تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل تملك إسرائيل مبادرة سلام؟

الغارديان
ترجمة
الاثنين 22-12-2008م
ترجمة: ريما الرفاعي

أي مراقب للتراجيديا الفلسطينية- الإسرائيلية لابد ان يلاحظ محاولة كل طرف ان يعلم الطرف الآخر كيف عليه أن يفكر ويتصرف ويرصد بدقة الاخطاء التي يرتكبها الخصم متجاهلاً أخطاءه هو نفسه،

لقد أحصيت شخصيا 11 فعل أمر موجهة للفلسطينيين في المقالة المختصرة التي نشرها قبل أيام السفير الاسرائيلي في لندن رون بروسر عبر صحيفة الغارديان.‏

ولم يكن هدفي من هذه الاحصائية التركيز على التناقضات الواردة في مقالة السفير ولا أفكاره الخاطئة أو تفاهاته ( التي تحتاج إلى مقال خاص بها) بل من أجل الاستفهام عن غاياته من كتابة مثل هذا المقال المشوش والمتخبط، لماذا بدأ مقاله بالاشارة إلى مبادرة السلام العربية كشيء ايجابي وبعد ذلك مزقها شيئا فشيئا؟ المعنى الواضح لكلامه انه لم يحاول جديا فهم المبادرة أو تفهم سياقها.‏

منذ زمن ليس بالبعيد قدمت الدول العربية اقتراحا بإجراء سلام شامل مع تطبيع للعلاقات بين الدول العربية واسرائيل وقد فرح بعض الاسرائيليين بتلك المبادرة. وبشكل مخالف لآراء السفير الاسرائيلي هنا، كانت المبادرة العربية التي صدقت عليها دول الجامعة العربية و57 دولة من الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي انقلابا غير عادي على لاءات الخرطوم الثلاث التي اتخذت بعد أشهر من حرب 1967 ، بالطبع هناك شروط أو كما يقول بروسور، بحاجة إلى مفاوضات ثنائية بينما لم تشر المبادرة العربية بشكل صريح إلى أن هذه المفاوضات يجب أن تكون مباشرة انها ليست مسودة اتفاق سلام ولكن جملة من الشروط والمعايير تبتعد عن المواقف العربية السابقة ازاء اسرائيل.‏

انها تؤكد التزام الدول العربية بـ:‏

- اعتبار الصراع الاسرائيلي- العربي منتهيا.‏

- توقيع اتفاقية سلام مع اسرائيل.‏

- توفير الأمن لجميع دول المنطقة.‏

- تطبيع العلاقات مع اسرائيل في سياق الاتفاق الشامل.‏

في المقابل دعت المبادرة العربية اسرائيل إلى:‏

-انسحاب اسرائيلي شامل من جميع الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967.‏

- تحقيق حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 194.‏

- قبول اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على الاراضي المحتلة منذ 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها.‏

من خلال السياق السياسي في الشرق الاوسط، ربما لا تكون هذه الطلبات بمثابة لقطات فوتوغرافية لايمكن زحزحتها والارجح انها جزء من بانوراما مكشوفة وبالنسبة للبندين الاول والثالث اصبح من المفهوم ( على الاقل منذ محادثات طابا عام 2001) انه في اطار حل الدولتين فإن الصورة النهائية للحدود بين اسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية سوف ترتسم عبر المفاوضات وفي اطار مبدأ مقايضة الاراضي. أما بالنسبة إلى بند اللاجئين فإن الجانب العربي يصر على حل قضية اللاجئين وفقا للقرار 194 المتضمن حق العودة وهو ما تعتبره اسرائيل تهديدا للطابع اليهودي للدولة.‏

وتجدر الملاحظة ايضا أن المبادرة العربية تنص على اعتبار القدس الشرقية فقط، وليس القدس بأكملها ( كما كان الطرح العربي في السابق ) تكون هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وهي اشارة إلى أن العالم العربي جاهز في المستقبل للاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل وهذا تطور ملحوظ يعطي الضوء الاخضر لبقية دول العالم لاتباع هذا النهج وبهذا يتحقق الحلم الاسرائيلي منذ قيام اسرائيل في 1948 إنه لأمر مؤسف أن هذا التطور الملحوظ في الموقف العربي يعتبر في بعض الاوساط الاسرائيلية إن لم يكن كلها كتهديد وعائق وهزيمة. وفضلا عن ذلك، لابد أن نلاحظ التغيير في النبرة واسلوب التعبير لدى الجانب العربي والذي كان يقوم في الماضي على صيغ المطالبة والفرض بينما يستخدم اليوم عبارات مثل يدعو ويحتاج.. الخ كم سيكون الامر بناء لو ان الطرفين يكفان عن الطلبات واعطاء ملاحظات للطرف الآخر ويعكف كل طرف على سؤال نفسه ما المساهمة الايجابية التي يمكن تقديمها للتوصل إلى عملية سلام حقيقية. وفي هذا السياق لابد أن نعتبر المبادرة العربية بداية بناءة. وقد طلبت هذه المبادرة من اسرائيل أن تعلن ان السلام خيارها الاستراتيجي وهذا طلب منطقي لانعلم لماذا لا تستجيب له اسرائيل . دعونا ندعو السفير الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية الى القيام بمبادرة سلام اسرائيلية تقدم فيها مفهومها للسلام. وأود أن اسمع رأي السفير بروسر في هذا الشأن.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية