معها إلى فتح أفواههم بتصريحات تشير إلى مدى استمرائهم القتل والتدمير, وما ذلك عليهم بغريب فهم خريجو مدارس الجريمة الأولى في العالم, وعلى صدورهم تتأرجح أوسمة القتل والتشريد والإبادة, وما شئت من مفردات تدل على أن الخيط الرفيع الذي قد يربطهم بالإنسانية انبت منذ زمن غابر بعيد.
ولعل مزاد التصريحات الجنونية كان حامي الوطيس خلال الآونة الأخيرة, لذلك اندفعوا زرافات ووحداناً يرفعون عقيرتهم بالتهديد والوعيد, وهذا التهديد يشير إلى حالة الإفلاس السياسي والنفسي التي وصلوا إليها.
كبيرهم الصغير قدراً وقيمة, الذي علمهم القتل وجعلهم أعلام جريمة يشار إليهم ببنان الخزي والعار هو الذي افتتح المزاد, وماهي إلا لحيظات قليلة حتى تقاطر أتباع ( أيهود أولمرت) ومريدوه من الوزراء وأعضاء الكنيست, فقد دبت فيهم الغيرة وعز عليهم أن ينفرد كبيرهم الصغير بتهديد الفلسطينيين وتبشيرهم بالمزيد من الأيام السوداء القاتمة, وراح الساسة الإسرائيليون يدبجون تلك الخطب المنمقة, يحدوهم الأمل الكبير بانتزاع لقب المجرم الأكثر دموية في تاريخ الكيان الصهيوني, بعد أن رؤوا أن رئيس الوزراء الحاقد (أولمرت) بات أوفر المرشحين حظاً لنيل هذا اللقب الذي يعتز به كل من سار على طريق الجريمة والتخلي عن كل ما يربطه بالإنسانية من وشائج وأواصر.
بدأ ( أولمرت) المزاد بالتهديد باغتيال القيادات السياسية لحركة المقاومة الوطنية الفلسطينية حماس في قطاع غزة, وانتفخت أوداجه حتى خشي محبوه المجرمون عليه من الاختناق, وهو يفغر فاه أمام أعضاء حكومته معلناً عزم حكومته على استهداف المسؤولين الفلسطينيين دون استثناء.
لقد حاول ( أولمرت) أن يقترب اقتراباً مباشراً من الحقيقة فخذله خوفه الدائم منها, عندما كشف النقاب عن أن الاغتيالات المنظمة باتت سياسة شبه رسمية اعتمدتها حكومته وظفرت بثقة الكنيست الإسرائيلي, لكنه لم يستطع الوصول إلى الحقيقة كاملة وظل بعيداً عنها, لأن الحقيقة الكاملة تقول إن المسؤولين الفلسطينيين كلهم هدف لآلة قتله وعدوانه, ومعهم الأطفال والنساء والشيوخ وحتى أعضاء المنظمات الإنسانية التي تسعى بما تملك من وسائل متواضعة لتضميد جراح الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة.
ورشات تصنيع المواد الغذائية والخشبية هدف مباح للصواريخ والقذائف الإسرائيلية, ومن يدري فقد تكون هذه الورشات قادرة على جعل هذه المواد صواريخ تنهمر على ( سديروت) وغيرها من المستوطنات الإسرائيلية حسب منطق ( أولمرت) ويا له من منطق!.
تلا ( أولمرت) في المزاد نائب رئيس الوزراء ( حاييم رامون) فلم يجد أمامه إلا العودة إلى سجل إسرائيل الحافل بالاغتيالات, فأعاد إلى الذهن الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل عندما أقدمت على اغتيال الشيخ الجليل ( أحمد ياسين) مؤسس حركة حماس عام ,2004 وذكر أن على إسرائيل التي ارتكبت هذه الجريمة النكراء أن تمطر مناطق غزة بوابل من النيران. ولم يأت وزير الحرب ( ايهود باراك) بجديد عندما قال: إن الجيش الإسرائيلي سيواصل بكل السبل ضرب واغتيال القيادات الفلسطينية في قطاع غزة.
أما ( زئيف بويم) وزيرالإسكان الإسرائيلي فوجد الفرصة متاحة للتعبير عن حجم مخزونه الاحتياطي الذي يفيض عنصرية وشحناء فقد وصف قادة حماس ( بالأفاعي) معلناً تأييده لاغتيالهم, وهم في رأيه بمنأى عن أي حصانة, وذكر بأن حصانة قادة حماس حالياً لاتختلف عما حصل للشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي اللذين استشهدا عام 2004 في اعتداءات إسرائيلية.
ولا بأس من تذكير هذا الوزير الإسرائيلي وغيره من ساسة الكيان الصهيوني أن قادة حماس يفتحون صدورهم للبنادق الإسرائيلية غير خائفين, وهم يعملون في وضح النهار, يقدمون التضحيات الكبيرة دفاعاً عن عروبة فلسطين وحق أبناء شعبهم في بناء الدولة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف أولى القبلتين ومسرى النبي محمد عليه السلام, أما القادة الإسرائيليون فهم الذين يلوذون بالجحور, ويقيمون أطيب علاقة مع الليل والظلام فهم خفافيش أدمنت الظلمة لأنهم يكرهون الحقيقة ويخشونها.
إسرائيل هي التي تختبىء في الجحر, تهرب من قرارات الأمم المتحدة, وتفر من مواجهة الحقيقة عندما تفكر في الجلوس للتفاوض مع جيرانها العرب لإقامة السلام العادل الشامل الذي يعيد إلى كل ذي حق حقه.
لقد جربت إسرائيل مراراً وتكراراً سياسة التدمير والاغتيالات فلم تحصد إلا الفشل الذريع, كانت تعتقد أنها ستلقي الرعب في قلوب الفلسطينيين بسياستها الحمقاء هذه فإذا بالرعب يستحيل تصميماً على التصدي للإرهاب الإسرائيلي, ومزيداً من التشبث بالأرض والحقوق, خسرت إسرائيل بسياستها تلك حتى أولئك الذين خدعوا بها يوماً فتعاطفوا معها وبات هؤلاء على قناعة أن إسرائيل هي المعتدية الغاصبة, وأن الفلسطينيين هم أصحاب الحق الشرعيون, وأنهم سينالون هذا الحق اليوم أوغداً وإن غداً لناظره قريب.