ومنها الصناعات المربحة، وجمد العديد من رؤوس الأموال لدى المستثمرين لتردي الأوضاع في المدينة العريقة بصناعتها وتركيبتها الاقتصادية بسبب الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المسلحة .
وقد انهارت الصناعة في حلب عندما ضرب فيها الإرهاب المصانع وأحرقها ،وأثر ذلك على حياة المواطنين حيث كانت توفر تلك المصانع على اختلاف المواد والسلع التي تنتجها فرص العمل لآلاف المواطنين ،ناهيك أن تخريب الجسد الصناعي في حلب قد انعكس سلباً على حياة المواطنين وأدى لارتفاع في أسعار السلع الغذائية وأسعار الملبوسات والمفروشات وما إلى هنالك من صناعات كانت حلب الرائدة الأولى فيها .
وتعتبر مدينة حلب في الشمال السوري من أهم المدن التجارية والصناعية في سورية فالاقتصاد الحلبي يعتمد على صناعات متنوعة وأسواق واسعة لتصريف معظم المنتجات الصناعية.
بعد دخول الجماعات المسلحة مدينة حلب راح الإرهاب ينشر الخراب في أروقتها عابثاً بها بشتى أنواع الأسلحة واعتمدت تلك الجماعات سياسة الحصار الاقتصادي والحرمان من أهم ضرورات الحياة الصناعية والتجارية بل والإنسانية.
وتوقفت المنشآت الصناعية الكبيرة المتخصصة بالغزل والنسيج منذ أن بدأت الجماعات المسلحة بالانتشار الواسع في المدينة وممارسة عمليات التخريب الممنهج ضد المصانع الكبيرة والصغيرة وما يشاكلها من فعاليات اقتصادية وصناعية متوسطة وصغيرة ، وقامت معظم المصانع بإغلاق أبوابها بسبب انعدام الأمن وتدهور الظروف التي تقوم عليها الصناعة بشكل عام وتقويض الهياكل الصناعية وما تحتويه من تجهيزات وآلات وحرقها بالكامل .
وحاول أبناء حلب الاستمرار والعمل في أقسى الظروف حتى إن العمال كانوا يأتون إلى العمل بالرغم من الخطر الذي يتهددهم نتيجة أعمال القنص والتخريب لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار ،لكل تلك الأسباب أضف إلى ذلك انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات بسبب أعمال التخريب التي مورست ضد قطاع الطاقة وشبكات الاتصال، وتوقف العمل بشكل كامل عندما ندر التيار الكهربائي كما ندرت الوسائل البديلة والمواد التي تستعمل لتشغيل المولدات.
وهكذا أغلقت المصانع كما توقف دخل آلاف العمال ،وراح الإرهاب يحاصر الصناعيين في حلب حصاراً اقتصادياً خانقاً وضاغطاً ،ولم تكن تمر أية شاحنة من أي مدخل إلا ويقوم المسلحون بنهبها أو إحراقها ما أدى إلى توقف حركة نقل البضائع من وإلى حلب وبقي سوق الاستهلاك سوقاً داخلياً فقط.
ولو كانت الظروف طبيعية لاختلف الأمر، فمدينة حلب مدينة كبيرة جدا وسوقها الداخلي يستهلك الكثير من البضائع أما الآن ،فقد ضعفت القوة الشرائية وضعف معها السوق الاستهلاكي، لكن بالرغم من إغلاق المصانع توجد في بعض المستودعات بضائع مخزنة دون سوق استهلاكية ودون تصدير داخلي أو خارجي ما يجعلها عرضة للحرق نتيجة نيران المسلحين .
وعلى مستوى معمل صغير من معامل الألبسة في حلب فإنه يحتوي على أكثر من مئة عامل وعليه يمكن أن نقيس مدى الضرر الذي لحق بالعمال ومصادر رزقهم ، وتعتمد صناعة الألبسة الجاهزة على الأقمشة المستوردة فالأقمشة هي المادة الأولية الرئيسة وقد توقف استيراد أية مادة أولية بسبب سياسة الحصار والنهب والإرهاب التي تمارس على المدينة .
الإرهاب الذي ضرب حلب أدى إلى تدهور اقتصادي كبير في قطاع الصناعة أفضى لنتائج كارثية قد يستغرق ترميم ما نتج عنها فترات زمنية طويلة ،ناهيك عن المواطنين الذين يتحملون يومياً كل الظروف السيئة ويصمدون أمام الإرهاب الذي دمر صناعتهم وحرمهم من فرص عمل هم أحوج ما يكونون إليها .