تتلمذ على والده في سنيه الأولى، وعلى خاله الفيلسوف فاضل الكاشي، ثم انتقل في الخامسة عشرة من عمره إلى نيسابور، وبقي فيها ست سنوات يتعلم على فلاسفتها وحكمائها. وبعد سقوط المدينة بيد المغول، لم يجلس فيها أكثر من سنة ليغادرها وهو في الثانية والعشرين من عمره، متجهاً إلى طوس.
إن المجازر التي شاهدها في نيسابور، أثرت فيه كثيراً، وشتت تفكيره، ودفعته إلى عزلة دامت مدة ست سنوات، قرأ فيها الفلسفة العربية آنذاك، وتعمق في فلسفة ابن سينا. وذاع صيته في كل مكان، كفيلسوف كبير ومتكلم بارع.
زار قوهستان سنة 1228 واستقر لمدة ثمانية عشر عاماً، كتب خلالها أهم كتبه في الفلسفة والفكر، متأثراً بابن سينا. دعاه علاء الدين محمد، إلى بلاطه في قلعة «ميمون دز»، وبعد مقتله صار مستشاراً لابنه ركن الدين، فانتقل معه إلى قلعة «ألموت»، وبقي هناك حتى سنة 1255، تفرغ خلالها للتأليف، وكان أبرز مؤلفاته شرحه لكتاب «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا.
قيل الكثير عن الطوسي، بدءاً من التحاقه بهولاكو وعمله كمستشار ووزير للأمور الثقافية والعلمية في دولة المغول لمدة تسع عشرة سنة، وانتهاء بإغلاق البلاط العباسي في وجهه، إلا أن هذا لا يعني شيئاً بالنسبة لفيلسوف ترك لنا تراثاً ضخماً في العلوم والفلسفة بموضوعاتها: الأخلاق والمنطق والطبيعة والميتافيزيقا، إضافة إلى السياسة وعلم الكلام، والجغرافيا والتاريخ والطب والشعر والتصوف.
اهتم بتحرير أعمال الفلاسفة اليونانيين كإقليدس، وثاوذوسيوس، واطولاقوس، وأرخميدس، وأسطرخس، وأبسقلاوس، ومنالاوس، إضافة إلى أعمال أولاد موسى بن شاكر وثابت بن قرة. ولولعه بالفلك فقد أسس مرصد مراغة الفلكي، وهو أول مرصد فلكي في الإسلام، وضع فيه مكتبة كبرى وصلت إلى نصف مليون كتاب.
توفي الطوسي في بغداد عام 1274، وكان قد بلغ الخامسة والسبعين. وما يزال إلى اليوم، واحداً من أبرز المفكرين والعاملين في المجال الفلسفي والعلمي.
okbazeidan@yahoo.com