تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحكواتي... ربط الماضي بالحاضر وسردٌ لسير الأبطال

دمشق عاصمة الثقافة
الأحد 17/2/2008
رانيا خطيب

عرفت دمشق الحكواتية في المقاهي الشعبية حيث كانوا ينشدون الأشعار ويروون السير وكانت الآلات الموسيقية

كالربابة ترافق إنشادهم وأحاديثهم. وقد عرف المقهى في الشام ابتداء من عام 1750م حيث يجتمع فيه الحكواتي مع الساهرين وتستهل السهرة وتختم بالصلاة على النبي الأمي وفي هذه المقاهي كان الرجال والنساء يشربون الشاي والقهوة وكان للحكواتية مقام محترم بين الناس إذ كان يقترن كلامهم بتمثيل السير الشعبية.‏

دورهم في الحروب‏

لعب الحكواتي دوراً في الحروب النفسية ضد التتار قبل معركة عين جالوت الشهيرة عام 658ه ففي تلك السنة لعب الحكواتي دوره في المعركة حيث قتل الأمير ركن الدين بيبرس مئة جندي من الصليبيين كانوا في طريقهم إلى التتار لمناصرتهم وألبس بيبرس لباس الحكواتية لمئة جندي من العرب وأرسلهم مكانه لبث الإشاعات في صفوف التتار ولبث الرعب في أعداء العرب بأحاديثهم عن شجاعة جنود العرب.‏

مهنة يتوارثها الأبناء عن الأباء‏

كانت هذه المهنة متوارثة من جيل لآخر فالابن يأخذها عن الوالد وكانت الدكاكين تؤجر أجزاء من السير لمن يريد أن يقرأها مقابل خمسة قروش حتى عام 1945 حيث فقدت هذه السير بعد ذلك وكان الحكواتي في ذلك الوقت أفضل من (الكركوزاتي) وهذه السير متوارثة جيلاً بعد جيل ولا يعرف كاتبها ولا يعرف مصدرها.‏

ومن السير المشهورة التي كانت تسرد: سيرة عنترة بن شداد باللغة الفصحى وسيرة الملك الظاهر بيبرس باللغة العامية. ومن المقاهي التي كانت تعرف الحكواتي: مقاهي حي الصالحية وحي العمارة وحي السويقة ومقهى النوفرة.‏

تأثير السير على الناس‏

النص في السير الشعبية له قدرة عجيبة على التقاط الناس والتأثير فيهم فكان الحكواتي يرتجل الحوار ارتجالاً مثيراً للعاطفة منتزعاً إعجاب رواد المقهى الذين كانوا من أكابر الناس وبكوات الحارة, وكان يجيد تقليد جميع اللهجات وجميع الشخصيات فهو يعرض مسرحية صغيرة ذات حبكة واضحة فيعرف كيف يبدأ ومتى ينتهي وأين يختم السهرة وله طرق عديدة وخاصة في شد انتباه الجمهور وطرق متعددة في التشويق.‏

تجسيداً لمكارم الأخلاق‏

كان الحكواتي من خلال قص السير يركز على بث مكارم الأخلاق والشجاعة والفداء في نفوس القوم من خلال تجسيد هذه السمات في شخصية أبطال هذه السيرة الذين يحالفهم الحظ فيها ومنهم الذين يتصفون بالكذب والبخل والغدر والنكث بالعهد وكان الناس في المقهى ينقسمون إلى فئة تناصر البطل وتتحمس له وفئة أخرى تعارضه وهو ما كان يسبب في بعض الأحيان وقوع خلافات بين الطرفين فيقوم الحكواتي باستغلال ذلك ويحبك القصة ويصعد الأحداث إلى أن تتوقف عند عقدة يكون فيها البطل في موقف حرج على أمل اللقاء بهم في اليوم التالي ليتابع لهم السهرة.‏

مرشد اجتماعي‏

يسعى الحكواتي دائماً إلى حماية التراث القيم من الفناء ويروي قصصاً شعبية تخدم حدثاً يعيشه أهل الحي يجيدون فيها عبرة وعظة ويحاول تقديم نصيحة معينة وهو بذلك يقوم بدور المرشد الاجتماعي الذي يرى الخطأ ويحاول إصلاحه ولكن من خلال القصص والأمثال الشعبية.‏

في الماضي كان الجمهور قاصراً على كبار السن فكانت حكراً على الرجال أما في الوقت الحالي فالأمور اختلفت كثيراً فالنساء والرجال أصبحوا يجلسون معاً بالمقهى ويستمعون للحكواتي وهم يرتشفون الشاي والقهوة ويدخنون الأراكيل أيضاً وفي بعض الأحيان يأتي السياح الأجانب للمقهى ولكن بدافع الفضول فقط.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية