من طرحه أرئيل شارون عام 2004 في بيان ألقاه على الكنيست الإسرائيلي وتتلخص خطة المشروع في إلزام كل شاب عربي بأن يساهم خلال فترة زمنية في خدمة المجتمع سواء في الأجهزة الأمنية أو عن طريق العمل في المؤسسات المجتمعية مثل المشافي والمراكز الجماهيرية, قد شكل شارون لهذا الغرض لجنة كانت برئاسة ديفد عيفري قائد سلاح الطيران السابق وقدمت اللجنة توصياتها لوزير الأمن الإسرائيلي في آب من عام 2004 وجاء في تلك التوصيات: (إن اللجنة توصي بفتح إطار الخدمة المدنية لأبناء وبنات الوسط العربي بهدف إيجاد بديل للخدمة العسكرية لهم.... بإقامة بديل يسمح للشباب العرب بخدمة الجمهور والمجتمع والدولة معاً... بدل إضاعة طاقات اليهود الذين يخدمون في الجيش في الخدمة الميدانية كجزء من الخدمة العسكرية).
وبالفعل عملت الحكومة الإسرائيلية بهذه التوصية وأسست مديرية خاصة لتطبيق الخدمة المدنية على الشرائح التي لا تخدم في الجيش المتدينين اليهود والشباب العرب بعد أن رأت أن هذه الخدمة يجب أن تشمل المتدينين اليهود الذين يتهربون من الخدمة العسكرية بحجة التفرغ للعمل الديني من جهة ويكون ذلك مقنعاً لتجنيد شباب الوسط العربي الذين لا يخدمون في الجيش كي لا يعتبر هذا العمل موجهاً ضد الشباب العرب فقط.
لقد رفضت الأوساط العربية هذه الخدمة بكل حزم منذ انطلاقتها وسارعت المنظمات الشبابية والاجتماعية إلى تنظيم مؤتمرات وندوات وحملات وطنية لمناهضة هذه الفكرة الخبيثة وتوعية الوسط العربي بمختلف شرائحه عن خطورتها لأنها تسعى إلى تذويب الهوية الوطنية الفلسطينية وتأمين خدمات أمنية للسلطات الإسرائيلية وتوفير جزء من الطاقة البشرية لصالح الجيش الإسرائيلي, ومع أن السلطات الإسرائيلية حاولت تمرير هذه الخديعة بغلاف الخدمة المدنية (الوطنية) في أماكن شعبية مثل المشافي والجمعيات وصناديق المرضى والأمن الداخلي مقابل بعض المخصصات المالية ووعود بتسهيلات للحصول على عمل وظيفي بعد الحصول على بطاقة تأدية الخدمة... لكن الشباب العرب رفضوا هذه العروض المبطنة.
وفي هذا الإطار تشكلت تنظيمات ولجان عربية لمناهضة هذا المشروع وعقدت لقاءات ومؤتمرات خلال العام 2007 من أهمها المؤتمر الذي دعت إليه /جمعية بلدنا/ جمعية الشباب العرب في حيفا وشاركت فيه كافة الأطر السياسية والحزبية العربية تحت شعار /أنا مش خادم/ وتمت الدعوة لتأسيس ائتلاف شبابي مكون من عدة قوى سياسية واجتماعية على رأسها الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة- والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة أبناء البلد والحركة الإسلامية والحركة العربية للتغيير.
ويهدف هذا الائتلاف الشبابي إلى توحيد جهود كل القوى من أجل العمل ضد مشروع الخدمة المدنية على الصعيد الشعبي والإعلامي والقانوني كما حضر المؤتمر عدد من الشخصيات العربية منهم المطران عطا الله حنا والنواب جمال زحالقة وإبراهيم صرصور والشيخ رائد صلاح, وقال النائب زحالقة في مقابلة مع موقع يديعوت احرنوت (سنعتبر كل من يتطوع للخدمة المدنية /أجرب/ سيلفظه المجتمع الفلسطيني) وقال الشيخ رائد صلاح في كلمته (واضح جداً عندما نقول الخدمة المدنية ستؤدي إلى الخدمة العسكرية وخلع الهوية الفلسطينية فيكفي هذا التعريف ليكون لغة إقناع لنحارب الخدمة المدنية).
كما ذكر موقع /بيتنا/ في 8/11/2007 أنه تم تشكيل لجنة لمناهضة الخدمة المدنية وكافة أشكال التجنيد المنبثقة عن لجنة المتابعة ورئيسها المحامي أيمن عودة وقد أكد عودة أن المواطنين العرب عارضوا الخدمة المدنية من منطق ديمقراطي يرفض اشتراط حقوق المواطنين العرب أهل البلاد الأصليين فحقوقهم مشتقة من مواطنتهم وانتمائهم لوطنهم ورفضوا الخدمة لأنهم رفضوا الارتباط بوزارة الأمن الإسرائيلية, وقال عودة إن الأجهزة الأمنية العسكرية التي تُجرم بحق الشعب الفلسطيني وتقمع نضالنا داخل (إسرائيل) هي ليست عنواناً للانضمام لها وإنما عنوان للنضال ضدها...
بهذه الروح الوطنية العالية وهذا الإجماع الفلسطيني يواجه عرب الأراضي المحتلة هذا المشروع الإسرائيلي الجديد الذي يأتي في وقت تصر فيه (إسرائيل) على تأكيد هويتها العنصرية بالمطالبة بتحديد الهوية اليهودية للدولة على غرار نظام الأبارتيد البائد الذي كان في جنوب أفريقيا ومن هنا تبدو خديعة الدولة اليهودية لأسرلة المواطنين العرب الأصليين فهي بالأصل ترفض اندماجهم باليهود وتعتبرهم أساس المشكلة الديموغرافية التي تعاني منها لذا من الواضح أن (إسرائيل) تريد أن تسخر هؤلاء الشباب لخدمة الأمن الداخلي الإسرائيلي وتوفير الطاقة البشرية اليهودية الشابة للخدمة الميدانية بالكامل عوضاً من أن يتسرب قسم منها للخدمة في الأماكن الداخلية كما أن (إسرائيل) في هذه الحالة تحاول أن تؤطر الطاقة الشبابية العربية في الخدمة الأمنية بشكل غير مباشر للسيطرة على مستقبل عائلاتهم ومعرفة التفاصيل الدقيقة عن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وربطهم أكثر بالمجتمع اليهودي ومصلحة الدولة اليهودية لقاء بعض الإغراءات المالية المؤقتة...
إن موقف الشباب من عرب /48/ داخل فلسطين المحتلة يستحق الدعم والتقدير والتأييد من قبل المنظمات الشبابية العربية والجهات الرسمية العربية التي تناضل للحفاظ على عروبة شعب فلسطين في الأراضي المحتلة ولا بد من إيجاد وسائل مادية لمساعدتهم في النواحي المعنوية والإعلامية وحتى الاقتصادية ليستمروا في صمودهم ورفضهم لخدمة أمن العدو وتلبية مخططاته ومشاريعه التي تهدف إلى تذويب الهوية الفلسطينية والهوية الوطنية العربية لإخوتنا العرب داخل فلسطين المحتلة.