تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإعلام في المزاد العلني

الصفحة الاخيرة
الأحد 25/9/2005
عبد النبي حجازي

جاء شاعر مبتدئ إلى الشاعر بشار بن برد (95¯ 167ه¯/ 714¯ 784م) وأنشده قصيدة , وطلب رأيه فيها فتهرب بشار . لكن صاحبنا ألحّ عليه في الطلب فقال بشار : (الشعراء ثلاثة: شاعر , وشويعر , وابن زانية . أما أنا فشويعر , وأما انت فتقاسم الباقي مع امرئ القيس )

وماذا لو قسنا كلام بشار على الصحافة?‏

أليست ظاهرةَ تخلفٍ واستهتار بمهنة الصحافة وواجباتها الحضارية والإنسانية أن نقع في عدد من المنزلقات .. ننزلق إليها بأنفسنا, ونتهم الصحافة كمن يعجز عن امتطاء صهوة الخيل , فيعتلي متون الحمير ?‏

كيف ننهض بالصحافة إن لم ننقذها :‏

¯ من (وساطة القادرين) على إلزام الصحافة بتعيين الموظفين العاطلين والمعتفين طالبي الرزق, والمتسلّقين الذين يجوز لهم أيّ عمل إلا العمل الإعلامي ; فيختلط الحابل بالنابل بدَلَ أن نركز على أصحاب الخبرة والاختصاص ونعمل على تحسين أوضاعهم الشخصية والمهنية ?‏

¯ من الوقوع في أشراك الروتين فتغدو الجريدة واحدة من المؤسسات العامة , ونقيّد حركتها , فيُضطَر رئيس التحرير إذا أراد أن يرسل بعثة صحفية لتغطية حدث , أو لإجراء تحقيق صحفي في موقعٍ أن يُزجَّ في متاهات توقيع الأوراق والحصول على الموافقات فلا يكاد يظفر ولو بخفّ حنين ; أم نترك لكل صحيفة وضعها الإداري والمالي المستقل ونترك لرئيس التحرير وهيئة التحرير المرونة وحرية الحركة التي تستوجبها المهنة ?‏

¯ أن نَنْتَبِذ كهلاً من منصبٍ علاقتُه بالإعلام كعلاقة (إلّ السِّقبِ من رَأَلِ النعامِ) كما يقول حسان بن ثابت , أوكعلاقة الإسكافي بصائغ الذهب ... (نبغ فجأة) بالصحافة والإعلام ; فنسند إليه منصباً إعلامياً فيندفع إلى كتابة المقالات وأيِّ مقالات!!والمشاركة في الندوات وأيِّ مشاركة !...?‏

ومتى ندرك :‏

¯ أن الصحافة مهنةٌ , اختصاصٌ , كالطبّ والهندسة , والنِّجارة والحِدادة لا سدٌّ للذرائع , ولاتعويضٌ لطالبي المناصب عن مناصب فقدوها ... قد يستحقونها أو يستحقّون أهمّ منها إلا الإعلام ?‏

¯ وأن تقنياتها , وأساليب عملها يجب أن تخضع إلى التطور العلمي المستمر ?‏

ومتى نسمي الأشياء بمسمياتها (رئيس التحرير) بدل (البهبطة ¯ المدير العام) كما لو انه مسؤول عن العلف والبذور , وندركُ أن الصحافة ليست عملاً وجاهيّاً يُؤدَّى بطلبِ السلامة والعافية وعلى متون الشبح , والطاولات الفخمة والمكاتب الأنيقة ... وبقفازين أبيضين خشية تلوث الأصابع ?!‏

أوليست اشتباكاً مع الحياة من قيعانها إلى قممها , مغامرةً لايجوز فيها حساب الربح أو الخسارة , موهبةً , (سوسة) محنةً , بلاءً , لايستطيع المرء النجاة منه إلا عندما يلفظ أنفاسه الأخيرة ?‏

أَوَليستْ مجموعةَ هواجس تتأسس في المرء منذ نعومة أظفاره عندما يكتشف في نفسه الرغبةَ في أن يدقق فيما حوله ويتخذ مواقفَ ... ينفجرُ إن لم يستطع التعبير عنها ?‏

ألا يجب أن نمنح الصحافة حق الحرية : باستقلالية (مطبخ الأخبار) كما يحصل في الدول الديموقراطية ; وبتعدّد الأصوات كأن تختصّ إحداها بالقضايا العربية والدولية , والأخرى بالقضايا المحلية ; أوأن نترك لها ¯ لهيئة تحريرها ¯ حقّ الاختيار وحق المنافسة مع غيرها ?‏

ونتَّهمُ الصحافة ?!!‏

مرة قال بعض أعضاء مجلس الشعب لمسؤول إعلامي سابق : (لماذا لاتكونون ك¯ BBC (هيئة الإذاعة البريطانية) ? ) أجابهم : ( عندما تكونون كمجلس العموم البريطاني).‏

">anhijazi@scs-net.org‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية