض الاخطاء السابقة وترافق كل ذلك مع اجراءات اقتصادية ساهمت فيها دول مثل روسيا وايران والعراق ويضاف هذا كله إلى لقاءات دولية برعاية روسية تستند فيها روسيا إلى انه لا سبيل لوقف العنف في سورية سوی سبيل واحد هو تطبيق بيان جنيف ونقل الصلاحيات لحكومة مشكلة من كل الاطراف والاعداد للانتخابات المقبلة.